رام الله ـ نهاد الطويل
يحتدم الجدل في الأراضي الفلسطينية بشأن الآليات التي يمكن اتباعها لمواجهة "شبح" غلاء الأسعار الذي يواصل الارتفاع، وبخاصة عقب إعلان حكومة تسيير الأعمال في رام الله رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1%، لتصبح 16 % ما أدى إلى رفع الأسعار بنسبة 1% للسلع والبضائع كافة.
فيما دعت مجموعة ناشطين تطلق على نفسها اسم "صبايا وشباب فلسطين في وجه الغلاء
وارتفاع الأسعار" إلى البدء بتنفيذ مظاهرات عارمة في محافظة الضفة الغربية المحتلة تزامناً مع سريات تطبيق القرار الحكومي السبت.
وتحمل المسيرات عنوان "لنخرج عن الصمت المخزي ضد الغلاء".
وحدد منظمو المسيرات أماكن انطلاقها من دوار المنارة في رام الله وميدان الشهداء في نابلس ودوار ابن رشد في الخليل وداور السينما في بيت لحم ومن وسط البلد في جنين ودوار أبو علي إياد في قلقيلية، وميدان جمال عبد الناصر في طولكرم.
في غضون ذلك حذرت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة " فتح" الدكتورة نجاة أبو بكر من النتائج المترتبة على رفع حكومة تسيير الأعمال برئاسة الدكتور سلام فياض.
وأضافت أبو بكر لـ"المصر اليوم" "أن اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي الفلسطيني حذرت مراراً من سياسة "الأرض المحروقة" التي تتبعها الحكومة الفلسطينية الحالية".
وتابعت أبو بكر "ستجتمع اللجنة الاقتصادية في التشريعي في الفترة القريبة مع عدد من رؤساء الغرف التجارية والفعاليات الشعبية لتدارس الخطوات العملية للرد على قرار الرفع"، مشيرة في الوقت ذاته أن رفع الضريبة لن يضيف أي مورد مالي على خزينة السلطة الفلسطينية، بل ستؤدي إلى نتائج عسكية، وتراجع عن الإيفاء بالضرائب من قبل أصحاب الأعمال والمؤسسات التجارية والشركات.
واكتفى عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" والمعارض لسياسات حكومة سلام فياض، بسام زكارنة، بالقول "إنها سياسة الأرض المحروقة " .
وفي أول ردود النشطاء على قرار الرفع اعتبر الناشط المدني سامر عقروق أن رفع الضريبة غير علمي وغير دقيق قياساً ذلك أن أوضاعنا الاقتصادية متردية، فالقوة الشرائية للشيكل متدنية جداً وبالتالي تضاعف تأثير الغلاء وارتفاع الأسعار، ونسبة الأجور متدنية وارتفاع البطالة.
وأضاف عقرورق لـ "العرب اليوم" "الدول ترفع الضرائب عندما تريد أن تحسن نوعية ومستوى الخدمات المقدمة للجمهور، أما إذا كانت الخدمات غير موجودة، فهل رفعت الضريبة نتيجة لازدياد استهلاك الوقود من قبل سيارات المسؤولين والمرافقين لهم".
ويتفق الصحافي عبد الرحمن عوض مع من سبقه مضيفاً "رفع ضريبة القيمة المضافة 1% عبارة عن تسلط مقصود من قبل الحكومة الفلسطينية تجاه المواطنين وهذا يعد بمثابة عملية ممنهجة لتجويع وإفقار الشعب الفلسطيني خصوصاً وأن أكثر من 60% من الشعب تحت خط الفقر"، ووصف عوض لـ " العرب اليوم " الخطوة بالسلبية ".
أما الناشط نياز ضيف الله فقد صب حمم انتقاداته صوب وزير العمل في حكومة سلام فياض معلقاً على صفحاته "السيد وزير العمل، بعد رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 16% وهو الارتفاع الثاني خلال عام تقريباً، هل سيرتفع الحد الأدنى للأجور وبدل غلاء المعيشة ... وصح بدنك وبدن حكومتك".
