القطاع النفطي

حقق الاقتصاد السعودي، الأكبر في الشرق الأوسط، نموًا إيجابيًا في الربع الأول من العام الجاري، بلغ 1.2 في المائة، في ترجمة فعلية لجدوى الإصلاحات الاقتصادية التي تعمل على تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط. ووفقاً للهيئة العامة للإحصاء، فإن الناتج المحلي للقطاع غير النفطي في السعودية حقق معدلات نمو أكثر إيجابية خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو النمو الذي بلغ حجمه 1.6 في المائة، في حين بلغ معدل النمو للقطاع غير النفطي الحكومي نحو 2.7 في المائة خلال الفترة نفسها.

وأظهرت بيانات الهيئة أن الناتج المحلي الإجمالي السعودي ارتفع بنسبة 1.2 في المائة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، لتصل قيمته بالأسعار الثابتة إلى 647.8 مليار ريال (172.7 مليار دولار)، مقارنة بـ640.4 مليار ريال (170.7 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من عام 2017. وارتفع الناتج المحلي للقطاع غير النفطي بنسبة 1.6 في المائة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ليصل بذلك إلى 371.02 مليار ريال (98.9 مليار دولار).

وسجل الناتج المحلي للقطاع النفطي ارتفاعًا بنسبة 0.6 في المائة، لتصل قيمته إلى 273.3 مليار ريال (72.8 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام، مقارنة بنحو 271.6 مليار ريال (72.4 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام السابق، لتبلغ نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 42.2 في المائة، مقارنة بنحو 42.4 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وارتفعت أسعار النفط في مايو/أيار إلى نحو 80 دولاراً للبرميل الواحد، مقارنة بأقل من 30 دولارًا للبرميل مطلع عام 2016، عندما توصلت دول أوبك، بقيادة السعودية، ودول منتجة من خارج المنظمة لاتفاق على خفض الإنتاج. وتظهر البيانات الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء تحسنًا ملحوظًا في النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الأول من عام 2018، حيث نما الاقتصاد الوطني بمعدل 1.2 في المائة، مقارنة بانكماش 1.2 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2017، فيما يأتي هذا النمو الإيجابي بعد أربعة أرباع من الانكماش، ما يعني خروج الاقتصاد من الآثار الاقتصادية لانخفاض أسعار النفط وبعض الإصلاحات الهيكلية.

وجاء التحسن مدعومًا بشكل رئيسي من تسارع النمو في كل من الناتج المحلي للقطاع النفطي وغير النفطي على حد سواء، حيث نما القطاع النفطي بمعدل 0.6 في المائة في الربع الأول، مقارنة بانكماش 4.3 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2017، بينما وصل النمو في القطاع غير النفطي إلى 1.6 في المائة، مرتفعاً من 1.3 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2017، في مؤشر للتعافي الذي يشهده الاقتصاد الوطني بعد فترة التباطؤ في عام 2017.

وبالنظر إلى مساهمة الأنشطة الاقتصادية في نمو القطاع غير النفطي، يتبين أن معظم النمو جاء بسبب التحسن في نشاطي الصناعة والتعدين غير النفطي، حيث نما كل منهما بمعدل 4.6 في المائة و6.3 في المائة، على التوالي، وهو القطاع الذي يتوقع أن يقود النمو في المستقبل، وفق توجهات "رؤية المملكة 2030" لتنويع الاقتصاد الوطني.

كما ساهم نشاطي الخدمات الحكومية والخدمات المالية بشكل ملحوظ في نمو القطاع غير النفطي، حيث وصل النمو في الخدمات الحكومية إلى 3.4 في المائة، مقارنة بـ3.2 في المائة في الربع الرابع من عام 2017، بينما وصل النمو في نشاط الخدمات المالية إلى 2.1 في المائة، مقارنة بـ0.8 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2017، فيما من المتوقع أن يستمر النمو في هذا القطاع بعد إدراج سوق الأسهم السعودية في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، وإطلاق مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي.

وتأتي المعلومات الجديدة في الوقت الذي أشاد فيه صندوق النقد الدولي أخيراً بالإصلاحات الاقتصادية الإيجابية التي تعمل عليها السعودية، مؤكداً في الوقت ذاته أن تطبيق بعض المبادرات التي تستهدف زيادة الإيرادات غير النفطية يمثّل إنجازًا بارزًا. ويأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه أرقام التقرير الربعي للميزانية السعودية عن ارتفاع ملحوظ في الإيرادات غير النفطية خلال الربع الأول من عام 2018.

وتوقع صندوق النقد الدولي، وفقاً لبيان صحافي صادر عن بعثة خبراء الصندوق التي زارت السعودية خلال الفترة من 2 إلى 14 مايو/أيار الماضي، تحسناً في النمو الاقتصادي للسعودية خلال العام الجاري، وعلى المدى المتوسط، كما أنهم توقعوا في الوقت ذاته تقدماً في تنفيذ الإصلاحات الطموحة في إطار "رؤية المملكة 2030".

ووفقاً للبيان الصحافي الصادر عن بعثة الصندوق، فإن تطبيق بعض مبادرات الإيرادات غير النفطية يمثل إنجازًا بارزًا في السعودية، كما أن تحسين مناخ الأعمال يشهد تقدمًا كبيرًا من خلال تحديث نظام المشتريات الحكومية، وتسهيل إجراءات ترخيص مؤسسات الأعمال وتنظيمها. وأشار الصندوق إلى أن القطاع العام في السعودية يستطيع أن يقوم بدور محفز للتنمية ببعض القطاعات الجديدة. وبخصوص ربط سعر صرف الريال بالدولار الأميركي، قال الصندوق إن ذلك لا يزال يفيد السعودية بشكل جيد، نظراً إلى هيكل اقتصادها.

يشار إلى أنه في مؤشر جديد يؤكد قدرة المملكة العربية السعودية على ترجمة إصلاحاتها الاقتصادية إلى واقع ملموس، أعلنت وزارة المالية في البلاد في وقت سابق عن تقريرها الربعي لأداء الميزانية العامة للدولة، حيث كشفت الأرقام عن نمو الإيرادات غير النفطية في الربع الأول من 2018 بنسبة 63 في المائة، مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي. وعلق وزير المالية محمد عبد الله الجدعان على النتائج، آنذاك، قائلاً: "هذه الأرقام تؤكد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تحرز تقدمًا ملحوظًا في مبادراتها المالية، وفق المخطط له في برنامج التوازن المالي".