القاهرة - سهام أبو زينة
يواجه مزارعو القطن في مصر أزمة حقيقية، بعدما تخلَّت الدولة عن مسؤوليتها في تسويق محصول القطن لهذا لعام، ليبقى محصول هذا العام في حقول الفلاحين الذين لا يزالون يبحثون عن مشتري.
وزادت الأزمة التسويقية للمحصول الناتج عن زراعات القطن بشكل ملحوظ هذا العام تنفيذًا لتعليمات الوزارة لتسجل 320 ألف فدان هذا العام، بزيادة قدرها 100 ألف فدان عن العام الماضي 2017 حيث سجلت 220 ألف فدان، و190 ألف فدان عن العام الأسبق 2016 حيث بلغ إجمالي المساحة المنزرعة 130 ألف فدان في أدنى مستوى له منذ سنوات.
وقال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة "إن حل الأزمة بالكامل يكمن في تحمل الدولة لمسؤولياتها تجاه المزارعين الذين أجبرتهم على زراعة القطن بعد منع زراعة الأرز فلم يتبق أمام الفلاح سوى القطن أو الذرة، ولكن محصول الذرة غير مجز اقتصاديًا لذلك اتجه المزارعون لزراعة القطن.
وأضاف صيام، أن الدولة أعلنت في بداية الموسم مسؤوليتها عن زراعة القطن وحددت سعر 2500 للوجه القبلي و2700 للوجه البحري، ولكنها تخلت عن مسؤوليتها ووعودها كالعادة، والمفترض على الدولة العمل على حل المشكلة التي كانت لها الدور الرئيسي فيها ضمن استراتيجية إنقاذ محصول القطن وإعادة هيبته السابقة.
وأوضح "أستاذ الاقتصاد الزراعي"، هنا نجد أن الدولة تخلت تمامًا عن مسؤوليتها جراء زراعة هامة جدًا كذلك عن دورها في حماية الفلاحين الذين أجبرتهم على زراعته وزادت المساحة المنزرعة عن 100 ألف فدان هذا العام، ولذلك يجب على الدولة التعامل مع الموقف وإنقاذ المزراعين حتى ولو بتقديم دعم بسيط 100 جنيه للقنطار، لافتًا إلى أن القطن محصول مهم جدًا بالنسبة للمزارعين، في ظل انعدام القيمة النقدية للذرة، وحال عدم شراء محصول القطن فإنه يتم وضع الفلاح في موقف لا يحسد عليه، وفي حال تخاذل الدولة عن شراء القطن ففي العام القادم لن نجد فدان واحد مزروع من القطن حال حدوث خسائر هذا العام، ووقوف وزارة الزراعة موقف المتفرج يعبر عن انعدام المسؤولية الرئيسية للوزارة.
وبدوره قال حسين أبو صدام نقيب الفلاحين "إن تأخر الحكومة في الالتزام بتسويق القطن وعدم الإسراع في تسويقه بالأسعار المحددة مسبقًا من قبل وزارة الزراعة سيكون له تدعيات خطيره على مستقبل الذهب الأبيض"، موضحًا أن الدولة ستخسر كثيرًا حال تخليها عن مزارعي القطن، وأول هذه الخسائر سيكون عدم زراعة القطن العام القادم مما يعصف بأمل رجوع زراعة القطن لسابق عهدها، كذلك خسارة تقاوي 120 ألف فدان إكثار تم زراعتهم هذا العام ليكونوا تقاوي للعام المقبل.
وأضاف نقيب الفلاحين، أن الخسائر لن تكون في القطاع الزراعي فقط، بل تمتد للقطاع الصناعي، حيث ستتعرض صناعة الغزل والنسيج وحلج الأقطان لانتكاسة كبرى، يترتب عليها ضرر بالغ لصناعة الزيوت والعلف ورجوع الفلاحين لزراعة الأرز بالمخالفه لقرارات الحكومة، وكذلك فقدان الفلاحين لثقتهم في قرارات الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة في الأساس.
واستمرارًا لتصاعد الأزمة، طالب النائب هشام الحصرى وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، الحكومة بسرعة حل أزمة استلام القطن من المزارعين، بنفس الأسعار التي سبق وأن تم الإعلان عنها مسبقًا، لافتًا إلى أن لجنة الزراعة تقدمت بمذكرة لرئيس البرلمان، وتمت إحالتها لمجلس الوزراء لاتخاذ اللازم حيالها.
وأوضح الحصري، أن هذه الأزمة ستتسبب في تراجع الفلاحين عن زراعة القطن في العام المقبل، والاتجاه لزراعة الأرز، وهو ما سينتج عنه أزمة أخرى في مياه الري، خاصة بعد تراجع الحكومة في قرارها فقد المزارع المصداقية، وسيكون هناك عزوف عن زراعة القطن العام المقبل، مشددًا على ضرورة التنسيق بين وزارتي الزراعة وقطاع الأعمال لحل هذه الأزمة للحفاظ على محصول القطن.
ويذكر أن وزارة الزراعة اعترفت بالفشل في أزمة القطن، حيث أكد حامد عبد الدايم، المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة، عجز الوزارة في مواجهة الأزمة حتى الآن، مشددًا على أن محصول القطن يعاني من أزمة في التسويق.
وقال عبد الدايم في تصريحات صحفية "إن الوزارة تسعى لجمع المحصول سريعًا من المواطنين، وتحاول تشجيع الفلاح على تسليمه، في محاولة لعلاج الأزمة، مشيرًا إلى أنه تم رفع مذكرة لتسريع استلام القطن من الفلاحين"