مصرف قطر المركزي

سحب مصرف قطر المركزي منتصف الأسبوع الحالي، مليار ريال قطري من السوق المحلية القطرية، ما يعادل 8% من إجمالي النقد المتداول في دولة قطر، وذلك في محاولة لوقف انهيار سعر صرف العملة القطرية التي تعرضت لضغوط هائلة خلال الأسابيع القليلة الماضية منذ اتخذت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قراراً بالمقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية لقطر في الخامس من يونيو الماضي بسبب دعمها للإرهاب.
وتراجع سعر صرف الريال القطري لأدنى مستوى له في سنوات خلال الفترة المشار إليها، مسجلا نسب انخفاض سريعة غير مسبوقة تراوحت بين 4% إلى 11%، أمام العملات العالمية والإقليمية خاصة عملات البلدان التي كانت تشكل الشريك التجاري الرئيس لدولة قطر. ووفقاً للبيانات الصادرة عن مصرف قطر المركزي أمس الأول، أصدر المصرف أذون خزانة لآجال (3) و(6) و(9) أشهر، وهو أحد الإصدارات الشهرية الأكبر من هذه الأداة، في تاريخ مصرف قطر الوطني، حيث إن قيمة معظم الإصدارات الشهرية، من أذون الخزانة التي يصدرها المصرف تتراوح بين 200 إلى 500 مليون ريال قطري، ومع ذلك فإن الطلب من قبل البنوك القطرية، على الأذون التي طرحها المصرف المركزي القطري أمس الأول، جاء أعلى بكثير من قيمة الأذون المطروحة، وتجاوزت قيمة الطلبات 1.5 مليار ريال قطري. ويعتبر ذلك مؤشراً على ارتفاع سعر الخصم على الأذون المعروض من المصرف المركزي القطري بهدف سحب السيولة، من جهة ويشير في الوقت ذاته إلى خشية البنوك القطرية من مزيد من تراجع سعر صرف الريال خلال الأيام المقبلة.
 وبينما ذكر مصرف قطر المركزي أن الإصدار يأتي في إطار سعي المصرف إلى تطوير السياسة النقدية بدولة قطر وزيادة فعاليتها والمساهمة في متانة الجهاز المصرفي والمالي وتفعيل أدوات السوق المفتوحة كإحدى أدوات السياسة النقدية كما يأتي تنفيذاً لآلية التنسيق بين السياستين النقدية والمالية، فإن مراقبين يرون أن سحب السيولة المتداولة من السوق القطرية في الظروف الحالية، لا يمكن أن تأتي إلا نتيجة ظروف قاهرة، وتهدف أساساً إلى الحد من تراجع سعر صرف العملة القطرية.
وتعتبر أذون الخزانة أداة تستخدمها الحكومات لسد العجز في الموازنة العامة، بشكل مؤقت، ولا تستخدم هذه الأموال التي تسحبها أو تقترضها الحكومة من البنوك العاملة بالسوق لتمويل مشاريع منتجة أو لتمويل استثمارات، نظراً لأن هذه الأموال تكون عادة قصيرة الأجل وذات تكلفة مرتفعة. وأذون الخزانة هي إحدى أدوات الدين الحكومي، وتصدر لحاملها ولآجال تتراوح بين 3 أشهر إلى سنة، وتتميز أذون الخزانة بأنها أدوات مالية منخفضة المخاطر، بمعنى سهولة التصرف فيها دون أن يتعرض حاملها لأية خسائر رأسمالية ، لأن الأذن عادة يباع بخصم، أي بسعر أقل من قيمته الاسمية، وعند حلول تاريخ الاستحقاق تلتزم الحكومة بدفع القيمة الاسمية للأذن وهي أداة من أدوات السياسة النقدية لإدارة السيولة المحلية.
ويقوم المصرف المركزي عادة بسحب السيولة عبر  استخدام الأدوات غير المباشرة للسياسة النقدية  مثل أذون الخزانة، من أجل التحكم بحجم الكتلة النقدية المتداولة في السوق، وتهدف عملية السحب إلى الحد من التضخم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق، أحياناً، والتي قد ترتفع أسعارها نتيجة شح المعروض، كما تهدف عملية سحب النقد في أحيان أخرى لتقليص عرض العملة الوطنية من أجل الحفاظ على سعر صرفها، وفي ذات الوقت الحد من الطلب على الشراء والاستهلاك وبالتالي تقليص الضغط على العجز في ميزان المدفوعات والاحتياطيات من العملات الأجنبية.
ووجهت وكالات التصنيف الائتماني الدولية، صدمة جديدة لقطر، بعد إعلان وكالة موديز لخدمات المستثمرين، أمس الأول، تعديل النظرة المستقبلة لقطر إلى سلبية، بعد أقل من شهر عن قيام وكالة ستاندرد أند بورز بخفض تصنيف قطر الائتماني طويل الأمد بدرجة واحدة ليصل إلى AA-، وبعد نحو 40 يوماً من قيام موديز نفسها بتخفيض التصنيف ذاته من Aa2 إلى Aa3.
ومع توالي المؤشرات السلبية لواقع ومستقبل الاقتصاد القطري منذ قرار المقاطعة، يضع الخفض المتواصل للتصنيف الائتماني لقطر من قبل أكبر وكالات التصنيف في العالم، الاقتصاد القطري على حافة الهاوية، ويضعه أمام تحديات صعبة ومخاطر جمة قد يواجهها على المديين القريب والمتوسط في حال استمرار المقاطعة لفترة أطول.