مصرف لبنان

يعيش اللبنانيون أزمات لا تُعد ولا تُحصى ، حيث باتت اليوم اللائحة بالجملة، على وقع أسوأ انهيار اقتصادي في تاريخ البلد، وسط انعدام للحلول بفعل عمق الأزمة السياسية، فيما تقبع معظم المناطق اللبنانية في العتمة الشاملة نتيجة انقطاع مادة المازوت وبالتالي عدم القدرة على تشغيل المولدات، ونفذ المواطنون  اعتصامات رمزية لرفع الصوت إزاء الأزمة الراهنة.
وعقب أزمة البنزين وطوابيرها التي شلّت المواصلات وقطعت الطرقات وأوصلت البلاد إلى فوضى أمنية واجتماعية متنقلة بين محطات الوقود، ها هي اليوم أزمة انقطاع مادة المازوت تلقي بثقلها على المواطنين و يبدو أنّها ستكون أكثر دويّاً وسط الحديث عن كارثة صحيّة محتملة. ونفى عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس ان يكون هناك قرار برفع الدعم عن المحروقات، مشيرا الى أن هذا القرار لديه ارتدادات سلبية ولا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها، وسأل:" من أخذ القرار برفع الدعم، مصرف لبنان أم السلطة السياسية أم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة؟".

واعتبر في بيان ان أمرا كهذا يستوجب قرارا سياسيا كبيرا بالتوافق بين السلطة والمصرف المركزي، مشيراً الى أن مصرف لبنان أعطى موافقات مسبقة لبواخر موجودة في عرض البحر، آملا ان يعطي موافقات لبواخر أخرى آتية. وأكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات ان قرار رفع الدعم يجب ان يقابله اعطاء شيء للمواطن حتى يستطيع تحمل اعباء ارتفاع سعر المحروقات. وصدر عن المكتب الاعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر ما يأتي:

ردا على ما يتم تداوله في وسائل الاعلام حول موضوع رفع الدعم، أكدت نائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر أن ما نشر في موقع mtv حول اجتماع سيعقد غدا الثلاثاء بينها وبين الوزيرين ريمون غجر وراوول نعمة وحاكم مصرف لبنان ويخصص لمسألة رفع الدعم عن البنزين والمازوت هو عار عن الصحة ولا يمت الى الحقيقة بصلة، فيما الاجتماع سيعقد للبحث في البطاقة التمويلية فأقتضى التوضيح. ونهيب بوسائل الاعلام التي نحترم توخي الدقة في نقل المعلومات والاخبار المغلوطة. وجاء نفي عكر والبراكس بعد تداول معلومات عن اتخاذ القرار برفع الدعم عن البنزين، ووفق موقع mtv، فأنّ اجتماعاً سيُعقد غداً الثلاثاء ويجمع عكر والوزيرين ريمون غجر وراوول نعمة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ويُخصّص لمسألة رفع الدعم عن البنزين والمازوت.

وتشير المعلومات الى أنّ التوجّه هو لرفع الدعم عن البنزين وتحرير سعره وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أي تصبح صفيحة البنزين بما يوازي 20 دولاراً أميركيّاً بالليرة اللبنانيّة. ومن الاقتراحات المتداولة على هذا الصعيد إنشاء منصّة شبيهة بتلك التي اعتمدت في فترة الإقفال بسبب كورونا، تتيح لكلّ صاحب سيّارة مسجّلة ومسدّدة رسومها أن يحدّد موعداً عبرها للاستفادة عبر المحطات المرخّصة من 4 صفائح بنزين بسعر مدعوم. أمّا الكميّة التي تزيد عن ذلك فسيكون مرغماً على شرائها بسعر غير مدعوم. أمّا على صعيد المازوت فالتوجّه هو لاستثناء المستشفيات والأفران من رفع الدعم لتجنّب رفع سعر الخبز ومشتقاته والطبابة. كذلك، هناك نقاش حول إمكانيّة شمول المولدات بالدعم، وعددها حوالى 3500 في لبنان، في حين يعارض البعض هذا الخيار كي لا يتحوّل بعض أصحاب المولدات الى تجّار مازوت في السوق السوداء، وهو ما يحصل اليوم. وتجدر الإشارة الى أنّ بعض الشركات المستوردة للنفط كانت طالبت بأن تستورد المحروقات بالدولار وتبيعه بالعملة نفسها، إلا أنّ عقبات قانونيّة قد تحول دون ذلك.

