القاهرة ـ سهام أبوزينة
كشف دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبر»، إن السعودية والإمارات من رواد صناعة النقل، مشيراً إلى أن البلدين أبديا استعدادهما للاستثمار وإدخال التكنولوجيا للمساعدة في خدمات النقل البري والبنية التحتية، وأوضح أن المكون الضروري لبناء أي صناعة في أي بلد، هو التأكد من الحصول على شبكة المواصلات المناسبة.
وقال خسروشاهي إنه «عندما تنظر إلى هذه المنطقة؛ لا سيما دبي، فستجد أن دبي رائدة في مجال النقل الجوي، وكذلك الأمر بالنسبة للسعودية... وغيرهما. وأعتقد أن النقل البري مهم في المواصلات؛ بل أكثر أهمية» (بحسب ما نشر في جريدة الشرق الأوسط).
في المقابل، قال مدثِّر شيخة، الرئيس التنفيذي لشركة «كريم»، إن الحكومات في المنطقة تعد من أهم المعنيين ببناء بنية تحتية للمدن، وأضاف: «إننا نؤمن تماماً بالتعاون مع الحكومات للتأكد من أننا نساعدهم على صياغة اللوائح الصحيحة للمشاريع والشراكات الجديدة التي تتم هنا، ونعمل معهم أيضاً لتطوير خدمات المستخدمين، التي لن تساعد فقط في إثراء تجربة السكان الذين يستخدمون خدماتنا، بل ستمكننا من البدء في تطوير حلول تساعد سكان المناطق البرية أو النائية في الحصول على خدمات التنقل. وبالفعل، لقد بدأنا مسارنا مع حكومة دبي، ونسعى لتكرار تلك التجربة مع الحكومات الأخرى في المنطقة».
اقرا ايضا :
عصام الصغير يُؤكِّد لعب مصر دورًا محوريًّا في التجارة الإلكترونية
ويأتي حديث الرئيسين التنفيذيين لشركتي «أوبر» و«كريم»، لـ«الشرق الأوسط»، بعد عقد صفقة أعلنت فيها «أوبر» توصّلها مع «كريم» إلى اتفاقية استحواذ مقابل 3.1 مليار دولار، تتكون من 1.7 مليار دولار من سندات القرض القابلة للتحويل، و1.4 مليار دولار نقداً، والتي تنتظر موافقات الجهات التنظيمية ذات الصلة، ويُتوقع إتمام الصفقة خلال الربع الأول من عام 2020.
وحول ما إذا كانت استراتيجية «كريم» للتوسع في الأسواق الجديدة ستستمر بعد الصفقة، أم إن هناك خططاً أخرى مختلفة عن ذلك، قال مدثّر شيخة: «تظل رؤية واستراتيجية (كريم) كما هي. لا نزال نعتقد أن المنطقة غنية بالفرص، ليس فقط في مجال النقل؛ بل أيضاً في مجال الخدمات المقدمة للمستهلك عبر الإنترنت. وكما نقول دائماً، سوف نضاعف جهودنا لتوفير خدمات النقل من خلال تطوير حلول تناسب سكان المنطقة، ولذلك؛ فإن خدمة الحافلات التي أطلقناها في القاهرة تقدم أداءً جيداً جداً، كما أننا ننوي التوسع في أسواق أخرى».
وأضاف أن شركته تستهدف «إطلاق مزيد من خدمات التنقل ذات الأسعار المعقولة. وبالنسبة للخدمات المقدمة للمستهلك عبر الإنترنت، فقد أطلقنا (خدمة التوصيل) و(خدمة الدفع)، وسنواصل الاستثمار في هذه الخدمات الجديدة لضمان بناء بنية رقمية تحتية تعزز هذه الخدمات وتبسّط وتحسّن حياة الناس في المنطقة، لذلك فالاستراتيجية ورؤيتنا ستبقى نفسها: النقل وخدمات المستهلك عبر الإنترنت».
وحول القيمة المضافة التي تقدمها عملية استحواذ «أوبر» على «كريم»، أوضح دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبر»، أن «القيمة الأبرز بالنسبة لنا هي ضمّ واحدة من أكثر الشركات ابتكاراً في الشرق الأوسط إلى أسرة (أوبر)، فضلاً عن الفرصة الاستثمارية الكبيرة في المنطقة. لدينا إيمان كبير بالإمكانات الموجودة في المنطقة التي يزيد عدد سكانها على 600 مليون نسمة، و65 في المائة من سكانها من الشباب دون سن الثلاثين». وتابع: «كما أنها أيضاً منطقة حضرية يعيش 65 في المائة من سكانها في المدن. وبما أنها منطقة حضرية، فمعظم سكانها من الشباب، وسكانها يصبحون أكثر فأكثر ملمين بالتكنولوجيا؛ وهذا يجعلها ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا. ولذلك بالنسبة لنا هدفنا هو الاستثمار، وكانت (كريم) الاستثمار الأنسب، فهي شركة مبتكرة ذات ثقافة رائعة، فضلاً عن مضاعفة أعمالنا في الشرق الأوسط؛ حيث نرى آفاقاً كبيرة للنمو في المستقبل».
