القاهرة - سهام أبوزينة
أثّر القرار الأخير بزيادة أسعار الوقود، بشكل سلبي على عدد كبير من السلع الاستهلاكية، من ناحية تفاقم حالة الركود التي تضرب الأسواق منذ قرار تعويم الجنيه وتحرير سوق الصرف في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حيث اشتكى عدد من التجار من ارتفاع تكلفة النقل بشكل كبير، بعد ارتفاع أسعار السولار والبنزين، في الوقت الذي لا يمكنهم زيادة الأسعار، بسبب تراجع الطلب.
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر للمرة الأولى منذ 10 أشهر، إلى 13.8 بالمائة في يونيو/حزيران الماضي، من 11.5 بالمائة في الشهر السابق له، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وشهد شهر حزيران 2018، عودة معدل التضخم السنوي للصعود مجددًا للمرة الأولى بعد 10 أشهر من الهبوط المتواصل، بعدما بلغ الذروة بـ34.2 بالمائة في يوليو/تموز 2017.
وفيما يخص ركود الأسواق، قال علي محمد، تاجر فواكه، إن أسعار النقل ارتفعت بصورة كبيرة في المرة الواحدة، وكلما بعدت المسافة كلما زاد سعر الأجرة، مضيفًا أن "أجرة العمال"، ارتفعت هي الأخرى مقابل تحميل السيارة النقل وكذلك بقية العمالة الذين يبحثون عن القدرة على العيش وسط حالة الغلاء، كما أشار إلى أن هناك حالة من الركود تضرب الأسواق والزيادات المتتالية ندفع ثمنها، موضحا أن أكثر المتضررين من ارتفاع الأسعار هم الفلاحون والتجار لكون الفلاح لا يستطيع جمع تكلفة زراعته، والتاجر بالكاد يجمع ثمن بضاعته.
وبدوره يقول، حسين فراج، صاحب محل ملابس "لم يعد هناك بيع وشراء كما كان سابقًا، بسبب ارتفاع الأسعار، وعدم قدرة المواطن على شراء مستلزماته كاملة"، مضيفًا أنهم مطالبون بأجور عمال وفواتير كهرباء وإيجار، في مقابل انخفاض كبير في نسب البيع، وأشار إلى أن غالبية المحلات اتجهت للبيع بالآجل أو القسط لمراعاة ظروف الناس، وللقدرة على مواجهة مستلزمات محلاتهم.
وأكد أيضًا حمادة عاشور، صاحب محل سمك، أن أسواق السمك تشهد ركودًا منذ أكثر من 3 أشهر بسبب ارتفاع أسعاره خلال الأشهر الماضية، مما أدى إلى ركود في الأسواق وعدم إقبال المواطنين بشكل كبير على شرائه، وأضاف أن أسعار السمك خلال الشهر الحالي شهدت انخفاضًا ملحوظًا عن باقي الشهور الماضية، مما أدى إلى بدء انتعاش السوق مرة أخرى وإقبال المواطنين.
وعلى خلفية أراء "تجار السوق"، يقول الدكتور عبد الخالق فاروق، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية، لـ"مصر اليوم" إن من أهم أسباب الركود الاقتصادي وتراجع المبيعات في السوق المصري خلال الأشهر السابقة ارتفاع أسعار مختلف السلع نتيجة اعتمادنا على استيراد 70% من المنتجات الصناعية، وتابع أن نتيجة ذلك تنعكس على تكلفة عناصر الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أن عدم استقرار السياسات الاقتصادية في الفترة الماضية أدى إلى مزيد من الركود الاقتصادي.
وأوضح فاروق أن حلول هذه الركود تتمثل في ضرورة إعادة تشغيل المصانع المتعطلة لزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار ما يؤدى لزيادة حركة المبيعات، بالإضافة إلى الاعتماد على المنتج المحلي في الصناعة والاستغناء عن المستورد، لتخفيض تكلفة الإنتاج إضافة إلى وضع رؤية اقتصادية تتشارك فيها كل الأطراف في الدولة.
وبدوره شدّد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي لـ"مصر اليوم"، على أن انخفاض المبيعات والركود الاقتصادي في مصر نتيجة طبيعية في ظل ارتفاع معدلات التضخم ومراجعة المستهلكين أولوياتهم قبل شراء أي سلعة في الوقت الحالي واستغنائهم عن السلع التكميلية، مشيرا إلى أن من بين حلول هذه المشكلة محاولة الشركات تقليل هامش الربح الذي قد يكون مبالغا فيه وتقديم منتجات أسعارها في متناول المستهلك، ومساعدة الدولة للقطاعات المختلفة في حل مشكلاتها سواء في استيراد المواد الخام التي تعتمد عليها فى الإنتاج أو مراجعة القوانين التي تساعد على زيادة الإنتاج للصناعة.
جدير بالذكر، أن الحكومة قلّصت دعم الوقود، منتصف الشهر الماضي، وطّبقت زيادات في الأسعار بين 17.4 و66.6 بالمائة، وتعد هذه الزيادة الثالثة لأسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه ضمن اتفاق أبرمته القاهرة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، كما تعد تلك الزيادة الثالثة التي تمس خدمات حياتية مهمة للمواطنين خلال نحو أسبوعين، بعد زيادات في المياه والكهرباء، إضافة إلى زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق قبل نحو 3 أشهر.