عمرو الجارحي

أكَّد وزير المال المصري عمرو الجارحي، أنّ تعديلات قانون المناقصات والمزايدات التي يناقشها حاليًا مجلس النواب والتي أعدتها وزارة المال بالتنسيق مع جميع الوزارات والجهات المعنية ومجتمع الأعمال من أجل دعم خطط الحكومة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي تتضمن تنفيذ المشاريع القومية العملاقة، وهو ما يتطلب آليات وإجراءات لطرح هذه المشروعات والتعاقد عليها مع جهات التنفيذ بما يتماشى مع أفضل الممارسات المعمول بها عالمياً وفي نفس الوقت تدعم المنافسة وتشجع استثمارات القطاع الخاص.

وقال إن وزارة المال تدرك حجم المستجدات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها مصر منذ إصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات قبل 19 عامًا، ولذا فإن التعديلات المقترحة بالقانون تراعي تلك المتغيرات خاصة في مجال المشتريات والتعاقدات الحكومية التي تعمل وزارة المال على تطويرها باعتبارها جزء مهم من منظومة إدارة المال العامة.

وأشار إلى أن التعديلات تتواكب أيضًا مع مبادئ الدستور المصري وخاصة المادة 27 التي تؤكد على ضرورة التزام النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة ودعم حرية المنافسة وتشجيع الاستثمار الخاص والنمو المتوازن جغرافياً وقطاعياً وبيئياً ومنع الممارسات الاحتكارية مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري وضبط آليات السوق وكفالة الأنواع المختلفة للملكية والتوزان بين مصالح جميع الأطراف.

وأضاف أن وزارة المال راعت في التعديلات أيضاً نصوص المادة 28 من الدستور التي تشدد على أن الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية مقومات أساسية للاقتصاد الوطني، تلتزم الدولة بحمايتها وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار وتعمل على زيادة الإنتاج وتشجيع التصدير وتنظيم الاستيراد.

وأوضح أن تعديلات القانون تحقق هذه المواد الدستورية، فلأول مرة يخضع القانون المقترح الصناديق والحسابات الخاصة الممولة من الخزانة العامة أو تتعامل مع أنشطة أو أصول مملوكة للدولة لجميع آليات الرقابة على المال العام بما يضفى مزيداً من الحوكمة فى إجراءات التعاقد وضبط الانفاق العام، والتوسع فى لا مركزية إتخاذ القرار بالجهات الإدارية حتى تتمكن من تأدية التزاماتها بالسرعة المطلوبة إلى جانب اعادة النظر فى الحدود المالية بالقانون بما يتماشى مع تغيرات القيمة المالية.

وقال إن التعديلات تتضمن أيضًا التوسع الحريص في تفويض السلطة المختصة لتيسير العمل التنفيذي وتحقيق فكر اللامركزية، وتشجيع مجتمع الأعمال للتعامل مع الحكومة من خلال خفض نسبة التأمين الابتدائي لتصبح 1.5% بحد أقصى من القيمة التقديرية للعملية وزيادة فترة سداد التأمين النهائي وتنظيم آليات رد التأمين فور انتهاء مدة الضمان بهدف تيسير الاجراءات وخفض التكلفة الإدارية في التعاقدات الحكومية على مجتمع الأعمال وبما يحقق أهداف المنافسة وصالح الجهات العامة في نفس الوقت.

وأضاف أن التعديلات استحدثت أيضاً آلية تمكن الجهات الإدارية من استئجار المنقولات بدلاً من الشراء طبقاً للجدوى الاقتصادية وهو ما يسمح بإضافة أنشطة تجارية جديدة لمجتمع الأعمال ويعمل على تنمية قطاع الخدمات ويرشد الانفاق الحكومى ويقلل الضغط على الموازنة، أيضاً تم استحدات أسلوب يمكن الجهات الحكومية من الإطلاع والحصول على حلول غير تقليدية للتعاقد على الاعمال الاستشارية والمشاريع التكنولوجية المتطورة ونظم الاتصالات أو المعدات التقنية أو المتعلقة بالبنية التحتية، إلى جانب نظام الاتفاقيات الاطارية والتى تأتى تعميماً لفكر الشراء المجمع (الطرح مركزياً والتعاقد والتوريد لا مركزياً) لتحقيق فكر اقتصاديات التوريد الكمي وترشيد النفقات وسرعة تلبية احتياجات الجهات الحكومية وبمراعاة جودة التوريدات وتنميطها.
 