وأشار نقيب موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، إلى أنهم أجروا "عدة اتصالات صباحا مع رئيس تجمع الشركات جورج فياض، الذي أكد أن هناك صعوبة بالموافقات المسبقة الصادرة عن مصرف لبنان، والدولة تعلم بذلك"، مطالباً بالاهتمام بهذا الموضوع "لأن هناك صعوبة كبيرة بسبب غياب هذه المادة في وقت السوق بحاجة لـ 17 مليون ليتر يوميا للاستهلاك". وشدد أبو شقرا، خلالت صريح له، على أن "هذا الشيء يجب ان يتم حله عبر الدولة. اليوم نحن كموزعين وفياض، سنكثف اتصالاتنا وسنقول لمصرف لبنان ان الوضع صعب ولن نتمكن من تحمل ما تحملناه، لأننا نتحمل منذ مدة، وإذا اردتم الغاء الدعم، فقوموا بذلك، لأن هناك أشخاص يموتون في بيوتهم بسبب انقطاع الكهرباء".وناشد "كل المسؤولين، إذا لا زال هناك مسؤولين، من وزير الطاقة إلى رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان، أن الشعب بحاجة إليكم في هذا الوضع الصعب فماذا تنتظرون؟ الاتصالات تأتينا من كل المناطق اللبنانية على حساب 100 ليتر مازوت والمسؤولين غير واعين لما يحدث، الوضع صعب بشأن أزمة المازوت والدولة والمسؤولون لم يحركوا ساكناً." وأضاف: "ما بقى عنا دولة."

كما لفت إلى أنه تواصل مع نقيب العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون، وأبلغني أن "الغاز موجود في البلد يكفي لمدة 10 ايام". وقال زينون في تصريح له ان "مخزون الغاز يكفي لاسبوع واحد فقط وهناك باخرة تنتظر فتح الاعتمادات من المصرف المركزي". كما عقدت نقابة موزعي الغاز بالمفرق والجملة ومستلزماتها في لبنان اجتماعا مع رئيسة مصلحة الاقتصاد في الشمال لمى علم الدين، برئاسة ممثل النقابة في الشمال مصطفى عتر ووفد النقابة، وفي حضور مستشار وزير الاقتصاد الأستاذ غسان بريص.

وبحث المجتمعون في شؤون وشجون النقابة بشكل عام. وتم التركيز بشكل أساسي على مشاكل الموزعين من "النقص الحاد في مادة الغاز، الى احتكارها من قبل بعض الشركات، وصولا إلى عدم حصول الموزع على حصته المعتادة، والتعاطي معه بفوقية مطلقة لدرجة أنه لا يجرؤ أن يشتكي فيعاقب من قبل شركات الغاز أو عدم انصاف منطقة الشمال بالاعتمادات الموجودة والمخصصة لقطاع توزيع الغاز، خصوصا نقابة موزعي الغاز". كذلك شدد نقيب السائقين العموميين في الشمال شادي السيد على أن "وضع مدينة طرابلس خرج عن السيطرة وخرجت المدينة كما يبدو من مدار الدولة واهتمامها".

وسأل خلال لقائه عددا من السائقين استفسروا عن قرار رفع الدعم عن المحروقات: "ماذا نقول عن أمن متأزم وقتلى هنا وهناك بسبب أزمة المحروقات؟ وأي مصير لفقراء لا يجدون قوت يومهم؟ والى ماذا ستؤول أوضاعهم اذا ما رفع الدعم عن المحروقات وفق ما تتحفنا به وسائل الإعلام نقلا عن وزراء؟ وماذا عن وسائل النقل البديل ربما المشي إذ انه حتى الحمير في لبنان غير متوافرة؟ وماذا عن توفير الحطب بدلا من الغاز وهل أن ذلك أمر يسير في المدن كافة؟". أضاف: "لتخبرنا السلطة عما يمكن ان يكون الليلة في مدينة كطرابلس على موعد مع الظلام الحالك، نتيجة الافتقار الى المازوت وتوقف المولدات، فيما نواجه أصحاب المولدات وننسى ان مشكلتنا مع الدولة التي عليها ان تؤمن الكهرباء، ونحن للأسف نعادي بعضنا البعض ومشكلتنا دولة تنازلت عن دورها وواجباتها".

