الحكومة المصرية

حققت خطة الحكومة المصرية لتحسين الدخل وزيادة الأجور خلال العام المالي الحالي 2018/ 2019، 85% من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتُعد زيادة المعاشات من أولى ثمار خطة الإصلح وخطوة إيجابية نحو تحسين الإنتاج.

وكان الدكتور محمد معيط وزير المالية، أعل أن الحكومة لديها خطة لتحسين الدخل وزيادة الأجور خلال العام المالي الحالي 2018/ 2019، من أجل تحسين معيشة المواطن المصري، مضيفًا أن 85% من برنامج الإصلاح الاقتصادي تم إنجازه، وتعمل الدولة على توفير الخدمات المقدمة للمواطن مع زيادة الأجور في الوقت ذاته، موضحًا أن عدم جاهزية متطلبات التأمين الصحي، وعدم الانتهاء من المنظومة الإلكترونية لربط عناصر المنظومة، سبب التأجيل في الفترة السابقة، لكن ميزانية تطبيق برنامج التأمين الصحي الشامل متوفرة، كى يتم تطبيقه في مصر بجودة عالية.

وذكر تحليل لموقع "دويتشه فيله" الألماني، أن قرار الحكومة المصرية زيادة المعاشات أدخل الفرح في نفوس ملايين المصريين، غير أن خطوة كهذه على أهميتها تحتاج إلى خطوات إضافية لا تقتصرعلى قطاع الدولة فقط.

وقررت الحكومة المصرية بعد طول انتظار وإصلاحات اقتصادية مؤلمة، زيادة معاشات موظفي الدولة وصرفها بنسبة 15 بالمائة اعتبارا من شهر يوليو الجاري، ويضاف إلى ذلك منح علاوتين إحداهما دورية بنسبة 15 بالمائة تشمل الموظفين والأخرى خاصة بنسبة 10 بالمائة للعاملين خارج قطاعات الخدمة المدنية، وتأتي هذه الزيادة بعد ثلاث سنوات من إصلاحات اقتصادية مؤلمة شملت تعويم الجنيه المصري ورفع الدعم بشكل جزئي عن سلع وخدمات أساسية كالمحروقات والمياه والكهرباء بشكل أدى إلى زيادة أسعارها بمعدل تراوح بين 50 إلى 130 بالمائة منذ عام 2016 باستثناء الخبز وبعض السلع الضرورية للحياة اليومية.

وأضاف موقع "دويتشه فيله" في تحليله، أنه على عكس ارتفاع الأسعار، مرت زيادة الرواتب والأجور الأخيرة من دون ضجة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المصرية والعالمية رغم أهميتها، وتأتي هذه الأهمية رغم نسب التضخم العالية وتراجع سعر العملة المصرية من كونها أضافت إلى رواتب موظفي الدولة نسبة 30 بالمائة دفعة واحدة، وهذا ما يشكل خطوة أولى أو أول الغيث على طريق تحسين مستوى حياة المصريين بعد وعود كثيرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طلب منهم التحلي بالصبر أكثر من مرة.

وفيما يخص الخطوات التالية فينبغي أن تتوالى على نطاق أوسع يشمل المزيد من الزيادات التي ينبغي أن تشمل أيضا العاملين في القطاع الخاص، لاسيما من أصحاب الدخل المحدود، فهؤلاء لا يستفيدون من زيادات الأجور التي تقررها الحكومة لموظفيها بشكل مباشر، إضافة إلى أن متوسط رواتبهم بحدود 800 إلى 1000 جنيه وهو أقل من مثليه في وظائف الدولة، ويساعد على ذلك الزيادة اكتشافات الغاز الجديدة والتحسن الواضح في مؤشرات الاقتصاد المصري الكلية مثل تراجع عجز الموازنة والميزان التجاري ومعدلات التضخم وزيادة الاحتياطي من العملات الأجنبة إلى أكثر من 44 مليار دولار ومعدل النمو الذي يتوقع أن يصل إلى أكثر من 5,5 بالمائة.

حدود الزيادات وإمكانية فرضها على القطاع الخاص

وتساءل "دويتشه فيله" في تحليله، عن إلى حدود زيادات الأجور وإمكانية فرضها على القطاع الخاص، متابعًا فيما يتعلق بالحدود فإنه يمكن الذهاب بها إلى الحد الذي لا تهدد فيه بزيادة كبيرة في معدلات التضخم والأسعار بشكل يهدد استقرار العملة وثقة المستثمرين بها، ولا يتعارض ذلك مع تجنب المبالغة في سياسات التقشف التي يريد صندوق النقد الدولي فرضها عن طريق رفع الدعم والأسعار بشكل يؤدي إلى جمود الطلب في الأسواق وعرقلة النمو واندلاع الاحتجاجات الاجتماعية.

وتطرق التحليل الاقتصادي، إلى القطاع الخاص الذي وصفه بأنه يشغّل غالبية قوة العمل، موضحًا أنه على الدولة إخضاع سوق العمل فيه لضوابط يتم من خلالها تحديد الحد الأدنى للأجور وإلزام أرباب العمل بزيادات دورية تغطي نسبة عالية من زيادة الأسعار، كما ينبغي إلزامهم بالمساهمة في تغطية تكاليف الضمان الاجتماعي أسوة بما يفعله قطاع الدولة، وفي هذا الإطار لابد من تنظيم مؤسسات هذا القطاع وحصرها في سجلات الجهات الحكومية المختصة والغرف التجارية والصناعية من أجل تسهيل عملية تقديم الاستشارات والقروض الميسرة لها.

ويُعد الهدف من ذلك فهو توسيع نشاطها وتحسين مستوى الإنتاج فيها بشكل يساهم بتحفيز الطلب المحلي وزيادة الصادرات المصرية التي تحتوي على قيمة مضافة عالية بدلا من المواد الأولية ذات القيمة المضافة المتدنية، ومن شأن ذلك أن يخلف المزيد من فرص العمل وزيادة القوة الشرائية وتحسين مستوى المعيشة، وفيما يتعلق بتحفيز الطلب المحلي فإنه مهم جدًا في الوقت الحاضر لإخراج السوق من الجمود ودفع معدلات النمو إلى نسب تصل إلى 7 بالمائة أسوة ببعض الدول الصاعدة، ويعزز هذا الرأي حجم السوق المصرية التي تضم حوالي 100 مليون مستهلك  بحيث يمكن تحسين القوة الشرائية لنحو 20 إلى 30 بالمائة منهم دون تكاليف ضخمة على الموازنة.

واختتم "دويتشه فيله" تحليله بتسليط الضوء على ضرورة رفع المرتبات والأجور، موضحًا أن ذلك يعزز دور الطبقة الوسطى التي هي ضعيفة بالأصل، وقد يزيد المشكلة تعقيدا تدهور هذا القطاع  بشكل واضح خلال السنوات السبع الماضية، ليس في مصر وحسب، بل في معظم الدول العربية كذلك، ومن أبرز تبعات هذا التدهور تقليص عدد مؤسساته وتراجع عدد العاملين فيه وهجرة الآلاف من المنتمين إليه  بحثًا عن فرص عمل واستثمار أفضل، ومما يعنيه ذلك حرمان مصر أحد أبرز دعائم نموها الاقتصادي ونهضتها الصناعية.