وعن وجود أي تغيير في سياسة التسعير لكلتا الشركتين، قال مدثر شيخة، الرئيس التنفيذي لـ«كريم»، إنه «بالنظر إلى خدمات النقل التي تقدمها (كريم) اليوم، فإنها بالفعل تناسب اثنين في المائة من سكان المنطقة فقط. هذا يعني أن 98 في المائة منهم لا يزالون غير قادرين على الوصول إلى خدمات الشركة» وأضاف: «لذلك؛ فإن هدفنا الرئيسي هو توفير خدمات بأسعار مريحة ومعقولة لجعل الخدمات في متناول الجميع، ولنبدأ في تغطية نسبة كبيرة من السكان. هدفنا في المنطقة هو تطوير حلول فعالة بأسعار مناسبة لجميع سكان المنطقة».
واستبعد دارا خسروشاهي وجود تغييرات كبيرة، بعد إتمام عملية الاستحواذ، ستطرأ على عمليات الشركتين، وقال: «ستتم إدارة (كريم) كشركة مستقلة، تقدم تقاريرها لمجلس إدارة، وأعتقد أن التغييرات في الخدمة أو أي تغييرات محتملة ستحدث بشكل مستقلّ. نحن نسعى لتحويل (أوبر) إلى منصة للتنقل، والنقل عند الطلب، لنقل الأشخاص، والطعام، وحتى الأشياء، حيث بدأنا دخول مجال الشحن. وبذلك سنشهد تحولاً جذرياً في شركتنا؛ من شركة تربط بين الركاب والشركاء السائقين، إلى شركة للنقل عند الطلب. وهذا التغيير سيحدث سواء مع أو من دون صفقة الاستحواذ على (كريم)، وتوقعاتي أن شركة (كريم) ستواصل الابتكار بشكل مستقل لتقدم خدمات تفوق التوقعات».
وحول استخدام أي أداوت لتمويل صفقة الاستحواذ، قال دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبر»: «ستتم عملية الاستحواذ من خلال النقد وسندات القرض القابلة للتحويل، وسيتم تمويلها ذاتياً بشكل أساسي. نحن في (أوبر) نعمل في قطاع مهم جداً، هو قطاع النقل الذي تقدر قيمته بما يزيد على 3 تريليونات دولار، ونحن محظوظون بالحصول على استثمارات مهمة تدعم الشركة، بما في ذلك الاستثمار من الشرق الأوسط، وذلك هو ما خلق لنا الفرصة لتمويل صفقة الاستحواذ هذه». وعن الخطوة التي تتبع عملية الاستحواذ، قال مدثّر شيخة الرئيس التنفيذي لـ«كريم» إن الإعلان عن الاتفاقية مع «أوبر» ستتبعه أشهر عدة من العمل مع الجهات الحكومية في المنطقة للحصول على الموافقات المطلوبة لإتمام الصفقة، وأضاف: «كما قال دارا سابقاً، فإن شركة (كريم) ستعمل بشكل مستقل تماماً، ولذلك يمكننا أن نقول حقاً إننا لن نواجه أي تغييرات كبيرة، وستتوفر الخدمات من كلا الطرفين لسكان منطقة الشرق الأوسط الكبير لاستخدامها، كما أننا سنواصل جهودنا في الابتكار والتطوير وتوفير خدمات أفضل».
وقال دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبر»: «حُلمنا هو دمج جميع وسائل النقل معاً؛ سواء كانت التنقل بالسيارة، أو مشاركة المركبات. هدفنا أن نوفّر وسائل النقل العام؛ من حافلات، ومترو وقطارات، على التطبيق. ونرى في السيارات ذاتية القيادة تقنية مهمة جداً، نستثمر فيها المئات من الملايين، وأعتقد أنها ستسهم في توفير وسيلة نقل أكثر أماناً وأقل سعراً. كما أننا نستثمر بالفعل في مركبات الإقلاع والهبوط العمودي بصفتها وسيلة نقل في السماء». وتابع: «دبي مثال للمدينة التي لم تتطور على بُعدين فقط؛ بل على 3 أبعاد. لقد رفعت كل المدن صروحها نحو الأعلى، على مستوى الأماكن السّكنية والأعمال، وهناك المزيد والمزيد من الناس يعيشون في ناطحات السحاب. وكما تحولت الحياة والعمل إلى البُعد الثالث، فإننا نعتقد أننا بحاجة لبُعد ثالث في النقل، ونحن نستثمر في هذا البُعد الثالث من خلال «Uber Elevate». إنها تقنية نود تقديمها في الشرق الأوسط، فلا شك في أنه يمكننا الاستفادة منها هنا بالنظر إلى الاختناقات المرورية التي رأيتها خلال زياراتي للمنطقة».