وأوضح أنه لأول مرة فى قانون المناقصات المصرى سيسمح بتطبيق منظومة الشراء الإلكترونى مرحلياً بهدف بناء قاعدة بيانات حقيقية تحدث تلقائياً لتعاقدات الجهاز الإدارى للدولة تحقيقاً لمبادئ الشفافية وتوسيع قاعدة المنافسة فى التعاقدات الحكومية وتيسيراً على القطاع الخاص للمشاركة فيما يتم طرحه من عمليات.
 
وقال أن هذه التيسيرات ستسهم بدورها فى تنمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر حيث تنص التعديلات المقترحة على قصر المناقصات المحلية الأقل من مليون جنيه على المشروعات الصغيرة وبما يمنحهم فرص حقيقية للفوز بالعقود الحكومية مع إعفاء تلك المشروعات من سداد نصف التأمين المؤقت والنهائى إعمالاً لأحكام القانون رقم 5 لسنة 2015 فى شأن تفضيل المنتجات المصرية فى العقود الحكومية إلى جانب أن مشروع القانون نص أيضاً على ألزام الجهات الإدارية بإتاحة نسبة لا تقل عن 10% من احتياجاتها للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.
 
وأضاف أنه لتعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية تم وضع ضوابط للتعاقد بأسلوب الاتفاق المباشر لإحكام الرقابة وإرساء مبادئ الشفافية والحوكمة وتوسيع دائرة اتخاذ القرار. وتشجيعاً للصناعة الوطنية أوضح الوزير أن التعديلات تؤكد على ضرورة التزام الجهات الحكومية بتطيق أحكام القانون رقم 5 لسنة 2015 فى شأن تفضيل المنتجات المصرية فى العقود الحكومية بما يهدف إلى دفع عجلة التنمية الصناعية المصرية حيث تم تعديل شرط أفضلية العطاء المقدم من الإنتاج المحلى بأن يكون مستوفى لنسبة المكون الصناعى المصرى.
 
وحول أهم آليات تبسيط الإجراءات أشار إلى أنها تشمل البت فى المناقصات التى لا تتجاوز قيمتها 200 ألف جنيه من خلال لجنة واحدة فقط، مع تقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمى ووضع تنظيم جديد للتعامل مع التعاقد مع الباطن فى العقود الحكومية يستهدف رفع مستوى جودة الأعمال المتعاقد عليها والحد من ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى وإتاح الفرص للشركات الصغيرة للدخول فى التعاقدات الحكومية بشكل رسمى.
 
وذكر أنه ترشيداً للإنفاق الحكومى فإن التعديلات تضمنت وضع حدود لصرف الدفعات المقدمة وهو ما سيشجع مجتمع الأعمال على اللجوء إلى المؤسسات المالية لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ عملياتها بديلاً عن صرف الدفعات من الحكومة، مع توحيد معايير تعديل أسعار عقود مقاولات الأعمال من خلال وضع وزارة الاسكان قائمة بالبنود المتغيرة لأنماط المشاريع المختلفة وهو ما يستهدف تبسيط إجراءات تسوية مستحقات المقاولين، كما تم استحداث مادة لتنظيم إجراءات دراسة السوق ووضع القيمة التقديرية للمناقصة على أسس إدارية سليمة، ومادة أخرى لتقدير احتياجات الجهات الحكومية وحجم تعاقداتها المتوقع وذلك لربط الاحتياجات بخطط العمل وتوفير المعلومات لمجتمع الأعمال من موردين ومقاولين ومقدمى خدمات قبل الطرح، وايضاً استحداث مادة لمحاربة الفساد وتفعيل مدونة السلوك الوظيفى للعاملين بمهنة المشتريات والتعاقدات بهدف احكام الرقابة. وقال إن التعديلات تلزم أيضاً العاملين فى مجال المشتريات والتعاقدات بالجهات الحكومية باجتياز البرامج التدريبية الدورية كشرط لاستمرارهم فى مزاولة العمل فى هذا المجال وهو ما يستهدف تحسين أدائهم ورفع كفاءتهم وتنمية مهاراتهم