وكانت الضفة الغربية المحتلة قد شهدت نهاية 2012 مظاهرات عارمة احتجاجا على ارتفاع الاسعار، وشهدت بعض القطاعات الحكومية اضرابات للمطالبة برفع الاجور لتتناسب مع ارتفاع الاسعار المستمر في فلسطين دون ان يترافق مع ربط الرواتب بجدول غلاء المعيشة.
يذكر أن ضريبة القيمة المضافة أساس التبادل التجاري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وبالتالي لا يمكن إلغاؤها.
وكانت اتفاقية باريس الاقتصادية وقعت في عام 1994 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، نظمت عملية تحصيل الضريبة للطرفين، وذلك من خلال فواتير المقاصة الموحدة الصادرة من الجانبين.
ودعا اتحاد جمعيات "حماية المستهلك" الفلسطيني عقب القرار، المستهلكين إلى مواجهة ارتفاع أسعار السلع والخدمات في المناطق الفلسطينية الناتجة عن السياسات والقرارات الحكومية.
وذكر الاتحاد في بيان له، وصل "العرب اليوم" نسخة منه أن قرار حكومة تسيير الأعمال رفع نسبة الضريبة المضافة من 15% - 16% اعتباراً من الأول من حزيران /يونيو 2013، مشيراً إلى أنه سيؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات كافة في المناطق الفلسطينية جميعها مما سيعرض صمود الفلسطينيين للخطر.
وأوضح البيان أن ارتفاع الأسعار في إسرائيل وفي دول العالم كلها يرافقه ارتفاع في جدول غلاء المعيشة ولكن في المناطق الفلسطينية منذ 7 أعوام الأجور والرواتب تتآكل ولا يوجد تحسينات على الرواتب والأجور ولا يوجد رفع لسلم الرواتب ولا لجدول غلاء المعيشة يتناسب مع ارتفاعات الأسعار.
وأكد رئيس اتحاد جمعيات "حماية المستهلك" الفلسطيني عزمي الشيوخي، رفض الاتحاد المطلق لقرار رفع أسعار الكهرباء بنسبة 8,8% اعتباراً من السبت، في ظل تراجع القدرة الشرائية للمستهلك الفلسطيني وعدم ارتباط الرواتب بجدول غلاء المعيشة وعدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور.
وقال الشيوخي إن مجلس تنظيم قطاع الطاقة وسلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية والحكومة الفلسطينية مطالبون بتحمل تغطية كامل تكاليف نسبة الارتفاع الأخيرة للكهرباء دون تحميل المستهلكين أياً منها.
وأضاف أن حكومة تسيير الأعمال هي بشكل رئيسي تتحمل تبعات ارتفاع أسعار الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات والسجائر وارتفاع القيمة المضافة التي سوف تؤثر على رفع أسعار السلع والخدمات كافة.
وأوضح الشيوخي أنه بإمكان المستهلكين عدم تسديد فواتير الكهرباء إلى شركات الكهرباء المزودة كخطوة احتجاجية على رفع أسعار الكهرباء، مشيراً إلى أن القانون لا يسمح لشركات الكهرباء قطع التيار الكهربائي عن المنازل، داعيا جمهور المستهلكين إلى مواجهة ارتفاع سعر الكهرباء والارتفاعات في أسعار المحروقات والسلع والخدمات كافة.
وتوقع رئيس الاتحاد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني عزمي الشيوخي، تدني نسبة القدرة الشرائية لدى جمهور المستهلكين إلى أدنى نسبة لها، مع ازدياد نسبة الفقر والبطالة وتراجع كبير في إنفاق العائلة الفلسطينية على الكماليات لارتفاع أسعار السلع الأساسية، وإلى تبلور موجة احتجاجات شعبية جديدة إذا لم تقم الحكومة في أسرع وقت بأخذ التدابير والقرارات الاقتصادية التي من شأنها طمأنة المستهلكين.
وحذر من ثورة الجياع، مطالباً بفتح حوار وطني شامل يشارك فيه ممثلو الشرائح والفعاليات والأطر التشريعية والرسمية والنقابية والحزبية والأهلية والقطاع الخاص والكفاءات والخبراء وصناع القرار كافة مع وقف قرار رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة ووقف رفع سعر الكهرباء.