القاهرة ـ جهاد التوني
استضافت العاصمة الإيطالية روما مؤتمر "نكست ميد"، الذي جمع أكثر من 500 مسؤول، من المفوضية الأوروبية، والاتحاد الأوروبي الذي ترأس دورته إيطالي في المرحلة الراهنة، ودول منطقة البحر الأبيض المتوسط، وقيادات "الاتحاد من أجل المتوسط"، ومنظمات الأعمال والمجتمع المدني، ومسؤولي أكثر من 95 مشروعًا إقليميًا، ممولين من الاتحاد الأوروبي.
وناقش المؤتمر إنجازات المرحلة السابقة من برنامج التعاون المشترك في حوض البحر الأبيض المتوسط، والتحديات التي طرأت على المنطقة، لوضع أولويات المرحلة الجديدة، التي ستبدأ في عام 2015، وحتى 2020، بموازنة تتجاوز 280 مليون يورو.
وأعلن أمين عام اتحادي الغرف المصرية والأوروبية علاء عز، عن توصيات وأولويات القطاع الخاص الأورومتوسطي، في الجلسة الختامية للمؤتمر، مؤكّدًا "أهمية التركيز على خلق فرص عمل، عبر دعم مبادرات فعالة لنقل التكنولوجيا وأساليب الإدارة الحديثة، والربط بين المشاريع الكبرى والخدمات الداعمة لها، من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتعاون الأورومتوسطي في فتح أسواق دول ثالثة، وتعميق منطقة التجارة الحرة الأورومتوسطية مع التركيز على التكامل في سلاسل الإمداد والنقل واللوجيستيات".
وألقى المؤتمر، الذي رعته الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي، الضوء على تعزيز التعاون بين دول المنطقة في إطار آلية الجوار الأوروبية الجديدة، كمساهمة لتحقيق التكامل في منطقة البحر الأبيض المتوسط، عبر عرض وجهات النظر الاقتصادية، والسياسية، والإجتماعية، والثقافية والحضارية.
ومن جانبه، أوضح حاكم مقاطعة سردينيا، التي تتولى مهمة الإدراة المشتركة لبرنامج التعاون المشترك عبر الحدود لحوض البحر الأبيض المتوسط "ENPI CBC Med"، فرانشيسكو بيلياروا، أنَّ "البرنامج يمثّل، منذ عام 2007، منصة فعالة للتعاون بين الإدارات العامة، والمؤسسات المحلية، والاتحادات والغرف التجارية، والجامعات، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص".
وعرض بيلياروا، أثناء إفتتاحه المؤتمر، نتائج البرنامج، التي اعتبرها "مساهمة إيجابية لمسار التعاون في القضايا ذات الأهمية القصوى للدول المشاركة؛ تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إدارة الموارد البيئية الهشة وتعزيز الإرث الثقافي المشترك".
وأشاد بدور مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بتوفير المزيد من الإهتمام لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، معربًا عن "ضرورة تعزيز المساحة المخصصة للعلاقات الأورومتوسطية في السياسة الخارجية العامة للاتحاد الأوروبي".
وناقشت الجلسة الأولى "التحديات الجديدة للتعاون المتوسطي"، والتي تمت مناقشتها من طرف ممثلي ضفتي المتوسط، وبمشاركة كل من نائب وزير الدولة للشؤون الخارجية في إيطاليا بينيدتو ديلا فيدوفا، والسكرتير البرلماني لرئاسة الاتحاد الأوروبي 2017 في مالطاإيان بورغ؛ والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط فتح الله السجلماسي، والسفير الإسباني لشؤون المتوسط غابرييل بوسكيتس، والمساعد السابق لوزير الخارجية المصري نهاد عبد اللطيف، والنائب في البرلمان الأوروبي ريناتو سورو.
واستعرض المشاركون في الجلسة الأولى النتائج الإيجابية للبرنامج كوسيلة للإستمرارية في تفعيل التعاون لمواجهة التحديات المشتركة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والتي تتطلب تضافر الجهود والتنسيق بين الضفتين.
وشدّد بينيديتو ديلا فيدوفا على "أهمية البرنامج بالنسبة للحكومة الإيطالية"، فيما طرح إيان بورغ "الحاجة لبناء الجسور بين الثقافات وبلدان البحر الأبيض المتوسط، وذلك للعمل جنبًا إلى جنب لتعزيز التعاون الكامل والتفاهم المتبادل"، بينما اعتبر غابرييل بوسكيتس أنَّ "الملكية المحلية للمشاريع هي المكون الرئيسي لتعزيز تأثير البرنامج الجديد 2014 -2020".
ولاحظ فتح الله السجلماسي أنَّ "التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة في المنطقة تتطلب منا اتخاذ إجراءات فعّالة والعمل معًا"، مبرزًا أنَّ "مواجهة البطالة تُعتبر من الأولويات، وذلك عبر تعزيز النمو في القطاع الخاص، والإستثمار في الموارد البشرية، وتعزيز مجتمعات شاملة، وتشجيع الإستخدام المستدام للموارد الطبيعية ".