وتابع: "لقد وصل الوضع الى حد قتل الناس احياء، نعم إننا نواجه الموت بعد الدعم المهرب والمنهوب"، مردفا "للأسف ان الدولة أثبتت أنها لا تبدي اهتماما للشعب وجل اهتمامها رعاية المافيات هنا وهناك وحماية مصالح المصارف، وللأسف الشديد فان المصير مشؤوم والآتي بكل تفاصيله مجهول، فالتوجهات تبشرنا برفع الدعم وتجاهل مآسي الناس، فلا بدائل توافرت ولا جرى حتى البحث فيها، ولا تحسين الأجور وارد لأسباب لا نريد الخوض فيها ولا نرى ما قد تصبح عليه أوضاع البلد بعد لعنة النكبة المالية التي وقعت على رؤوسنا". وختم السيد: "لتستفق هذه الدولة المتغافية المتباكية وليتفضلوا بما هو مفيد، فمنذ سنوات لا نسمع الا تبادل الاتهامات بالفساد والسرقة ووضع اليد على المال العام. إن الشعب هو المتضرر الوحيد فهل من مجير؟". وتجدد أزمة المحروقات وتصاعدها دفعت شبّان من بلدتي ميفدون وشوكين إلى إقفال الطريق العام الذي يصل النبطية بمنطقة صور عند مفترق درب القمر، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة وتوقف مولدات الاشتراكات عن منازلهم بحجة نفاد مادة المازوت في ظل تقنين قاس للتيّار الكهربائي، وأقفلوا الطريق بسياراتهم، الأمر الذي تسبّب بزحمة سير خانقة، وردّدوا هتافات تندّد بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة وفقدان مادتي البنزين والمازوت.

وحضر إلى المكان النائب هاني قبيسي واستمع إلى مطالب المحتجّين وخاطبهم قائلاً: "أنا أضم صوتي لأصواتكم وصرختي لصرختكم، ونحن نعيش المعاناة مع أهلنا، ولكن للأسف نحن أمام دولة غبية وطائفية، غير مهتمة بشؤون مواطنيها ولا تسعى لإيجاد الحلول السريعة لما يعانونه، نحن اليوم ضد قطع الطرق لأنه عمل يضر بأهلنا جميعاً، ومن يسرق أموال البنك المركزي ويهدد برفع الدعم عن المازوت وغيره لا شأن له بما يحصل على الأرض، لذا علينا أن نصبر قليلاً لنتجاوز هذه الأزمة ونحاول مساعدة أهلنا ونبتعد عن الفوضى التي بشرونا بها في عام 2006". كما قطع عدد من المحتجّين طريق الأوزاعي بالاتجاهين وكذلك الطريق عند مدخل برج حمود.

وتجمّع ايضا أهالي الجديدة وسد البوشرية في ساحة الجديدة، وقطعوا الطريق احتجاجاً على انقطاع الكهرباء وأزمة المولدات. وفي برج حمود نفذ عدد من الشبان وقفة احتجاجية رفضًا للتقنين المتواصل للكهرباء. كذلك، نفذ مواطنون غاضبون وناشطون في الحراك، وقفة احتجاجية أمام بلدية صيدا عند ساحة النجمة، احتجاجا على توقف المولدات بسبب نفاد مادة المازوت، ما أدى الى قطع السير في المكان. ورفع المحتجون لافتات تطالب البلدية بحل ازمة المازوت، لان الوضع لم يعد يحتمل في المدينة، مع ما يتم الحاقه من ضرر على مجمل المصالح والمؤسسات. ورفع المحتجون عند بوابة البلدية أكياس لحوم فسدت في برادات المواطنين، نتيجة انقطاع الكهرباء واشتراكات المولدات في رسالة الى الضرر الكبير الذي يلحق المواطن في معيشته ولقمة عيشه. وفي محلة الهلالية، عمد مواطنون الى قطع الطريق بسياراتهم، للسبب نفسه، فيما علت الصرخات المطالبة المعنيين والدولة بإيجاد حل سريع لهذه الازمة، بخاصة أن الاهالي باتوا يشعرون في منطقة صيدا بغبن يلحق بهم نتيجة عدم التساوي بتوزيع ساعات التغذية بالكهرباء بينها وبين مناطق قريبة أخرى.

وما إنّ انتشرت المعلومات المتضاربة حول رفع الدعم عن المحروقات، حتى راح المواطنون يتهافتون على محطات الوقود، بعد أن شهدنا صباح اليوم، سقوط قتيلين من منطقة باب التبانة في طرابلس، هما حسين جابر وعلاء الأحمد نتيجة إشكال مسلح وتبادل لإطلاق النار في منطقة البداوي على خلفية بيع وشراء مادة البنزين في السوق السوداء، ما ينذر بالأسوأ. يُذكر أنّ السوق تشهد نقصاً حادّاً في كميات المازوت، في وقت أعلنت المديرية العامة للنفط أنها ستوزّع المادة اليوم على المستشفيات التي أضحت مهدّدة بالإقفال.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

روسيا تخطط لحظر تصدير البنزين بأنواعه المختلفة بسبب ارتفاع سعر الجملة

تثبيت سعر السولار والمازوت وزيادة البنزين 25 قرشا في مصر