شهدت العملات المشفرة تراجعات عنيفة خلال شهر أبريل الماضى، بسبب عدة عوامل هوت بالقيمة السوقية المجمعة للعملات بنسبة 17.8%، لتسجل بذلك أكبر خسائر شهرية منذ بداية العام الحالى. ولعبت التوترات الجيوسياسية فى شرق أوروبا الدور الأكبر فى الضغط على العملات المشفرة خلال أبريل الماضى نتيجة تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، بالإضافة إلى بدء البنك المركزى الأمريكى زيادة أسعار الفائدة لمحاربة معدلات التضخم المرتفعة، مما أدى إلى زيادة جاذبية الأصول الاستثمارية الآمنة مثل سندات الخزانة، على حساب الأصول الأعلى مخاطرة مثل العملات المشفرة.

ووفق بيانات منصة "كوين ديسك" أشهر المنصات الرقمية حول العالم، تراجعت القيمة السوقية المجمعة للعملات الرقمية المشفرة بنسبة 17.8% أو ما يعادل 378.4 مليار دولار، وذلك بعدما تراجعت قيمتها السوقية الإجمالية من مستوى 2149.5 مليار دولار فى نهاية تعاملات مارس الماضى، إلى نحو 1692.1 مليار دولار فى الوقت الحالى.

وكان لعملة "بيتكوين" النصيب الأكبر من الخسائر خلال أبريل الماضى، حيث تراجعت بنسبة 18.4% خاسرة نحو 8732 دولارا، وذلك بعدما تراجع سعرها من مستوى 47513 دولارا فى مارس، إلى نحو 38781 دولارا فى أبريل، تلتها عملة "إيثريوم" بخسائر نسبتها 16.4%، لتفقد نحو 559 دولارا، بعدما تراجع سعرها من مستوى 3405 دولارات فى مارس إلى نحو 2846 دولارا فى أبريل.
 

وفى بداية أبريل، تلقت عملة "بيتكوين" ضربة قوية بعد أن فككت سلطات إنفاذ القانون الألمانية، بالتعاون مع نظيراتها الأمريكية، منصة "هيدرا"، وهى أكبر سوق غير قانونية للبيع على شبكة الإنترنت المظلمة (Darknet) والتى تخدم الأسواق الناطقة باللغة الروسية.

وقال مكتب المدعى العام فى فرانكفورت والمكتب الفيدرالى للشرطة الجنائية - فى بيان مشترك - إنه "تمت مصادرة خوادم أكبر سوق للشبكة المظلمة فى العالم وتأمين 543 عملة بيتكوين بقيمة إجمالية تبلغ حوالى 23 مليون يورو".

ونقلت وكالة "بلومبرج" عن كيم جروير، مسؤول الأبحاث فى شركة Chainalysis قوله إن "هيدرا تهيمن على السوق لأن أوكرانيا وروسيا هما أكبر مستخدمين للعملات المشفرة فى العالم".

وبلغت المبيعات على منصة "سوق هيدرا" حوالى 1,23 مليار يورو فى عام 2020 وحده، ما يجعلها "السوق غير القانونية ذات حجم المبيعات الأعلى فى العالم".

وتتضمن الشبكة المظلمة السرية مواقع الويب التى لا يمكن الوصول إليها إلا باستخدام برامج محددة، مما يضمن عدم الكشف عن هوية المستخدمين.
بيتكوين ثغرة العقوبات الغربية

ويواجه سوق العملات المشفرة فى روسيا - والذى يبلغ قيمته 124 مليار دولار - قيودا جديدة نتيجة إجراءات معاقبة الكرملين بسبب الحرب فى أوكرانيا، وسط تحذيرات من أن العملات الرقمية يمكن أن تكون ثغرة لتجنب العقوبات الغربية ضد روسيا.
وذكرت شركة "باينانس"، أكبر بورصة عملات رقمية فى العالم، يوم الخميس الماضى، أنها ستحد من الخدمات المقدمة للروس بأصول تشفير تتجاوز قيمتها 10000 يورو (10885 دولارا أمريكيا) استجابة للقيود الجديدة التى يفرضها الاتحاد الأوروبى.

من جانبها، تسعى روسيا إلى بيع النفط والغاز بعملة البتكوين المشفرة أو الروبل الروسى، بدلا من الدولار الأمريكى أو اليورو الأوروبى، وذلك ضمن خطط روسيا لمواجهة العقوبات الغربية، حيث رفعت موسكو مؤخرا شعار "بترو بتكوين بدلا من بترو دولار".
ويقول الخبراء إن مثل هذه الخطوة من شأنها تعزيز قيمة الروبل الروسى أمام الدولار الأمريكى، وليكون بمثابة قنبلة اقتصادية روسية لمواجهة العقوبات، حسبما ذكرت وسائل إعلامية عالمية.

وأعربت رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريستين لاجارد عن قلقها من استخدام العملات المشفرة كثغرة لتجنب العقوبات الغربية ضد روسيا.
وقالت لاجارد - فى منتدى مصرفى عبر الإنترنت - "إن أكثر ما يقلقنى" هو كمية الروبلات الكبيرة التى يتم تحويلها إلى أصول مشفرة منذ أن تعرضت روسيا لسلسلة عقوبات مالية عقب غزوها أوكرانيا.

أما فى الولايات المتحدة، فأطلق الرئيس الأمريكى جو بايدن مشروعا لإصدار "دولار رقمى"، وطلب من وكالات فيدرالية عدة إعداد تقارير حول المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة وكيفية التصدى لها.

وتعد روسيا ثالث أكبر دولة فى تعدين العملات المشفرة بالعالم بعد كل من الولايات المتحدة وكازاخستان، وتقدر معاملات الروس بالعملات المشفرة بنحو 5 مليارات دولار سنويا، حسب البنك المركزى الروسى.
2021 العام الأفضل للعملات المشفرة

وحقق مستثمرو العملات المشفرة فى جميع أنحاء العالم مكاسب تتجاوز 400% خلال العام الماضى مقارنة بعام 2020، بدعم من ارتفاع العملات إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.

وأظهر تقرير لشركة "تشايناليسيز Chainalysis"، أن المستثمرين فى العملات المشفرة حققوا مكاسب إجمالية قدرها 162.7 مليار دولار خلال عام 2021، ارتفاعا من 32.5 مليار دولار فى عام 2020.

وبلغت مكاسب المستثمرين فى الولايات المتحدة 47 مليار دولار من إجمالى المكاسب المسجلة، بما يتجاوز نظراءهم فى كل من المملكة المتحدة وألمانيا واليابان والصين.

وأوضح التقرير أن مكاسب المستثمرين كانت ناتجة عن النمو الكبير فى أسعار العملات المشفرة، إذ قفزت البيتكوين بنسبة 60% فى 2021، فيما صعدت الإيثريوم بنحو 400% خلال العام الماضى.

وحسب إحصائيات منصة Crypto.com لتداول العملات الرقمية المشفرة كان هناك ما يقرب من 300 مليون شخص يمتلكون عملات رقمية مشفرة مع نهاية 2021.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

سوق العملات الرقمية يتجاوز صدمة العملية العسكرية الروسية

العملات المشفرة تتجاوز تأثير الحرب الروسية الأوكرانية وتعوِّض خسائرها