تربية الدواجن في مصر

 تسود حالة من الترقب في وزارة الزراعة، بعد الاشتباه في إصابة مجموعات كبيرة من الدواجن بفيروس أنفلونزا الطيور الأميركي، الذي دمر صناعة تربية الدواجن في الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أدى إلى قيام هيئة الخدمات البيطرية بتشكيل 27 فرقة، لجمع عينات الدواجن المشتبه في إصابتها بفيروس أنفلونزا الطيور h5n8  من المزارع في جميع المحافظات لفحصها، والتأكد من إصابتها بالفيروس من عدمه.

وكشفت دراسة أن مصر تحتل المركز الأول عالميا، في ارتفاع معدل الإصابة بأنفلونزا الطيور في تاريخ المرض على مستوى العالم، وسجلت بداية عام 2015 ارتفاع معدل الإصابة إلى إصابة حالة كل يوم، بينما تم تسجيل 29 حالة مصابة بالمرض في عام 2014 ، منها 13 حالة وفاة، وتصل نسبة تربية الطيور في 12 محافظة داخل مصر إلى 85%، ووصل مرض أنفلونزا الطيور لـ16 دولة، نجحت 10 منها في التخلص منه تماما، و6 دول لم تستطع حتى الآن التخلص منه، وعلى رأسها مصر.

وارتفعت حالات الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور خلال عام 2015، لـ20 حالة، بعد تسجيل 3 إصابات جديدة، و5 حالات وفاة بالمرض نفسه، وتعد المنيا من أكثر المحافظات التي وقعت فيها حالات إصابة بمرض أنفلونزا الطيور، وذلك لكثافة تربية الدواجن فيها، بينما وصل أعداد حالات الوفاة خلال عامي 2014، 2015 إلى 13 حالة.

وفي عام 2009، قدرت دراسة حديثة صادرة عن كلية الزراعة جامعة عين شمس، حجم خسائر صناعة الدواجن بنحو 12 مليون جنيه يوميا بعد انتشار المرض، وفي 2010 أكدت مناقشات جلسة أمراض الحيوان الوافدة وعلاقتها بالإنسان، في المنتدى الدولي الذي تنظمه جامعة القاهرة، أن مصر تكبدت خسائر تقدر بـ6 مليارات جنيه، نتيجة انتشار فيروس أنفلونزا الطيور والخنازير، واستيراد المصل واللقاح المضادة لهذه الفيروسات.

وبحسب تقرير رسمي أعدته وزارة الزراعة في 2011، عن حجم خسائر صناعة الدواجن في مصر من جراء أنفلونزا الطيور، فإن إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بمزارع الدواجن قدرت بنحو 25 مليار جنيه، فيما أكدت دراسة سابقة لاتحاد الغرف التجارية، أعدت العام الماضي، أن صناعة الدواجن تأثرت في مصر بمرض أنفلونزا الطيور، مع بدء ظهوره بالصين في أكتوبر عام 2005، ثم انتقاله إلى مصر، حيث انخفضت أسعار الدواجن بنحو 30% خلال الفترة من أكتوبر 2005 إلى فبراير 2006 وقت إعلان ظهور المرض.

في البداية أرجع الدكتور البيطري، مجدي مرزوق، ارتفاع نسبة النفوق فى العديد من المزارع على مستوى الجمهورية، إلى وجود مرض يصيب "الكتكوت" (الصوص) فى بداية مرحلة النضج، ويطلق عليه "نيو كاسل"وهو مرض وبائي ولا توجد أمصال للقضاء عليه.

وقال مرزوق إن استيراد أكثر من 80% من الأدوية، يجعلنا أمام ضرورة ملحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية البيطرية مطالبا بضرورة دراسة جميع الأبحات العلمية التى تسير فى هذا الصدد والعمل على توفير المادة الخام المصرية لكي نبتعد عن أزمة الدولار، مناشدا مديرية الزراعة بضرورة توفير الأدوية والأمصال التحصينية، والكتاكيت المؤهلة للتربية.

وأكد الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة في غرفة القاهرة التجارية، أن صناعة الدواجن في انهيار منذ ظهور مرض أنفلونزا الطيور، مشيرا الى أن المرض اصبح من الأمراض الوبائية المتوطنة، نافيا ما تردد عن ان نسبة نفوق الدواجن والتى بلغت نسبتها الى ما يقرب من 75 % من المزارع نتيجة الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور الأميركي.

وقال إن كليات الطب البيطري، جمعت ٥٠٠ عينة من بعض المحافظات التي تكثر فيها مزارع الدواجن والمربون، للوقوف على ماهية الأمر وتم تحليل 25 عينة في معهد بحوث صحة الحيوان في وزارة الزراعة، ولم يظهر فيها الفيروس الأميركي بل ظهر فيروس أنفلونزا الطيور، موضحا أنه حتى الان لم تثبت وجود أي عترات أخرى لأنفلونزا الطيور في مصر.

وأوضح أنه تم تشكيل لجان فنية من خبراء هيئة الخدمات البيطرية، وأساتذة الجامعات المشرفين على المزارع ،التى شهدت نفوق قطعانها، لتتبع كل مرض من الأمراض التي يشتبه أنها تسببت فى النفوق، أو توافرت دلائل للإصابة بها وهي أمراض إنفلونزا الطيور و"النيوكاسل" و"الجمبورو"، وسيتم فحص كل المسببات التى يشتبه فيها وقد تؤدي إلى ظهور أمراض، مؤكدا أن نتائج اللجان المشكلة سوف تظهر بداية الأسبوع المقبل.

