نظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"

يساند القدر دائمًا الجزائر في أن يصبح أي اجتماع على أرضها لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" حاسمًا أو تاريخيًا، بدايةً من عام 1975 ميلادية، حيث تم عقد أول مؤتمر لدول "أوبك" على مستوى رؤساء الدول في الجزائر، وفي عام 2008 عقدت "أوبك" اجتماعًا تاريخيًا في وهران لوقف تدهور أسعار النفط، وفي 2016 اتفقت "أوبك" اتفاقًا تاريخيًا لخفض إنتاجها وإنقاذ السوق.
ويجتمع وزراء من "أوبك" بعد أيام قليلة، مع وزراء من دول خارج "أوبك" في العاصمة الجزائرية من أجل حسم ملف إعادة الاستقرار للسوق، من خلال ضخ كميات إضافية من النفط لجعل نسبة امتثال الدول 100 في المائة من إجمالي الكمية التي تم الاتفاق عليها منذ بداية عام 2017 وهي 1.8 مليون برميل يوميًا.

تقصُا شديدًا في الانتاج
وما حدث مؤخرًا هذا العام هو أن بعض دول "أوبك" وحلفائها المعروفين باسم "أوبك+" واجهت نقصاً شديداً في الإنتاج؛ مما جعل نسبة الامتثال للتخفيضات المعلنة أعلى من 100 في المائة؛ وهو ما يعني أن الكمية التي تم تخفيضها أعلى من الكمية التي تم الاتفاق عليها.
وتسبب هذا الأمر في هبوط المخزونات النفطية في الدول الصناعية إلى مستوى عالٍ جداً قارب من 50 مليون برميل تحت متوسط السنوات الخمس، بعد أن كانت المخزونات فوق متوسط السنوات الخمس بنحو 360 مليون برميل في بداية 2017.
واتفقت "أوبك+" في يونيو /حزيران في فيينا على رفع الإنتاج لإعادة نسبة الامتثال إلى 100 في المائة حتى تعود السوق إلى التوازن مجددًا، لكن الأمور تعقدت مع إعلان الولايات المتحدة فرض حظر نفطي على إيران؛ مما جعل "أوبك+" في حاجة إلى زيادة الإنتاج بشكل أكبر من قدرة جميع الدول.

انتقادات أميركية إلى "أوبك"
ووجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب سهام انتقاده لـ"أوبك" أمس، وكتب على "تويتر"، "نحمي دول الشرق الأوسط، ومن غيرنا لن يكونوا آمنين، ومع ذلك يواصلون دفع أسعار النفط لأعلى! سنتذكر ذلك، على منظمة "أوبك" المحتكرة للسوق دفع الأسعار للانخفاض الآن!".
وجاءت تصريحات ترامب بعد يوم من نشر وكالة "بلومبيرغ" تقريرًا، قالت فيه "إن السعودية أظهرت ارتياحًا حيال ارتفاع أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل".
وتحت ضغط من الرئيس الأميركي، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا وحلفاء آخرون في يونيو على زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً، بعد أن شاركوا في اتفاق لخفض الإمدادات منذ 2017.
ومن المقرر أن يجتمع تحالف "أوبك+" بعد غدٍ الأحد، في الجزائر لبحث كيفية إدراج تلك الزيادة البالغة مليون برميل يوميًا، ضمن إطار حصص إنتاج الدول المشاركة في التحالف.