ومن جانبه، أصرّ السفير نهاد عبد اللطيف على "الطبيعة الخاصة للبرنامج الذي يتجاوز الشراكة"، موضحًا أنَّ "الملكية المشتركة هي المحرك الحقيقي للبرنامج وتتيح لجميع الشركاء العمل معًا على المستوى نفسه"، فيما شّدد النائب الأوروبي ريناتو سورو على أنه " ينبغي وضع البحر الأبيض المتوسط في قلب النقاش السياسي في أوروبا".
وركّزت الجلسة الثانية على الإستراتيجية الجديدة لبرنامج التعاون المشترك عبر المتوسط "ENI CBC Med 2014 – 2020"، حيث ترأست الجلسة رئيس برامج "التعاون عبر الحدود" لدى المفوضية الأوروبية بوديل بيرسون.
وعرضت مناقشات الجلسة الثانية لمحة عامة عن الأهداف المواضعية الأربعة، والإحدى عشر أولوية، التي سيشملها البرنامج الجديد، حيث سلّطت رئيس القطاع في التعاون الخارجي الأوروبي آنا سترازكا الضوء على الأهداف الرئيسة لآلية الجوار الأوروبية.
وأكّدت سترازكا أنَّ "البحر الأبيض المتوسط لا يزال يمثل أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي"، فيما أكّدت المدير العام لسلطة الإدارة المشتركة، الإستراتيجية للبرنامج 20140 – 2020 آنا كاتيه، أنَّ "البرنامج سيكون "أكثر مرونة وأكثر مواضيعًا".
وأشارت كاتيه إلى أنَّ "الإستراتيجية المتبناة هي وليدة تحليل للنتائج المكتسبة وللإستشارات الوطنية مع الحكومات المحلية وأصحاب المصلحة"، مبيّنة "الخطوط العريضة التي يجب أخذها في الإعتبار عند كتابة المشاريع المستقبلية، وهي تعزيز القدرات المؤسساتية والتعاون بين الشعوب"، مشددة على أهمية التكامل والترابط مع الاستراتيجيات والمبادرات الأخرى ذات الصلة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وعرض كل من كونستانتيا كونستانتينو (قبرص)، ومفيدة صرارفي (تونس)، والسفير مروان بدر (مصر)، وماركوس ألونسو ألونسو (إسبانيا)، أعضاء لجنة التسيير المشتركة للبرنامج، الأولويات الإحدى عشر المصمّمة تحت الأهداف الموضوعية، والتي تضمنت تنمية الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة؛ والتعليم، والبحث، والتطوير التكنولوجي والابتكار؛ والإدماج الاجتماعي ومكافحة الفقر؛ وحماية البيئة، والتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.
وخصص المؤتمر مساحة للمشاريع المموّلة من طرف البرنامج، عبر تنظيم معرض فوتوغرافي مميّز، إضافة إلى المنشورات التي حملت عنوان "قصص البحر الأبيض المتوسط"، والتي شملت صورًا وقصصًا فريدة من نوعها، تحاكي تطور نشاطات المشاريع الـ95 المموّلة من البرنامج في مجالات النمو الاقتصادي والتنمية الإقليمية، والاستدامة البيئية؛ والتراث الثقافي والسياحة المستدامة؛ ورأس المال البشري.
وأثار المعرض إهتمام الحضور، لذلك ستعمل سلطة الإدارة المشتركة إلى تنظيم المعرض في أماكن مختلفة في منطقة التعاون، في العام 2015.
وشهد المؤتمر جلستين للتركيز على "التنمية الإجتماعية – الإقتصادية"، و"الإستدامة البيئية"، عبر إشراك الجهات الفاعلة والمشاريع في ورش عمل تفاعلية، ناقش المشاركون فيها أهم الإنجازات التي تحقّقت ضمن إطار ثمانية عشر مشروعًا.
واختتم المؤتمر بجلسة عامة، عُرضت فيها التوصيات من طرف أمين عام اتحاد الغرف المصرية والأوروبية الدكتور علاء عز، وديانا قبيطر من غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، الذين أكّدا "ضرورة نقل الممارسات الجيدة التي كلّلتها المشاريع الـ95 لجميع أصحاب المصلحة في منطقة البحر الأبيض المتوسط".
وأكّد السفير مروان بدر أنه "شارك مصر في المرحلة السابقة من البرنامج 44 هيئة عامة وخاصة، عبر التقدم لمناقصات المشاريع، التي تقوم لجان فنية أورومتوسطية بتقيمها واختيار الأفضل منها".
وأضاف أنَّ "منظمات الاعمال المصرية قد نجحت في الحصول على مشاريع إقليمية تجاوزت ربع مليار جنيه في قطاعات الصناعات الغذائية والنسيجية والسياحة والبيئة والطاقة الشمسية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة".