الاستثمارات الصينية

تتجه أنظار العالم أجمع الى مراقبة الوضع بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية؛ خشية حدوث حرب عالمية ثالثة، عقب تصاعد حدة التوتر بين الدولتين. وأوكل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب مهمة حل الأزمة على عاتق الصين التي تعد حليفًا قويًا لبيونغ يانغ وفي نفس الوقت معارضًا لاتجاهاتها النووية التي تُرعب العالم.

وترصد "البورصجية" في تقريرها التالي مدى تضرر كوريا الشمالية حال وقوف الصين بجانب أميركا.. في بادئ الأمر، أدت الروابط الاقتصادية الكورية إلى تحفيز الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جذب الاستثمارات الصينية، حيث تعتبر الصين حليفًا عسكريًا ودبلوماسيًا لكوريا الشمالية، وتعتبر بيونغ يانغ أكبر حليف اقتصادي لها.

وتحاول الولايات المتحدة استغلال الجانب الاقتصادي لكوريا الشمالية، فقال أحد مستشاري السياسة الخارجية في البيت الأبيض إنه "تمت مناقشة العديد من الخطوات". وأضاف أنه عندما قامت الصين مؤخرا بإعادة سفن كورية شمالية تحمل الفحم، فإن هذا الامر شكل "خطوة أولى جيدة".

من جانبه، قال السناتور جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إن "الصين مهمة وتستطيع أن توقف هذا إذا أرادت بسبب سيطرتها على اقتصاد كوريا الشمالية". وحذر من أن مخاطر التعامل مع نظام كوريا الشمالية مرتفعة، مشيرًا إلى أن الوضع يمكن أن يشكل هذا أول اختبار حقيقي لرئاسة ترامب".

وأصدرت كوريا الشمالية قانونًا في عام 1984 يقضي بالسماح للاستثمار الأجنبي من خلال مشاريع مشتركة، لكنها فشلت في جذب أي استثمارات كبيرة. وفي عام 1991، أنشأت اللجنة الاقتصادية راسون" المنطقة الخاصة؛ في محاولة لجذب الاستثمار الأجنبي من الصين وروسيا.

وتعتبر الصين وكوريا الجنوبية، أكبر شركاء التجارة لكوريا الشمالية، وزادت نسبة التجارة مع الصين بنسبة 15٪ إلى 1.6 مليار دولار أميركي في عام 2005، وفي 2015، استحوذت الصين على 83 %- أي 2083 مليون دولار- من الصادرات لكوريا الشمالية، تلتها الهند بقيمة 97.8 مليون دولار، أي ما يقارب 3.5%.

وركزت الشركات الكورية المملوكة للدولة على السفر الدولي، ويأتي معظم الزوار من الصين وروسيا واليابان، فيما المواطنون الروس من الجزء الآسيوي من روسيا يفضلون كوريا الشمالية كمقصد سياحي بسبب انخفاض الأسعار نسبيا، وعدم التلوث، ومناخ أكثر دفئا، ويصعب حصول المواطنين من كوريا الجنوبية، على تأشيرة دخول إلى كوريا الشمالية، وكان مواطنو الولايات المتحدة أيضا خاضعين لقيود التأشيرة، ويسمح لهم بزيارة فقط خلال مهرجان "آريرانغ" سنويا، وتم رفع هذه القيود في يناير/كانون الثاني 2010. وقد زار أقل من 2500 من مواطني الولايات المتحدة كوريا الشمالية منذ عام 1953. و كانت قد حاولت الصين جعل زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون يدرك أهميه الجانب الاقتصادي لشعبه ولنظامه، كون الفحم مثلاً أكبر صادرات كوريا الشمالية بما يُقارب 1 بليون من صادراتها.

 بالرغم من ذلك، قررت الصين تغيير مسار شاحنات الفحم في 26 فبراير/شباط، كما أن التجارة الصينية مع الشمال في نمو وازدياد منذ الربع الأول من العام 2017 وازداد حجم التبادل التجاري بنحو 37.4% مع 270% في تجارة الحديد الكوري في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.

وتوقع خبراء الاقتصاد حدوث 5 سيناريوهات للاقتصاد الدولي حال اشتعال حرب بين أميركا وكوريا الشمالية، وهي:اندلاع حرب عالمية ثالثة، تدمير كوريا الجنوبية، أزمة اقتصادية دولية ضخمة، عدم إسقاط نظام بيونغ يانغ، حرب تجارية بين الصين وواشنطن.

وتدور توقعات حول حدوث حرب "تكسير عظام" في الجانب الاقتصادي بين أميركا والصين، وهو ما سيدخل العالم في أزمة مالية ضخمة حيث تمثل الصين وأميركا أضخم اقتصاديين دوليين. وتزيد الحرب من مخاوف اندلاع حرب عالمية ثالثة، حيث تقف الصين في موقف صعب ما بين حليف قوي لبيونغ يانغ، ومعارض قوي للتجارب النووية التي يجريها الزعيم كيم يونغ أون.

 ومع ثقة ترامب في قدرة بكين على حل الأزمة- التي مازالت على الحياد إلى حد ما- حيث ارتبطت الصين بعلاقات قوية تاريخيًا مع كوريا الشمالية حيث تمثل بكين المصدر الرئيسي للمواد الغذائية والأسلحة والوقود، وأصابت العلاقات مع الزعيم الحالي، كيم يونغ أون الركود منذ توليه في 2011؛ بسبب التجارب النووية التي تجريها بيونغ بانغ.

وفي فبراير/شباط 2017، اتهمت وسائل الإعلام في كوريا الشمالية بكين بـ"الخنوع للولايات المتحدة" و"التظاهر بكونها سلطة قوية" بعدما علقت الصين جميع واردات الفحم من كوريا الشمالية بقية العام. وردَّت بكين بأن الحظر يهدف إلى تطبيق عقوبات الأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء برنامج كيم للأسلحة النووية، لكن الصين توقفت عن حجب إمدادات الغذاء والطاقة لكوريا الشمالية.

ومن جانبه، قال تيد جالين كاربنتر، زميل بارز في معهد "كاتو" إن الصين توفر جزءًا أساسيًا من إمدادات كوريا الشمالية، ويمكنها أن تفرض ضغوطًا قاسية على جارتها. وأشار إلى أن مثل هذا القرار قد يتطلب من الصين أن تتكبد مخاطر هائلة، موضحًا أنه في حال انهيار كوريا الشمالية، سيتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى الصين.