القاهرة - محمد أحمد
في حي "الدرب الأحمر"، الحي الشعبي العريق، الذى سقط بين رحي الإهمال و البلطجة، رغم وجوده خلف مدرية أمن القاهرة، تم هدم العقار الملاصق لسبيل وكتاب "مسجد أبو حريبة"، وقد تم الهدم يشكل تدريجى وعلى فترات زمنية متباعدة من الجزء الخلفي له وهو يحمل رقم"43"، رغم وجود تقرير هندسي يفيد أن العقار بحالة جيدة ولا توجد به أي خطورة داهمة أو عيوب فنية توجب هدمه، مقدم من"مصطفى محمد عبد الهادي" مستأجر لأحد المحلات بهذا العقار، وبعد إرساله شكاوي متعددة منذ علمه بصدور قرار هدم العقار الصادر من حي وسط القاهرة بتاريخ 5/9/2012، إلي "وزارة الآثار، ومحافظة القاهرة، ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، ومدير عام الملكية العقارية للأوقاف، ومدير عام هيئة الأوقاف، وإدارة المساحة و الأملاك" وطالب بتشكيل لجنة من وزارة الآثار لمعاينة العقار وإبداء الرأي فيما إذا كان العقار أثريا ويقع ضمن المباني ذات الطراز المتميز من عدمه، ولكنه لم يتلقى أي رد منهم على شكواه.
يتسم "حي الدرب الأحمر"، بتنوع الآثار الإسلامية، مابين المساجد، والأسبلة، والبيوت العتيقة ذات الطرز الإسلامية الفريدة من نوعها التي تسر الناظرين، علي جانبي الشوارع الضيقة، التي لم يلتفت لها أي مسئول منذ فترة طويلة، على حسب قول سكان المنطقة.
المشهد السابق جزء من الانتهاكات التي تتعرض لها جميع الآثار الموجودة في تلك المنطقة وخاصة شارع "أبو حريبة"، فحالات التعدي أو الإهمال في ترميم الآثار المسجلة، بالإضافة إلي التراخي فى تسجيل البيوت التاريخية، التى رصدها"نوريحيى" باحث في الآثار الإسلامية، مما يؤدي إلي هدم بعض تلك البيوت القديمة لبناء بيوت خرسانية، ويرجع هذا الأمر إلي غياب مفتشين الآثار بشارع "أبو حريبة"، وعندما تحدث إلي المسؤولين في وزارة الآثار عن ما تتعرض له الآثار من إهمال وعدم رقابة عليها، كان ردهم "إن الآثار الإسلامية ليست لها نفس أهمية الآثار الفرعونية التي تشهد إقبالا من الأجانب".
عم"هشام"، الرجل الستينى، صاحب ورشة تصليح الأحذية، الموجودة أسف مسجد"قجماس الإسحاقى" والمعروف باسم مسجد"أبو حريبة" يحكى وهو جالسا خلف ماكينة تصليح الأحذية، متأثرا لما حدث"البيت دا أتحرق مرتين فى سنة واحدة، دا غير المحلات اللي قفلت بعد ما صاحب البيت طفش اللي شغاليين فيها، عشان يقدر يهد براحته ويبنى مكانه برج"، ويوجد بين العقار المهدم وكتاب "أبو حريبة" بوابة قديمة ذات طابع إسلامي، تأثرت من جراء أعمال الهدم، وتم وضع عارضة خشبية لمنع سقوطها، وعن ذلك يقول"أن مفتشيين الآثار جم وقت الهدد واجبروا صاحب البيت أنه يسيب البوابة عشان قديمة وشكلها اثري"، ولكنها سوف تسقط بطبيعة الحال بمرور الوقت، ويخرج من جيبه ورقة نقدية فئة الخمسين جنيها"مينفعش الجامع المرسوم عليها يبقى مهمل كده، ومفيش رقابة عليه، وكل شوية بيت يتهد عشان صاحبه ليه معارف وواصل" قالها متحسرا على ما وصل إليه حال المسجد، وما حوله من إهمال.
