القاهرة_ هناء محمد
وافق مجلس النواب المصري، الثلاثاء، من حيث المبدأ على مشروع قانون الاستثمار الجديد، والذي تتمحور فلسفته حول تهيئة الإطار القانوني المناسب للاستثمار في ظل تعاظم حدة المنافسة الدولية على جذب الاستثمارات الخاصة، مع تحسين بيئة الاستثمار واستقرار المعاملات ورفع درجة الثقة في جدارة النظام الاقتصادي.
وجاءت أحكام مشروع القانون لتتصدى للمعوقات الإجرائية باعتبارها أهم التحديات التي تواجه الاستثمار مثل عدم فاعلية منظومة الشباك الواحد بوضعها الحالي، نظرا لعدم معالجتها لهذه المعوقات بشكل واقعي وقاطع، علاوة على استهداف مشروع القانون زيادة الحوافز التنافسية للاستثمار في مصر.
وتضمنت مواد الإصدار عشر مواد، نصت على سريان أحكام القانون على الاستثمار المحلي والأجنبي أيا كان حجمه، وأن يكون الاستثمار إما بنظام الاستثمار الداخلي أو بنظام المناطق الاستثمارية أو بنظام المناطق الحرة، فضلًا عن عدم إخلال أحكام هذا القانون بالمزايا والإعفاءات الضريبية وغيرها من الضمانات والحوافز المقررة للشركات والمنشآت القائمة وقت العمل به، حيث تظل هذه الشركات والمنشآت محتفظة بتلك المزايا والإعفاءات والضمانات والحوافز إلى أن تنتهي المدد الخاصة بها طبقا للتشريعات والاتفاقيات المستمدة منها.
ونصت مواد الإصدار كذلك على عدم إخلال أحكام هذا القانون بأحكام القانون رقم 7 لعام 1991 بشأن أملاك الدولة الخاصة وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الصادر بالقانون رقم 83 لعام 2002 والقانون رقم 14 لعام 2012 في شأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء.
ونص مشروع القانون على إصدار الوزير المختص بشؤون الاستثمار اللائحة التنفيذية للقانون خلال تسعين يومًا من تاريخ العمل بهذا القانون، وأن يستمر العمل باللوائح والقرارات السارية القائمة في تاريخ العمل بالقانون فيما لا يتعارض مع أحكامه لحين إصدار هذه اللائحة، كما حدد مشروع القانون مبادئ عدة حاكمة للاستثمار، من بينها: المساواة في الفرص الاستثمارية ومراعاة تكافؤ الفرص بغض النظر عن حجم المشروع ومكانه ودون التمييز بسبب الجنس، ودعم الدولة للشركات الناشئة وريادة الأعمال والمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لتمكين الشباب وصغار المستثمرين، وحماية البيئة والصحة العامة والمنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وإتباع مبادئ الحوكمة والشفافية والإدارة الرشيدة وعدم تضارب المصالح، والتأكيد على حق الدولة في الحفاظ على الأمن القومي والمصلحة العامة.
وحول ضمانات وحوافز الاستثمار، أكد مشروع القانون أن جميع الاستثمارات المُقامة في جمهورية مصر العربية يجب أن تتمتع بالمعاملة العادلة والمنصفة، وأن تكفل الدولة للمستثمر الأجنبي معاملة مماثلة لتلك التي تمنحها للمستثمر الوطني، وأنه يجوز استثناء بقرار من مجلس الوزراء تقرير معاملة تفضيلية للمستثمرين الأجانب تطبيقًا لمبدأ المعاملة بالمثل، مع عدم خضوع الأموال المستثمرة لأي إجراءات تعسفية أو قرارات تتسم بالتمييز.
ونص المشروع على أن تمنح الدولة المستثمرين من غير المصريين إقامة في مصر طوال مدة المشروع دون الإخلال بأحكام القوانين المنظمة لذلك، وأن تلتزم الدولة باحترام وإنفاذ العقود التي تبرمها، وأنه في مجال تطبيق أحكام القانون تكون جميع القرارات المتعلقة بشؤون المشروع الاستثماري مسببة ويتم إخطار ذوي الشأن بها.
