القاهرة - محمود حساني
حضر الرئيس المصري ، عبد الفتاح السيسي صباح الأحد ، في مدينة شرم الشيخ الاحتفال بمناسبة مرور 150 عاماً على بدء الحياة النيابية في مصر، وذلك في حضور أعضاء مجلس النواب المصري، ورؤساء وأعضاء البرلمانين العربي والأفريقي، وسكرتير عام الاتحاد البرلماني الدولي، بالإضافة إلى عدد من رؤساء البرلمانات العربية وكبار الشخصيات البرلمانية على مستوى العالم.
وألقى الرئيس كلمة بهذه المناسبة، استهلها بتقديم العزاء في النائبة أميرة رفعت، التي وافتها المنية صباح اليوم الأحد إثر حادث أليم. وجاء نص الكلمة على النحو التالي :" يطيبُ لى أن أرحب بكم اليوم في مصر للاحتفال بمرور مائة وخمسين عاماً على بدء الحياة النيابية المصرية، وأنتهز هذه المناسبة لأتوجه بالشكر لكم جميعاً لحرصكم على مشاركتنا الاحتفال بهذه الذكرى المهمة.
وفى البداية أود أن أتوجه بالتهنئة إلى الشعب المصرى العظيم ولقيادته وأعضاء مجلس النواب الموقر على هذه المناسبة التى تجسّد عراقة الحياة النيابية في مصر، والتي شهدت إنشاء أول مجلس نيابي في العالم العربي وأفريقيا بصدور مرسوم الخديوي إسماعيل في عام 1866 بإنشاء "مجلس شورى النواب.
لقد ظل تاريخ الحياة النيابية في مصر عبر العقود الماضية مرآة للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، حيث مرّ البرلمان المصري بتحولات كبيرة منذ نشأته في منتصف القرن التاسع عشر حتى وقتنا الحاضر، فبينما بدأ "مجلس شورى النواب" بـ76 عضواً للمداولة فقط في المنافع الداخلية والتصورات التي تراها الحكومة وعرضها على الخديوي، فإن مجلس النواب الحالي يتكون من 596 عضواً، وكفل له دستور 2014 سلطات وصلاحيات واسعة وغير مسبوقة، حيث يقوم بأربع وظائف رئيسية تتمثل في ممارسة سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، وإقرار الخطة العامة للتنمية، والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وهي أمور تجعلنا كلنا نفخر بما أنجزه الشعب المصري خلال قرن ونصف من الزمان.
كما أن الحياة النيابية في مصر، شأنها شأن بلدان العالم كافة ، تعكس روح الحياة الحزبية فيها بصورة توضح بجلاء مدى تطور ونضج تجربتها السياسية، فعندما بدأ "مجلس شورى النواب" عام 1866 بتمثيل العُمد والأعيان فقط، وكان تنظيمه الداخلي يتكوّن من خمسة أقلام، أي لجان، نجد الآن أن مجلس النواب يضم ممثلين عن تسعة عشر حزباً سياسياً إلى جانب أعضائه المستقلين، ويتكون تنظيمه الداخلي من خمسة وعشرين لجنة، وهو ما يعكس التطور الذي شهدته الحياة النيابية في مصر، بالإضافة إلى حجم المسؤوليات الملقاة على مجلس النواب الموقر.
لقد سطرت مصر في العام الماضي مرحلة جديدة مهمة في حياتها النيابية بانتخاب البرلمان الأوسع تمثيلاً في تاريخها سواء من حيث العدد أو تمثيل مختلف فئات الشعب وأطيافه، إذ وصلت نسبة تمثيل الشباب في مجلس النواب الحالي إلى ما يزيد عن 40%، كما يتم تمثيل المرأة بـ 90 نائبة، فضلاً عن تمثيل المصريين في الخارج وذوي الاحتياجات الخاصة للمرة الأولى في تاريخ الحياة النيابية في مصر، ويأتي ذلك كله بهدف ضمان مشاركة جميع أطياف وفئات المجتمع المصري في عملية صنع القرار تحقيقاً لتطلعاتهم نحو ترسيخ مرحلة جديدة في الحياة السياسية المصرية.
لقد شرع مجلس النواب في ممارسة مهامه مع بداية العام الجاري في ظل ظروف وتحديات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، وكان على المجلس مهام جسام حدد الدستور لبعضها آجالاً زمنية لإنجازها نتيجة للظروف الخاصة الناجمة عن المرحلة الانتقالية التى أعقبت ثورة 30 حزيران/يونيو، وقد تمكن البرلمان المصري الجديد من استكمال هذه المهام التشريعية بنجاح وفى مواعيدها المحددة، فضلاً عن مناقشة وإقرار عدد من التشريعات الحاكمة والضرورية لإعادة دفع عجلة التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية وترسيخ قيم المواطنة.
وتزامناً مع احتفالنا اليوم، بدأ منذ أيام قليلة الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب الموقّر، ومع إدراكي بأن المهام الملقاة على عاتقه ستكون جسيمة، إلا أننى على ثقة كاملة في أن أعضاء المجلس قادرون على اتخاذ القرارات الصعبة التى تحافظ على أمن البلاد وتحقيق النهضة الاقتصادية المنشودة والاستمرار في إعلاء المصالح العليا للوطن، وممارسة سلطتى التشريع والرقابة بكل نزاهة وتجرد، وأن تكون قضايا التعليم والصحة والشباب والمرأة ومحدودى الدخل على قمة أولوياتهم.
ولا يخفى على أحد الدور المهم الذي تقوم به المجالس النيابية المنتخبة في الدفاع عن مصالح الشعوب ودعم جهود أبنائها وطموحاتهم المشروعة. وقد أثبتت تجربة مصر النيابية عبر العقود الماضية محورية الدور الذي يقوم به البرلمان خلال مسيرة الوطن، ونتطلع الآن لأن يستكمل مجلس النواب الحالي تلك المسيرة ليترجم تطلعات الشعب المصري إلى قرارات وتشريعات فعالة تحقّق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، وبما يلبي طموحات المصريين الذين خرجوا في ثورتين متتاليتين خلال ثلاث سنوات للمطالبة بالنهوض بأوضاع الوطن وحماية مقدراته.
وإذ أعرب في ختام كلمتي عن امتنانى للحضور كافة لحرصهم على التواجد اليوم لمشاركتنا الاحتفال بمرور مائة وخمسين عاماً على بدء الحياة النيابية المصرية، فإن هذا الجمع الكريم يُعبر عن إيمان عميق بقيمة الدور الذي تقوم بها المؤسسات الشعبية المنتخبة في بلادنا، كما يؤكد الحرص على دعم جهودها للمساهمة في تحقيق الأمن والرخاء للشعوب والأوطان".