ووجه السيد أصابع الاتهام إلى الجهاز الإداري للدولة، بأنه وراء انهيار صناعة الدواجن، وتشريد ما يقرب من 2 مليون عامل، لافتا إلى أن توطن مرض أنفلونزا الطيور وتمحوره أدى إلى تراجع الإنتاجية من 2.2 مليون طائر يوميا إلى أقل من مليون طائر، الأمر الذي دفع الدولة إلى فتح باب الاستيراد لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

وناشد رئيس الشعبة بضرورة اهتمام الدولة المتمثلة فى هيئة الخدمات البيطرية، بتوفير الأمصال والجرعات للحد من الإصابة بالأمراض والوقاية منها، لافتا إلى أن أسعار الدواجن في الأيام المقبلة سوف تشهد ارتفاعا ملحوظا، نتيجة شح الإنتاج حيث أن الطاقة الإنتاجية في رمضان بلغت 6ر1 مليون طائر، مقارنة بـ 2 مليون طائر، إضافة إلى وصول طن الأعلاف إلى 5150 جنيها ، كما ارتفعت أسعار العلف والأمصال من 40% إلى 60 %، إضافة إلى ارتفاع سعر الطاقة.

ومن جهته نفي النقيب العام للأطباء البيطريين، الدكتور خالد العامري، نفوق الدواجن في المزارع بمرض الأنفلونزا الأميركي، موضحًا أن ارتفاع درجات الحرارة وعدم جاهزية المزارع لتحمل مثل هذه الدرجات، أثرت بشكل سلبي على الكتاكيت.

وارجع نقيب الأطباء إلى توطن بعض الأمراض في مصر سواء الداجنة أو الحيوانية، الى "بيزنس" اللقاحات، مبينا أن مصر تنتج من 3 إلى 5% من الاستخدام المحلي فقط، ورغم وجود خبرات إلا انه يتم استيراد اللقاحات الحية، التي هي السبب الرئيسي في توطن المرض.

وأشار إلى أن المَزارع تواجه مشكلة التلوث وعدم تسجيلها، لمخالفتها اشتراطات التسجيل خاصة في محافظة المنيا التي لديها 22 مزرعة فقط مسجلة، خلاف العدد الحقيقي البالغ ألف مزرعة، مطالبا الحكومة العمل على تذليل العقبات أمامهم من أجل صحة المواطن، خاصة وأن عشوائيتهم تتسبب في فشل برامج التحصين وعدم امكانيتهم من التبليغ عن الدواجن النافقة لديهم خوفا من غلق هذه المزارع.

وشدد على ضرورة تفعيل الإشراف البيطري على المزارع، سواء من خلال تعيين صاحب المزرعة لطبيب بيطري، أو أن تعيين الدولة أطباء وتكلفهم بالإشراف عليها.

بينما كشف‏ دكتور سيد صبحي طبيب أمراض الدواجن‏، أن الأمراض الفيروسية في الدواجن متعددة، وأن هناك مشاكل صغيرة تقابل المربي، ولو لم يمكنه التغلب عليها لأدت به إلى خسائر لا حصر لها.

وأشار إلى أنه توجد أمراض معدية تصيب الجهاز التنفسي للدواجن، تسببها أنواع مختلفة من الكائنات الممرضة كالفيروسات والبكتريا والميكوبلازما وفطريات ووجود طيور بكثافات عالية في المزارع ، كل ذلك يعمل على سهولة انتشار الأمراض التنفسية بين الطيور .

ورصد صبحي أخطر الأمراض التي ليس لها علاج، ويأتي في مقدمتها مرض نيوكاسل والالتهاب الشعبي المعدي، وجدري الطيور وأنفلونزا الطيور والتهاب الأنف ومرض القصبة المعدي، ومتلازمة الرأس المتورّم والزكام المعدي وداء المتدثرات ومرض مريك والجمبور ومرض البرسا المعدي، وتوجد أمراض أخرى تسبب نفوق قطعان كبيرة من الدواجن بخلاف هذه الامراض.

وأوضح صبحي أن طرق الوقاية من الأمراض التى تؤثر على ثروة الدواجن ، تتمثل في العلف الذي يحتاج الي مواصفات معينة في تركيبته، لأنه إذا نقصت المكونات الغذائية يؤثر علي الجهاز المناعي، فضلا عن توفير البيئة المناسبة من حرارة ورطوبة وتهوية، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء اللقاحات والتحصينات، لافتا إلى أن الجهاز المناعي هو الأهم من الجهاز التنفسي والهضمي ولو تأثر المناعي لتأثر التنفسي والهضمي.

ونصح صبحي الحكومة، بأهمية العمل على النهوض بثروة الدواجن، من خلال  مواجهة التحديات التى تؤثر سلبا على نمو قطاع الثروة الحيوانية والداجنة في مصر، بالعمل على تنفيذ استراتيجية تتضمن توفير الأمصال واللقاحات، لمكافحة الأمراض والأوبئة الحيوانية والداجنة ، والتوسع في تقديم القروض للمربين والمنتجين للماشية والدواجن، بالإضافة إلى زيادة كميات الأعلاف المتوافرة محليا ، من خلال التوسع في زراعة الذرة بدلا من الاستيراد، وتسهيل الحصول على قروض بنكية لتحقيق طفرة في المعروض، وعدم الاستيراد من الخارج.