"الحرب التجارية" بين أوروبا وأميركا

بعد أيام من الأخذ والرد، وتحذيرات أوروبية من "حرب تجارية" أثارت قلق الأسواق، وأدت إلى استقالة مستشار اقتصادي للرئيس دونالد ترامب، أكد البيت الأبيض، الأربعاء، أنه سيُعلن نهاية الأسبوع تفاصيل الرسوم الجمركية التي سيفرضها على واردات الصلب والألومنيوم. وجاء هذا الإعلان بعد ساعات قليلة من إقرار المفوضية الأوروبية، خطة للعقوبات المضادة التي ستفرضها على بعض المنتجات الأميركية إذا فرضت أميركا الرسوم الجمركية، وإن أبقت قرار التنفيذ معلَّقًا بانتظار الخطوات الأميركية المقبلة، في وقت رفضت مسؤولة في المفوضية الأوروبية "مبرر الأمن القومي" الذي ساقه ترامب بداية الشهر.

وأكدت الناطقة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز "ما زلنا نعتزم إعلان ذلك نهاية الأسبوع"، بعد أن قال ترامب إنه يريد فرض رسوم بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب، و10 في المئة على واردات الألومنيوم، من دون أن يحدد التاريخ أو البلدان المستهدفة. وحمَل الرئيس الأميركي بعنف على القواعد التجارية للاتحاد الأوروبي، وقال إن الأوروبيين "عمليًا يجعلون من المستحيل علينا أن نقوم بأعمال معهم، ومع ذلك فإنهم يرسلون سياراتهم وبقية منتجاتهم إلى الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن بلاده تقدم "دعمًا ماليًا وعسكريًا لأوروبا"، وأضاف "الاتحاد الأوروبي لم يعاملنا جيدًا، وهذا كان وضعًا تجاريًا سيئًا غير عادل إطلاقًا"، كما أوضح وزير التجارة الأميركي ويلبور روس في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي"، أن أميركا لا تسعى إلى حرب تجارية، وإن قرار فرض رسوم على واردات الصلب والألومنيوم "دُرس بعناية".

وتتجه الأنظار إلى أجواء عدم الاستقرار والفوضى التي تخيّم على الإدارة الأميركية، وآخرها استقالة مستشار الرئيس لشؤون الاقتصاد غاري كوهين الداعم حرية التجارة، ما عزز المخاوف من حرب تجارية نتيجة نية واشنطن فرض الرسوم الجمركية على الواردات. وانعكست الاستقالة على وول ستريت حيث هبط مؤشر "داو جونز" الصناعي أكثر من 1 في المئة في بداية جلسة التداول الأربعاء، كما هبطت الأسهم الأوروبية، فيما تراجعت أسعار النفط متأثرة بانخفاض المخزونات في السوق.

وفي بروكسيل، نفت عضو المفوضية، مسؤولة العلاقات التجارية سيسيليا مالستروم، أن تشكِّل منتجات الفولاذ الأوروبية "تهديدًا للأمن القومي الأميركي". وأعربت عن شكوكها في تطابق هذا المبرر مع مقتضيات اتفاقات منظمة التجارة العالمية. وذكرت أن الاتحاد الأوروبي "يتشاور مع الشركاء، ويبحث إمكان عرض المبرر الأميركي على منظمة التجارة العالمية".

وفي رد على ما اعتُبر في بروكسيل "سياسة حمائية" أميركية، وقول ترامب إن الحروب التجارية "جيدة ومن السهل الانتصار فيها"، كتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، في تغريدة "إن الحروب التجارية سيئة وتَسهُلُ خسارتها". كما قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، لإذاعة "آر تي أل" الفرنسية، إن الحروب التجارية لا يربحها أحد، فـ "العواقب على الاقتصاد الكلي ستكون خطيرة، ليس إذا أخذت الولايات المتحدة إجراءً فحسب، لكن إذا ردت الدول الأخرى، خصوصًا تلك التي ستكون الأشد تأثرًا، مثل كندا وأوروبا وألمانيا".

وصادقت المفوضية الأوروبية في اجتماعها في بروكسيل، على خطة العقوبات المضادة التي عرضها الرئيس جان كلود يونكير للرد على العقوبات الأميركية، إذا نُفِّذت. وأكدت أن العقوبات "ستكون مناسِبة وتحترم مقتضيات قوانين منظمة التجارة العالمية".