ووفر مشروع القانون الحماية لأموال المشاريع الاستثمارية حيث نص على عدم جواز تأميم المشاريع الاستثمارية، أو نزع ملكية أموال المشاريع الاستثمارية إلا للمنفعة العامة وبمقابل تعويض عادل يدفع مقدمًا ودون تأخير تكون قيمته معادلة للقيمة الاقتصادية العادلة للمال المنزوع ملكيته في اليوم السابق على صدور قرار نزع الملكية وأن تكون التعويضات قابلة للتحويل دون أي قيد، كما أنه لا يجوز بالطريق الإداري فرض الحراسة على أموال المشاريع الاستثمارية، أو الحجز عليها أو مصادرتها أو تجميدها إلا بناء على حكم أو أمر قضائي نهائي، وذلك عدا الديون الضريبية واشتراكات التأمينات الاجتماعية المستحقة للدولة التي يجوز تحصيلها بطريق الحجز بكافة أنواعه.
وفي إطار حماية المشروع الاستثماري من القرارات التعسفية، نص مشروع القانون على أنه لا يجوز للجهات الإدارية إلغاء التراخيص الصادرة للمشروع الاستثماري أو وقفها أو سحب العقارات التي تم تخصيصها للمشروع إلا بعد إنذار المستثمر بالمخالفات المنسوبة إليه وإعطائه مهلة مناسبة لإزالة أسباب المخالفة.
وحول حق المستثمر في إقامة المشروع والتوسع فيه، أكد مشروع القانون على أنه للمستثمر الحق في إنشاء وإقامة وتوسيع المشروع الاستثماري وتمويله من الخارج بدون قيود وبالعملة الأجنبية وتملكه وإدارته واستخدامه والتصرف فيه وجني أرباحه وتحويلها للخارج وتصفية المشروع وتحويل كل أو بعض ناتج هذه التصفية دون الإخلال بحقوق الغير أو بالقواعد القانونية المنظمة لعمليات الاندماج والاستحواذ.
وبخصوص الحق في الاستيراد والتصدير، منح مشروع القانون الحق للمشاريع الاستثمارية الخاضعة لأحكام هذا القانون أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير ما تحتاج إليه في إنشائها أو التوسع فيها أو تشغيلها من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والآلات وقطع الغيار ووسائل النقل المناسبة لطبيعة نشاطها دون حاجة لقيدها في سجل المستوردين.
ويحق للمشروع الاستثماري استخدام عاملين أجانب في حدود نسبة 10% من إجمالي عدد العاملين في المشروع، ويجوز زيادة هذه النسبة بما لا يزيد عن 20% وذلك في حالة عدم إمكانية استخدام عمالة وطنية تملك المؤهلات اللازمة.
وأعفى مشروع القانون عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن المرتبطة بأعمالها من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر، وذلك لمدة 5 سنوات من تاريخ قيدها في السجل التجاري، مع إعفاء عقود تسجيل الأراضي اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت من الضريبة والرسوم سالفة الذكر، وأن يتم تحصيل ضريبة جمركية بفئة موحدة على الشركات والمنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون مقدارها 2% من القيمة وذلك على جميع ما تستورده من آلات ومعدات وأجهزة لازمة لإنشائها.
وبالنسبة للحوافز الخاصة، منح مشروع القانون المشاريع الاستثمارية التي تقام بعد تاريخ العمل بهذا القانون حافزًا استثماريًا بنسبة 70% خصمًا من التكاليف الاستثمارية في المناطق الجغرافية الأكثر احتياجًا للتنمية، و50% خصمًا من التكاليف الاستثمارية للمناطق الاستثمارية التي تحتاج للتنمية ولا تدخل ضمن نطاق المناطق الجغرافية الأكثر احتياجًا، ونسبة 30% لباقي أنحاء الجمهورية للمشاريع كثيفة الاستخدام للعمالة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمشاريع التي تعتمد على الطاقة الجديدة والمتجددة أو تنتجها والمشاريع القومية والإستراتيجية والمشاريع السياحية وصناعة السيارات والصناعات المغذية لها والصناعات الخشبية وصناعة المضادات الحيوية والأدوية والجلود والصناعات الهندسية والمعدنية.
