رئيس نادي تدريس هيئة الطاقة الذرية الدكتور محمود عاشور

طالب رئيس نادي تدريس هيئة الطاقة الذرية، الدكتور محمود عاشور، بضرورة إعادة النظر في الجدوى الاقتصادية لإقامة محطة الضبعة النووية.

وأوضح "عاشور"، في حوار صحافي، أن هناك مستجدات كثيرة في سوق الطاقة يجب النظر إليها، خاصة مع انخفاض تكلفة إنشاء المحطات العاملة بالشمس والرياح، وكذلك النظر إلى طريقة معاملة الشريك الروسي للقضايا المختلفة حتى لا تتحول المحطة لوسيلة ضغط سياسي فيما بعد، قائلًا إن "مصر يجب أن تأخذ قرارها من منطلق اقتصادي بعد إضافة تكلفة تفكيك المحطة النووية التي تتكلف أموالا باهظة، مؤكدا أننا لا نمتلك أي خبرات في تشغيل المفاعلات النووية، بل خبراء في الأبحاث النووية، منتقدًا عدم إشراك الهيئات النووية المحلية في المناقشات الخاصة بالمحطة النووية."

وحول تقييمه للخطوات المصرية لإقامة المشروع النووي، قال: "لا أفضل استخدام كلمة المشروع النووي أو البرنامج النووي، لأنه لا يعبر عن المعنى العلمي الصحيح، والأصح هو مشروع محطة الطاقة النووية، وعموما فنحن أصحاب "الفرص الضائعة"، فمصر تتحدث عن إقامة المحطة النووية منذ نهاية السبعينيات، وكثيرًا ما تكلم المتخصصون وغير المتخصصين عن ضرورة البدء في إقامة المحطة النووية إلا أنه خلال السنوات الماضية حدث الكثير من التغييرات على المستوى العالمي، حيث تطورت التكنولوجيات الخاصة بالطاقة النظيفة والمتجددة مثل طاقة الشمس والرياح وطرق تخزينها لكن كنا نؤكد دائما على ضرورة التنوع في مصادر الطاقة، ويجب إعادة النظر في الجدوى الاقتصادية لإقامة المحطة النووية بالضبعة، والاختيار بينها يقوم على اعتبارات الجدوى الاقتصادية والنظرة الاستراتيجية بعيده المدى".

وعن مدمى موافقته لإقامة المحطة في الوقت الحالي، قال: "الأمر ليس عاطفيًا، فأنا لا أؤيد أو أعارض بل أطالب بأخذ المستجدات العالمية التي حدثت في مجال الطاقة في الاعتبار، فالإمارات ستقوم بتشغيل مفاعلين هذا العام ومثلهما بعد عامين ونحن مازلنا نتفاوض، وألمانيا نفذت منظومة عالية الكفاءة لإدارة مصادر الطاقة لديها بتقسيم الطاقة لقسمين، الأول متعلق بالاستهلاك الكثيف الذي يذهب للمصانع ومصادره من محطات التوليد وآخر منخفض الكثافة للاستخدامات المنزلية والإنارة ويعتمد على إنشاء محطات شمسية أعلى المنازل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومع كل ذلك يجب أن يكون المنطلق الرئيسي من إقامة المشروع هو الجدوى الاقتصادية، ووزير الكهرباء نجح في الخروج من أزمة نقص قدرات التوليد التي واجهت مصر في الفترة الماضية لكن عليه أن يضع خططًا أكثر واقعية لتشجيع الأفراد والقطاعات الصغيرة والمتوسطة للتوجه نحو الطاقة الشمسية".

وعن المخاوف التي تسيطر على الكثير من عوامل الأمان في محطات الطاقة النووية، تابع: "أقول للذين يتحدثون ويتخوفون من عوامل الأمان في هذه المحطات إن هذا أمر حساس فعلًا، لكن الأجيال الجديدة من المفاعلات النووية على درجة عالية من الأمان، فبعد حادثة فوكوشيما في اليابان قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتغيير اشتراطات الأمان ووضعت اشتراطات أصعب لاختبارات تحمل المفاعلات ولن يتم فقط اختبار تبعات الكوارث الطبيعية مثل الزلازل وأمواج الطوفان أو الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، بل تشمل أيضا المخاطر الهندسية (أنظمة التبريد، توليد الكهرباء في حالة الطوارئ) وكذلك الإنسان كمصدر للخطر".

وعن الخطوات الواجب اتباعها قبل إنشاء المحطة النووية، أكد أن هناك 3 ملاحظات أساسية لابد من وضعها في الاعتبار قبل البدء في إنشاء المحطة، أولها كيفية توفير الوقود طوال فترة التشغيل التي قد تمتد لنحو 60 عامًا، وكيفية التخلص من الوقود المستنفد، الأمر الثاني تكلفة تفكيك المحطة بعد انتهاء عمرها الافتراضي، حيث أن هذه التكلفة عالية جدًا ويجب أن توضع من الآن في دراسات الجدوى، ثالثًا النظر إلى الشريك الذي سنسند إليه عملية إنشاء المحطة، حيث أرى أن تجربتنا خلال السنوات القليلة الماضية مع الروس غير مطمئنة، وعلى سبيل المثال ما حدث في موضوع السياحة، فما الذي يمنع تكرار ذلك، "لذا أتخوف أن تتحول المحطة النووية إلى وسيلة ضغط سياسي علينا في وقت ما، لذلك يجب مراجعة كل تلك الأمور بحرص وعناية".

وعن كيفية تقييم أداء الهيئات النووية في مصر، أضاف: "يوجد الكثير من الأبحاث الجاهزة للتطبيق وذات جدوى اقتصادية جيدة جدا وبعضها تم تنفيذه فعلًا واعتماده من الوزارات المعنية، لكنه توقف بسبب نقص الاعتمادات المالية، مثال آخر أنتجت الهيئة العديد من النظائر المشعة المستخدمة في المجالات الطبية واضطرت للانتظار لأخذ موافقة وزارة الصحة أكثر من 5 سنوات للحصول على ترخيص في الوقت الذي كان فيه يتم دفع ملايين الدولارات لاستيرادها، وذلك بسبب عدم وجود منظومة لإدارة المؤسسات العلمية، فيجب أن يكون هناك فريق يدير ويضع الخطط وهذا ليس ابتكارًا من عندي فهو الموجود فعلًا في كل المؤسسات العلمية والمراكز البحثية العالمية، ويوجد لدينا العديد من العلماء المميزين في كل المجالات ولكن لا توجد لدينا منظومة لإدارة هذه العقول والاستفادة منها، وهناك خلل في مصر، فالبحث العلمي يحاول أن يحل مشكلة أو يبدع في مسألة ويطورها، وذلك يأتي من خلال الاتصال بين المراكز البحثية والهيئات والجهات والوزارات المختلفة لمعرفة طبيعة المشاكل وكيفية مواجهتها وطرق حلها، ولا يمكن الحديث عن نهضة حقيقية دون إصلاح منظومتي التعليم والبحث العلمي في مصر"، بحسب قوله.