واشنطن ـ مصر اليوم
باتت التكنولوجيا الرقمية عونًا لمواجهة خطر المجاعة، وتحقيق الأمن الغذائي على المستوى العالمي، في وقت تشير إحصاءات المنظمات الدولية المتخصصة إلى أن العالم سيواجه تحديات خطيرة في عالم الغذاء، من اتساع وتيرة النمو السكاني وتقلص المساحات القابلة للزراعة، إلى تراجع الناس لا سيما الشباب في هذا الوقت عن ممارسة مهنة الزراعة.
وأكد مدير مبادرة الزراعة المفتوحة في مختبر الإعلام في معهد ماساتشوستس في الولايات المتحدة، كاليب هاربر، أن العالم يواجه تحديات جمة في ما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي، لافتًا إلى أن إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" تؤكد أن 80 في المئة من دول العالم ستكون غير قادرة على تحقيق أمنها الغذائي بشكل كاف عام 2050 لأسباب النمو السكاني والعادات الغذائية لشعوب العالم، وما يمثله تغير المناخ من تحديات خطيرة لإمدادات الغذاء في المستقبل.
وحذر هاربر في محاضرة تحت عنوان "الغذاء في ظل التكنولوجيا الرقمية... الثورة الزراعية الرابعة" ألقاها في مجلس ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبحضوره مع عدد كبير من القيادات الحكومية في دولة الإمارات، من المردود السلبي والانعكاسات الخطيرة لتلك التحديات على حياة البشر، طارحًا بعض الحلول التي يجب على المجتمعات وحكومات البلدان تبنيها لخلق مصادر جديدة للغذاء وتنويعها لتأمين حاجاتها من الغذاء في المستقبل.
وأعلن الشيخ محمد، عن إطلاق الثورة الزراعية الرابعة المعتمدة على توظيف الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة لخدمة الزراعة، وتسخير التكنولوجيا البيولوجية والحيوية القائمة على الاستشعار وتحرير الجينات لخدمة الزراعة.
وأوضح هاربر، أن الثورة الزراعية الرابعة تعتمد في تطبيقاتها على إنشاء "حاسوب خاص لكل مادة من المواد الزراعية التي يراد تطوير إنتاجها كمًا ونوعًا إلى درجة التحكم بالنكهات المطلوبة لكل مادة زراعية، مؤكدًا أن البحوث التي قام بها حتى الآن في معهد ماساتشوستس نجحت في إنشاء حواسيب خاصة بالكثير من الأصناف، ومن أنجحها على المستوى العالمي حواسيب خاصة يمكن من خلالها توفير كميات المياه المستخدمة في الزراعة وتحديد الجينات الخاصة بكل نوع من المواد الزراعية لإنتاج مواد زراعية في فترات زمنية قصيرة جدًا، مع الاحتفاظ بالخصائص الأساسية للمواد المزروعة وتمتعها بطعم لذيد وقابلية الشحن إلى أماكن بعيدة من دون تأثرها بالعوامل الخارجية بسرعة.
ونوه هاربر بالتطورات التقنية التي شهدها القطاع الزراعي في الإمارات، مؤكدًا أن سعيها نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل الزراعية الغذائية عبر توظيف الذكاء الاصطناعي والبحوث ذات الصلة يشير إلى الوعي الذي تمتلكه إزاء التحديات التي يشهدها القطاع الزراعي عالمياً.
وبيَّن هاربر، أن رؤية مستقبل القطاع الزراعي في العام وآليات الوصول إلى منتجات زراعية وفق معايير صحية عبر استخدام بيانات رقمية قادرة على تحديد أفضل البيئات المناخية والأساليب الزراعية المناسبة لكل نوع من أنواع الزراعة، موضحًا أن العالم بما يشهده من تغيرات يسير في طريق لا يمكن معه توفير الغذاء الكافي للبشرية خلال الأعوام القليلة المقبلة، ما يتطلب إيجاد حلول قادرة على تسخير التكنولوجيا والبيانات الرقمية لإيجاد غذاء صحي.
وشدد المحاضر على ضرورة مشاركة العالم نتائج البحوث ذات الصلة، مؤكدًا أن أكثر من 80 في المئة من الأشخاص لا يعرفون بوجود جينات الفواكه مثلًا، قائلًا إن العالم يقف في مرحلة حاسمة تتطلب تعميم نتائج البحوث والدراسات العلمية المرتبطة بالزراعة حتى يتسنى استخدامها في مختلف الدول والقارات، واصفاً ذلك بـ"الديموقراطية البيئية".
وأضاف هاربر، أن الإنفاق على البحوث الزراعية الحديثة يبقى، على رغم الاهتمام العالمي بالزراعة والأمن الغذائي، دون المستهدف، إذ لم يتجاوز 20 مليون دولار، مشيرًا إلى نتائج دراسة أجراها حول المزارع الرقمي اعتمد فيها على فكرة إنشاء شبكة للمزارعين حول العالم تتسع لبليون شخص ويمكن لجميع البشر أن يكونوا أعضاء فيها كمزارعين فاعلين يزرعون ويحصدون ويقومون بأعمال كثيرة كما لو أنهم في مزرعتهم، من خلال شبكة معلومات كبيرة تزودهم بالتعليمات وتحيطهم بالأفكار اللازمة ليكونوا بعد ذلك منتجين يوميين ولا يخشى على مستقبلهم الغذائي في المستقبل.
وتوقع هاربر، أن يتم إنتاج ما بين 30 و40 في المئة من المحاصيل التي تحتاجها الدول، من خلال شبكة المزارعين التي يجرى العمل عليها في الوقت الجاري، مبينًا أن قضية الفترة الزمنية التي يستغرقها النبات في التربة يتم التحكم فيها في شكل رقمي حيث تستغرق التفاحة على سبيل المثل 14 شهرًا حتى تنضج وتكون صالحة للاستهلاك، وهي فترة كبيرة في ظل تسارع التكنولوجيا الرقمية التي من الممكن أن تخفض تلك الفترة الزمنية.