الاقتصاد الألماني

نبّه خبراء ألمان من محاذير يمكن أن تضطلع مجددًا بدور سلبي في الاقتصاد الألماني، منها تراجع الصادرات وفضيحة تلاعب شركات السيارات الألمانية بعوادم سيارات الديزل التي ينتجونها، ما سبّب تدنيًا ملموسًا في نسبة المشترين، وذلك على رغم تأكيد بعض الخبراء أن الاقتصاد "في وضع جيد جدًا، ولم يصل بعد إلى ذروة نموه المتوقعة خلال العام الحالي".

وأمام هذه الحالة المربكة، هبط مؤشر "إيفو" الصادر عن معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ، والخاص بتطور أجواء الشركات الألمانية، من 106 نقاط في تموز "يوليو" إلى 105.9 نقطة في آب "أغسطس"، وهو الانخفاض الأول منذ مطلع العام. علمًا أن المعهد يستطلع شهريًا 7 آلاف شركة ألمانية.

وتراجع مؤشر وضع الأعمال الجارية من 125 إلى 124.6 نقطة، فيما ارتفع مؤشر التوقعات المنتظرة للأشهر المقبلة من 107.3 إلى 107.9 نقطة على عكس التوقعات، إذ كان خبراء المعهد يرجحون تدنيه إلى 106.6 نقطة. ولكن "المركز الأوروبي للبحوث الاقتصادية" "زد أي في"، أكد أن توقعات خبراء المال والبورصة الـ300 تقريبًا الذين يستفتيهم شهريًا، تقلّصت في آب الماضي بسبب التبلبل الذي حصل بفعل تدني الصادرات من ألمانيا، والتأثيرات المالية لفضيحة العوادم في سيارات الديزل الألمانية. في وقت ارتفع مؤشر وضع الأعمال الجارية 0.3 نقطة إلى 86.7 نقطة.

وقال رئيس المركز أخيم فامباخ، "على رغم تراجع التوقعات في ألمانيا، إلا أن آفاق النمو فيها لا تزال قائمة على مستوى عالٍ"، وأكد "المكتب الاتحادي للإحصاء" في فيسبادن أخيرًا، أن "الناتج القومي الألماني ارتفع في الربع الثاني من السنة 0.6 في المائةمقارنة بالربع الأول، ما اعتبره خبراء دليلًا واضحًا على النمو القوي الذي يشهده الاقتصاد الألماني في هذه المرحلة، وكان الخبراء ينتظرون نموًا نسبته 0.7 في المائة خلال الربع الثاني، إلا أن المراجعة اللاحقة للبيانات الاقتصادية للربع الأول، أظهرت أن الاقتصاد نما بمعدل 0.7 في المائة، أي بزيادة 0.1 في المائة عن التقديرات الأولى.

وعزا خبراء النمو في الربع الثاني إلى زيادة استثمارات القطاعين العام والخاص، والاستهلاك العام المتزايد للمواطنين بفعل تدني البطالة وتوافر المال بين أيدي العاملين والمستخدمين، وأشار "المكتب الاتحادي للإحصاء" إلى أن النمو المذكور يعادل ما نسبته 2.6 في المائة في حال احتسابه على مدى سنة.

وينظر خبراء إلى أن النمو لا يزال يسير في اتجاه تصاعدي، على رغم المعوقات الذاتية والموضوعية، ويتزايد حجمه مقارنة بعام 2016. ولفت كبير الخبراء في شركة "أليانس" للتأمين غريغور إيدر، إلى أن رجال الاقتصاد "يتوقعون نموًا نسبته 0.5 في المائة كل 3 أشهر خلال هذه السنة، وتنتظر شركتنا نموًا نسبته 2.2 في المائة نهاية العام الحالي، في مقابل 1.9 في المائة عام 2016".

وقال رئيس "المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية" "دي إي في" في برلين مارسيل فراتشر، "ننتظر أن يستفيد المواطنون الألمان والشركات والدولة، من ثمار هذا النمو في السنوات المقبلة". وتوقع "ألا يقل معدل الناتج القومي السنوي لألمانيا عن 1.9 في المائة نهاية هذه السنة وعام 2018، على أن يتراجع بعد ذلك إلى 1.6 في المائة عام 2019". وشدّد على "ضرورة أن تلجأ الدولة إلى مزيد من الاستثمار في التعليم والبنية التحتية للمواصلات وتعزيز الشبكات الرقمية"، محذرًا من أن "النمو اليوم لن يستمر طويلًا لأنه قائم حاليًا على أسس ملائمة مثل الفوائد المنخفضة والأوضاع الجيدة في سوق العمل".

 

إلى ذلك أبدى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت تفاؤلًا، في ما يتعلق بتطور النمو في دول منطقة اليورو أكثر مما كان يُعتقد قبل ثلاثة أشهر. وأكد في بيان ترقّبه حاليًا تحقيق نمو أعلى في الناتج القومي السنوي لدول المنطقة يبلغ 2.2 في المائة في المتوسط لعام 2018، بدلًا من 1.9 في المائة، ونموًا نسبته 1.7 في المائة عام 2019". وأعلن أن "سياسة الفوائد المتبعة لن تتغير، وستبقى الفائدة عند صفر في المائة حتى إشعار آخر".

 

وسجّلت دول منطقة اليورو نموًا وسطيًا مريحًا خلال الربع الثاني بلغ 0.6 في المائة، بزيادة 0.1 في المائة مقارنة بالربع الأول، بحسب "مكتب الإحصاء الأوروبي" "يوروستات"، وبذلك، تكون منطقة اليورو سجلت نموًا مماثلًا للولايات المتحدة خلال الفترة المذكورة. بينما رأى خبراء أن النمو في دول اليورو الـ19 بدأ يتزايد في شكل ثابت بعد وقت طويل من الانخفاض، خصوصًا في الدول المتعثرة مثل إسبانيا والنمسا وقبرص، حيث سجّل النمو خلال الربع الثاني 0.9 في المائة، في حين بلغ النمو الأعلى في هولندا عند 1.5 في المائة ولاتفيا 1.3 في المائة.