وحول التحديات التي تواجههم، قال مدثر شيخة، الرئيس التنفيذي لشركة «كريم»: «تتمتع هذه المنطقة بفرص هائلة، نظراً لعدم تطوير البنية الأساسية التقليدية التي تراها في المناطق الأكثر تقدماً. لذلك عندما نتحدث عن بناء شركات مثل (كريم) و(أوبر) في هذه المنطقة، فإنك سرعان ما ستدرك أن كثيراً من لبنات البناء الأساسية التي تحتاجها قد تكون غير متوفرة، سواء كانت الخرائط الموثوقة، أو أنظمة الدفع الموثوقة، أو مراكز الاتصال، أو أنظمة الرسائل، مما سيدفعك إلى بناء كل هذه الأجزاء الإضافية لتتمكن من توفير خدماتك». وأضاف: «نظراً لأننا نتحرك بشكل أعمق وأوسع في مجال النقل ومجال الخدمات المقدمة للمستهلك عبر الإنترنت، فإننا نشك في أننا سنواجه بالفعل كثيراً من هذه المواقف، لذلك سنبدأ في التطوير مجدداً، وسنبدأ في وضع هذه اللبنات الأساسية في مكانها الصحيح».
وزاد الرئيس التنفيذي لـ«كريم»: «كما أننا نواجه تحدياً آخر، هو أننا بحاجة إلى مزيد من المهندسين القادمين من جامعاتنا في المنطقة... على عكس أجزاء كثيرة من العالم، لا يوجد بها كثير من الجامعات التقنية التي تخرّج علماء الكومبيوتر وعلماء البيانات وخبراء التعلم الآلي... لبناء خدمات مثل (كريم) و(أوبر)، تحتاج إلى كثير من المواهب الهندسية، ولقد حالفنا الحظ في أن نكون مقيمين في دبي، المدينة التي تتمتع ببنية تحتية عالمية المستوى، ولديها جاذبية عالية لاستقطاب أفضل المواهب. لقد استقبلنا في (كريم) أشخاصاً من الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا لنتمكن من بناء هذه الخدمات، ومن المرجح أن يظل ذلك شيئاً سيتعين علينا التغلب عليه لتحقيق رؤية (كريم)».
وتطرق دارا خسروشاهي رئيس «أوبر»: «أعتقد أن حجم أعمالنا في (أوبر) مذهل جداً. نحن نوفر الآن أكثر من 15 مليون رحلة في اليوم؛ أي 15 مليون مرة يلتقي فيها شخصان غريبان كلاهما عن الآخر في صندوق صغير له عجلات للانتقال من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، وخلال الغالبية العظمى لهذه الرحلات اليومية، تسير الأمور بسلاسة وبشكل صحيح، وتكون الخدمة رائعة. هناك ابتسامة عند الركوب وابتسامة عند المغادرة».
وأضاف: «لكن، ومع ذلك، قد تسير الأمور بشكل خاطئ أحياناً. هؤلاء هم أشخاص حقيقيون يلتقون معاً، وبالنسبة لنا، وهو أمر في غاية الأهمية لنا، كيف نتأكد من أن تكون كل واحدة من تلك الخمس عشرة مليون لحظة آمنة، وكيف بإمكاننا التأكد من استخدام قدرات التكنولوجيا لنضمن أن جميع السائقين لديهم المؤهلات والمهارات المناسبة ويقودون بأمان ويقدمون أفضل خدمة للعملاء. والأمر ذاته ينطبق على الركاب، فعلينا أن نحرص على احترام الركاب للسائقين الشركاء، أو (الكباتن)».
وأكد دارا خسروشاهي أن «هذه المهنة نزيهة ويجب احترامها. إن التحدي الأكبر هو استخدام قدرات التكنولوجيا بحيث نضمن أن خدمات النقل ليست متوفرة للجميع وبأسعار معقولة فحسب؛ بل، والأهم من ذلك، أنها أيضاً آمنة. وهذا التحدي، رغم حجمه، يشكل فرصة رائعة بالنسبة لنا للمضي قدماً في أعمالنا».
قد يهمك ايضا :