وقف الخام الإيراني
وتريد واشنطن وقف صادرات الخام الإيراني تمامًا بحلول نوفمبر /تشرين الثاني، وتضغط على السعودية وبقية أعضاء "أوبك" وروسيا لضخ المزيد من الخام لتعويض النقص.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر في "أوبك"، أنه من المستبعد أن تتفق المنظمة وحلفاؤها على زيادة رسمية في إنتاج الخام عندما يجتمعون في الجزائر مطلع الأسبوع المقبل، لكن الضغوط تتصاعد على كبار المنتجين للحيلولة من دون حدوث طفرة في أسعار النفط قبيل عقوبات أميركية جديدة على إيران.
وأضافت المصادر أن السعودية، أكبر منتج في "أوبك"، تخشى أن أي طفرة في أسعار النفط بفعل العقوبات قد توقد شرارة انتقادات جديدة من الرئيس الأميركي ترمب، لكنها قلقة أيضاً من عدم كفاية الطاقة الإنتاجية الفائضة لتعويض أي نقص.
والمملكة بين شقي الرحى؛ إذ تسعى لمنع الأسعار من الارتفاع فوق 80 دولاراً للبرميل قبل انتخابات الكونغرس الأميركي، وفي الوقت نفسه درء الشكوك بشأن قدرتها على تعويض انخفاض الإنتاج الإيراني.

الأمر مُعقَّد في "أوبك"
وقال مصدر في "أوبك"، إلى وكالة "رويترز"، "الأمر معقد، على السعودية أن توازن بين العرض والطلب النفطي، وأن توازن أسعار النفط بحيث لا ترتفع أكثر من اللازم قبل الانتخابات الأميركية". وأضاف أن "الأمر سياسي أيضاً، لأن السعوديين لا يريدون ضخ النفط أكثر من اللازم ثم يتوجه الإيرانيون بالشكوى إلى "أوبك" بأنها "السعودية" تأخذ الحصة السوقية "لإيران"، وفي الوقت ذاته، لا يريدون أن تتراجع الأسعار أكثر من اللازم".
وتقول مصادر "أوبك"، "إنه لا خطة وشيكة لأي تحرك رسمي؛ إذ إن خطوة كهذه ستتطلب أن تعقد "أوبك" ما تطلق عليه "اجتماعاً استثنائياً"، وهو أمر غير مطروح للنقاش".
وقالت المصادر "إن اجتماع الأحد سيناقش كيفية توزيع زيادة الإنتاج المتفق عليها، وسيدرس ما إذا كانت السوق في حاجة إلى مزيد من النفط لتعويض خسارة الإمدادات الإيرانية وانخفاض إنتاج فنزويلا".

توزيع الزيادة
وقال مصدران "إن الاجتماع قد يصدر توصية بشأن توزيع الزيادة؛ إذ إن معظم الدول المشاركة ستكون ممثلة"، وقال مصدر آخر في "أوبك"، "لا توجد اقتراحات بشأن اجتماع استثنائي في الجزائر".
وأضاف المصدر، أن اللجنة الوزارية المشتركة بين "أوبك" والمنتجين المستقلين المعروفة باسم لجنة المراقبة الوزارية المشتركة، التي تجتمع في الجزائر يوم الأحد، ما زال بمقدورها تقديم توصية إلى التحالف عموماً بزيادة أخرى في الإنتاج إذا اقتضت الضرورة.
وقال مصدر آخر في "أوبك"، "لكي تتخذ قراراً، تحتاج إلى حضور جميع الوزراء. ليس جميع الوزراء حاضرين، لكن معظم الوفود ستكون ممثلة".

عقوبات أميركية ضد إيران
وتدخل عقوبات أميركية على صادرات النفط الإيراني حيز النفاذ في نوفمبر، مع انخفاض إنتاج البلاد بالفعل لأدنى مستوى في عامين، وسيؤدي انخفاض إنتاج فنزويلا والتوقف غير المخطط له للإمدادات في أماكن أخرى أيضاً إلى استمرار شح المعروض بالسوق.
ودعمت المخاوف بشأن نقص الإمدادات أسعار الخام في الأسابيع الأخيرة، مع تداول خام القياس العالمي برنت فوق 79 دولاراً للبرميل يوم الخميس، وأبلغت مصادر لدى "أوبك" وفي القطاع "رويترز"، أن شركات تكرير صينية وهندية وأخرى آسيوية تطلب من منتجي الشرق الأوسط، مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت، مزيداً من الشحنات.