الدوحة - مصر اليوم
أعلنت مؤسسة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني، أمس الأربعاء، إن تبعات أزمة قطر مع الرباعي العربي المقاطع لها، والمكون من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، سترفع تكلفة التمويل على البنوك القطرية في أسواق الدين العالمية... وذلك بالتزامن مع تقارير اقتصادية أوضحت تراجعات كبيرة بالودائع الأجنبية في البنوك القطرية، وأيضا تأكيدات على أن حكومة قطر طالبت البنوك المحلية بالاعتماد على نفسها في محاولة جذب التمويل الأجنبي بدلا من الاعتماد على الحكومة انتظارا للمساعدات.
وأوضحت "فيتش" أن التمويل والسيولة لدى البنوك القطرية يتعرضان للضغط بسبب نزوح الودائع غير المحلية. وأشارت إلى أن سحب الودائع غير المحلية سيؤدي إلى اشتداد المنافسة بين البنوك القطرية على الودائع، ما يرفع تكلفة التمويل ويضغط على هوامش الربح. ويتماشى تقرير "فيتش" مع تقرير صحافي نشرته "وول ستريت جورنال" الأميركية أمس، جاء فيه أن بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل لتراجع الودائع الأجنبية، والتي تراجعت بنحو 8 في المائة خلال الشهر الماضي.
وأضافت الصحيفة الأميركية، أن بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل بسبب قلق العملاء الخارجيين من تفاقم أزمتها مع الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، فأي صعوبة في التمويل الخارجي ستؤثر في الاستثمار القطري المعتمد أساسا على المال الأجنبي، مشيرة إلى أن انخفاض الودائع جاء على الرغم من إغراءات الفائدة التي قدّمتها البنوك القطرية، وأن العملاء الخليجيين لن يضعوا ودائعهم في البنوك القطرية، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الانخفاض.
وفي الأسبوع الماضي، عدلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي القطري من مستقرة إلى سلبية، لضعف ظروف التشغيل واستمرار الضغوط التمويلية التي تواجه البنوك. وأوضحت الوكالة في مذكرة بحثية، صادرة الثلاثاء الماضي، أن التصنيف يعكس ضعف قدرة الحكومة القطرية على دعم البنوك. وأشارت الوكالة إلى أن النظرة السلبية تعبر عن توقعاتها لكيفية تطور الجدارة الائتمانية للقطاع المصرفي القطري على مدى الأشهر الـ12 إلى 18 المقبلة، وقال نيتيش بوجناغاروالا، نائب الرئيس ومحلل لدى "موديز"، إن اعتماد بنوك قطر على التمويل الخارجي الذي يتأثر بثقة المستثمرين ارتفع في السنوات الأخيرة بسبب الانخفاض الملحوظ في العائدات النفطية، ما جعلها عرضة للتحولات في ميول المستثمرين.
وتوقعت "موديز" تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي في قطر إلى 2.4 في المائة بالعام الجاري، مقابل معدلات نمو استثنائية بلغت 13.3 في المائة خلال الفترة ما بين أعوام 2006 و2016. ورجحت الوكالة تباطؤ نمو الائتمان المحلي القطري إلى 5 في المائة بالعام الجاري، و7 في المائة عام 2018، تراجعا من مستوى 15 في المائة في عام 2015، مضيفة أن تباطؤ نمو الناتج المحلي والائتمان إلى جانب مقاطعة أربع دول عربية لقطر سيؤدي إلى انخفاض طفيف في جودة الأصول.
وأوضحت أنه من المتوقع ارتفاع القروض المتعثرة في عام 2018 إلى 2.2 في المائة من إجمالي القروض، مقارنة بنحو 1.7 في المائة نهاية العام الماضي. أما بالنسبة لرأس المال فسوف يستمر في قوته؛ لقدرة البنوك القطرية على استيعاب الخسائر، بحسب الوكالة. وتراجعت أرباح 9 بنوك مدرجة بالبورصة القطرية خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 1.8 في المائة على أساس سنوي. وبلغت أرباح البنوك التسعة في الربع الثاني 5.5 مليار ريال (1.46 مليار دولار)، مقابل أرباح الفترة المماثلة من العام الماضي البالغة 5.6 مليار ريال (1.49 مليار دولار).
وبحسب المذكرة البحثية، فمن المرجح أن تؤدي التوترات العربية الناشئة إلى تدفق بعض الودائع إلى الخارج، وإلى ضعف التمويل الخارجي الذي يمثل نحو 36 في المائة من موجودات النظام المصرفي منذ مايو/أيار الماضي. وتوقعت "موديز" تراجع سيولة البنوك بنسبة 24 في المائة من إجمالي الموجودات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مشيرة إلى أن الودائع المحلية تظل محدودة بسبب انخفاض عائدات النفط. ونوهت بأنه من المرجح انخفاض ربحية البنوك القطرية، مع تراجع العائد على الأصول إلى 1.4 في المائة في عام 2017، مقارنة بنحو 1.6 في المائة بالعام الماضي، بدفع زيادة في تكاليف التمويل والتكاليف.
وكانت موجودات البنوك القطرية قد تراجعت خلال يونيو/حزيران الماضي بنسبة 0.6 في المائة، لتصل إلى 1305.9 مليار ريال، كما انخفضت ودائع الأجانب غير المقيمين بنسبة 7.6 في المائة إلى 170.6 مليار ريال، مقابل 184.6 مليار ريال في مايو الماضي.
وتناولت وكالة "بلومبيرغ" الأمر ذاته في وقت سابق الأسبوع الماضي، قائلة في تقرير لها إن المركزي القطري طلب من البنوك المحلية التوجه للأسواق الخارجية، وطرق أبواب المستثمرين الأجانب للحصول على تمويل، بدلا من انتظار المساعدات الحكومية، والذهاب للحكومة كملجأ أخير فقط بدلا من الاعتماد عليها بشكل رئيسي، وذلك في ظل تفاقم أزمة نزوح الودائع، خصوصا الخليجية من المصارف القطرية.
وذكرت الوكالة أن المركزي القطري يجري لقاءات مع البنوك المحلية لتشجيعها على التوجه لأسواق الدين الخارجية، طلبا لقروض أو من خلال طرح لتفادي مزيد من التقلص في الاحتياطيات النقدية الأجنبية، وأي تخفيضات جديدة في التصنيف الائتماني. وحاولت البنوك القطرية أن تستميل عملاءها عبر منحهم معدلات فائدة مرتفعة، لكن ذلك لم يحل دون تواصل هبوط الودائع الأجنبية خلال شهري يونيو ويوليو/تموز الماضيين.