يؤكد الدكتور مختار الكسبانى، مستشار الوزارة لقطاع الآثار الإسلامية ، أن مسجد "ابوحريبة" له أهمية تاريخية ويدخل ضمن تطوير القاهرة التاريخية الثانى، لاستكمال التطوير في شارع المعز و الغورية والمنطقة التي خارج باب زويلة، ويعد من المساجد المعلقة، لوجود دكاكين أسفل منه، وظهر فيه لأول مرة الأبواب الجرارة، بالإضافة غلي توقيع خطاط وصانع رخام المسجد مكتوب فى محراب القبلة "عمل عبد القادر النقاش"، ونظرا للانفلات الامنى والاخلاقى خلال الفترة الماضية شجع الطامعين، علي هدم بعض المنازل ذات الطابع الاثرى وبناء اخرى حديثة، وأضاف أن اي بناء ما لم يسجل في اللجنة الدائمة في وزارة الاثار يخرج من قايمة الاثار ولكن تظل له الأهمية التاريخية والفنية، ويلزم تصريح من وزارة الاثارة عند التعامل معها، خاصة المبانى الملاصق لاثر.
وحسبما يقول "مصطفى محمد عبد الهادى" صاحب محل الفضيات، والمستأجر منذ عشرون عام لأحد المحلات الموجودة فى العقار المهدم، فأن هناك شخص يدعى"ح.ك.ح" قام بشراء العقار، رغم أن هذا العقار وقف لصالح السيدة"نفيسة قادون بن البيضاء"، وهذه ليست أول مرة، فقد أشترى أمثر من قطعة ارض وهدم ما عليها لبناء عمارات خديثة، بالإضافة لبناءه مصنع لتقطيع الالومنيوم خلف مدرسة خطاب، وقد صدر له قرار بهدم العقار من الحي، رغم حضور لجنة من قطاع الىثار الإسلامية و القبطية، واصدرت تقريرا يوكد أن العقار جزء من نسيج الشارع التاريخى و الاثرى ولا يجوز هدمه.
وأضاف "السعيد حلمي"، مدير عام المناطق التابعة لمنطقة آثار الدرب الأحمر والسيدة عائشة، أنه فى حالة هدم العقار الملاصق لسبيل و كتاب "أبو حريبة" يجب أخذ 4 متر حرم طبقا لقرار اللجنة الدائمة فى وزارة الآثار، مؤكدا أن عرض بوابة العقار ذات الطراز الإسلامي 1.8متر ويجب عدم هدمها ويضاف عليها 2.2 متر باقي حرم الأثر.
أما عن مسجد"أبو حريبة" ، فهناك عقارين تم بناءهما في حدود حرم المسجد احدهما خالف الترخيص الممنوح له والآخر لم يحصل على ترخيص بناء، وقد صدر قرار إزالة لكل منهما، ولكن لازالت هذه القرارات تحت الدراسة الأمنية على حسب قول "السعيد حلمي".
وهذا المشهد تكرر مع مسجد "طنبغا الماردانى"،الذي يعانى من الإهمال منذ فترة طويلة، فجدرانه متصدعة، وتم سرقة جميع الحشوات الخشبية من منبره، بالإضافة الى تراكم الكراكيب فيه، ورغم كل هذا لم تلتفت له "منطقة آثار الدرب الأحمر والسيدة عائشة"، واكتفت فقط بارتفاع المنزل الذي يتم بناءه بجوار المسجد على ألا يزيد عن ثلاث أدوار ولم تعلق على البناء داخل حرم الأثر، حيث تم البناء على مسافة 3 أمتار من المسجد رغم أن حرم أي اثر يجب ألا يقل عن 4 أمتار كما أكد "السعيد حلمي"، فمن يزور حي "الدرب الأحمر" يرى مدى القبح الذي نسج خيوطه في المكان، والإهمال التي تتعرض له الآثار الإسلامية أو المباني القديمة