واشنطن ـ رولا عيسى
تراجعت أسعار النفط نحو 5% الخميس ، لتسجل أدنى مستوى في أكثر من عام بفعل المخاوف بشأن تخمة المعروض وتوقعات الطلب على الطاقة، بعد أن دفع رفع سعر الفائدة الأميركية أسواق الأسهم للانخفاض.
وانخفضت أسواق الأسهم على مستوى العالم بعدما رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سعر الفائدة، وأبقى على معظم توقعاته لمزيد من الزيادات في العامين المقبلين، ما قوض آمال المستثمرين في توقعات أكثر ميلًا إلى التيسير النقدي , وانخفض الخام الأميركي الخفيف 2.35 دولار للبرميل بما يعادل 4.9% إلى 45.82 دولار للبرميل، ثم تعافى قليلًا إلى 46.50 دولار للبرميل بحلول الساعة 1020 بتوقيت غرينتش.
وانخفض خام برنت 2.60 دولار للبرميل أو 4.5% إلى 54.64 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر / أيلول 2017 , وصعدت العقود الآجلة للخامين بشدة أول من الأربعاء ، لكنها تقترب الآن من أدنى مستوياتها في أكثر من 15 شهرًا وأقل بأكثر من 30% عن أعلى مستوى خلال أعوام، والمسجل في بداية أكتوبر / تشرين الأول.
كانت منظمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك) ومنتجو نفط آخرون من بينهم روسيا قد اتفقوا هذا الشهر على خفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميًا في محاولة لتصريف المخزونات وتعزيز الأسعار , لكن التخفيضات لن تحدث حتى الشهر المقبل والإنتاج عند مستويات قياسية مرتفعة أو قريب منها في الولايات المتحدة وروسيا والسعودية.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إنه يتوقع تراجع مخزونات النفط العالمية بنهاية الربع الأول من السنة، لكنه أضاف في تصريحات صحافية أن السوق تظل منكشفة على مخاطر سياسية واقتصادية بالإضافة إلى المضاربة.
وقال الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو، في رسالة اطّلعت عليها "رويترز "، الخميس ، إن المنظمة تعتزم نشر جدول بتفاصيل حصص خفض إنتاج النفط الطوعي لكل عضو وللحلفاء مثل روسيا، وذلك في مسعى لدعم الأسعار.
وقال فاتح بيرول مدير وكالة الطاقة الدولية، إنه من المتوقع تسارع إنتاج النفط الأميركي بينما سيواصل الإنتاج الفنزويلي تراجعه. وأضاف بيرول متحدثًا في إسطنبول، أنه يتوقع نموًا كبيرًا في إنتاج النفط الأميركي حتى 2025، وقال إنه لا يتوقع زيادة حادة في أسعار النفط في المدى القريب.
وتُظهر التوقعات أن الزيادة في إنتاج النفط الخام الأميركي ستطمس تخفيضات إنتاج «أوبك» الرامية لإعادة التوازن إلى السوق بنهاية العام المقبل مما يقوض جهود المنظمة، في الوقت الذي يزيد فيه منتجو النفط الصخري مستوى الإنتاج بغض النظر عن بيئة السعر , وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية الأربعاء، إن إنتاج الولايات المتحدة من النفط بلغ 11.6 مليون برميل يوميًا في أحدث أسبوع، وهو ما يقل قليلاً فحسب عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 11.7 مليون برميل يوميًا , وإذا زاد الإنتاج بالمعدل الذي تتوقعه إدارة المعلومات فإنه سيبتلع عمليًا تخفيضات «أوبك» بنهاية 2019.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأسبوع الماضي إن ذلك يعادل زيادة متوقعة في الإنتاج الأميركي العام القادم بمقدار 1.18 مليون برميل يوميًا نظرًا إلى نمو النفط الصخري أوائل 2019، وبدء تشغيل مشاريع بحرية طال انتظارها في وقت لاحق من العام , وأثرت المخاوف من تخمة المعروض على أسعار النفط في آخر شهرين، حيث تراجعت أسعار الخام الأميركي إلى 46 دولاراً من ذروة تجاوزت 76 دولارًا للبرميل في أكتوبر/ تشرين الأول.
وزاد الإنتاج الأميركي العام الماضي وتجاوز المستوى القياسي البالغ 10 ملايين برميل يوميًا المسجل في 1970 , ومع تقدم تقنيات مثل التكسير الهيدروليكي، أصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للخام في العالم ومن المتوقع أن يتجاوز الإنتاج 12 مليون برميل يوميًا في الأشهر المقبلة.
ونقلت مصادر إعلامية عن روبرت مكنالي رئيس شركة "رابيدان إنرجي للاستشارات " في واشنطن قوله " في ضوء سيل الإمدادات الوشيك، فإن "تخفيضات أوبك" لا تبدو كافية للحيلولة دون تنامٍ كبير في المخزونات في العام المقبل " , ويلقي هذا الضوء على الصعوبات المتزايدة التي تواجهها «أوبك» في كبح المعروض لرفع الأسعار إلى مستوى تراه المنظمة مقبولًا وملائمًا لميزانيات الدول.
وتُظهر بيانات «أوبك» الصادرة هذا الشهر أن المنظمة بصدد خسارة حصة سوقية في عام 2019، حيث ستنخفض حصة خامها من نحو 33% في العام الحالي إلى 31% في 2019 , وكانت «أوبك» وحلفاؤها قد خفضوا الإنتاج 1.6 مليون برميل يوميًا في نهاية عام 2016، في مسعى كُلل بالنجاح لتقليص تخمة المعروض العالمي، لكن على مدى عمر ذلك الاتفاق، زاد الإنتاج الأميركي 1.62 مليون برميل يوميًا، مما صرف حصة سوقية عن «أوبك».
ورغم العقوبات المفروضة على إيران، والتي دخلت حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن وزير النفط الإيراني بيغن زنغنه قال الأسبوع الماضي، إن بلاده لا تعتزم خفض إنتاجها من الخام، لكنها ستظل عضوا في «أوبك» , وكان قد أكد سابقًا أن الولايات المتحدة لا يمكنها وقف صادرات بلاده النفطية عن طريق فرض عقوبات على طهران، محذرًا من أن مثل تلك العقوبات ستُبقي السوق متقلبة , وقال زنغنه " لا يمكن وقف صادرات النفط الإيرانية "