وفيما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية، أجاز مشروع القانون للمستثمر تخصيص نسبة من أرباحه السنوية لاستخدامها في إنشاء نظام للتنمية المجتمعية خارج مشروعه الاستثماري من خلال مشاركته في كل أو بعض من مجالات تحسين البيئة أو تقديم خدمات أو برامج رعاية صحية أو اجتماعية أو ثقافية أو دعم التعليم الفني أو تمويل البحوث والدراسات وحملات التوعية، والتدريب والبحث العلمي، كما اعتبر مشروع القانون نفقات المستثمر فيما سبق وبما لا يجاوز 10% من أرباحه السنوية الصافية من التكاليف والمصروفات واجبة الخصم من قانون الضريبة على الدخل.
وبشأن نظم الاستثمار، نص مشروع القانون على اقتراح وزارة الاستثمار خطة استثمارية تتضمن وضع خريطة استثمارية تحدد نوعية ونظام الاستثمار ومناطقه الجغرافية وقطاعاته، وأن تصدر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة خلال تسعين يومًا دليلًا يتضمن الشروط والإجراءات والمواعيد المقررة لتخصيص العقارات وإصدار الموافقات والتصاريح والتراخيص المتعلقة بالأنشطة الاستثمارية.
ونص المشروع على أن يتم إنشاء وحدة إدارية تسمى "مركز خدمات المستثمرين" في الهيئة وفروعها لتقديم خدمات تأسيس الشركات وتلقي طلبات المستثمرين لإصدار الموافقات والتصاريح وتخصيص العقارات والتراخيص اللازمة بأنواعها لإنشاء أو إدارة المشاريع الاستثمارية.
وحدد مشروع القانون مدة لا تجاوز ستين يومًا للبت في طلبات الاستثمار التي تقدم إليها من خلال مركز خدمات المستثمرين، وفي حالة انقضاء المدة دون قرار اعتبر ذلك قبولًا لطلب المستثمر.
وفيما يخص نظام الاستثمار في المناطق الحرة، نص مشروع القانون على أن يكون إنشاء المنطقة الحرة التي تشمل مدينة بأكملها بقانون، وأنه لمجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص وبعد موافقة مجلس إدارة الهيئة إنشاء مناطق حرة عامة لإقامة المشاريع التي يرخص بها أيا كان شكلها القانوني، كما يجوز لمجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص الموافقة على إنشاء مناطق حرة خاصة تقتصر كل منها على مشروع أو أكثر في أنشطة مماثلة.
ونص مشروع القانون على إنشاء مجلس أعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية يختص بالعديد من المهام من بينها: اتخاذ ما يلزم لتهيئة مناخ أفضل للاستثمار، ووضع الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري لبيئة الاستثمار، ومتابعة تحديث الخريطة الاستثمارية، ودراسة ووضع حلول لمعوقات الاستثمار، وحل الخلاقات والتشابكات التي قد تثور بين أجهزة الدولة في مجال الاستثمار.
وقضى مشروع القانون بإنشاء لجنة للتظلمات لتسوية منازعات الاستثمار، وأن تفصل اللجنة فيما يعرض عليها بقرار مسبب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ انتهاء سماع الأطراف وتقديم وجهات نظرهم، ويكون قرارها في هذا الشأن نهائيًا وملزمًا لكافة الجهات المختصة دون الإخلال بحق المستثمر في اللجوء للقضاء.
كما نص المشروع على إنشاء لجنة وزارة تختص بفض منازعات الاستثمار بين المستثمرين والدولة أو إحدى الجهات أو الهيئات أو الشركات التابعة لها، مع تشكيل لجنة وزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار التي تكون الدولة أو إحدى الجهات أو الهيئات أو الشركات التابعة لها طرفًا فيها، فضلًا عن تبني نظام التحكيم من خلال إنشاء المركز المصري للتحكيم والوساطة والذي يكون اللجوء إليه اختياريًا.