القاهرة - مصر اليوم
تعاني أسواق الغاز الطبيعي المسال عالمياً من مستويات غير مسبوقة من التخمة، وأدى التوسع الدولي في أستراليا وقطر وموزمبيق ومصر بالإضافة للمستويات القوية باستمرار من تصدير الغاز الصخري الأميركي، إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار.
وبحسب تحليل نشره موقع "أويل برايس" لمراقب أسواق الطاقة العالمية " سيريل وايدرشوفن"، فإن المحللين قد حذروا من قبل من التخمة المحتملة في الغاز الطبيعي المسال وأنها قد تنتهي بشكل سيء للغاية، لكن لم يكن يتوقع أحداً أن السوق قد يتعرض كذلك لصدمة من جانب الطلب مثل فيروس الكورونا في الصين.
وخلال الأسبوع الماضين، فإن شحنات تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية التي كان يفترض تسليمها إلى الصين تم تحويلها إلى عملاء آخرين أو لا تزال تبحث عن مستورد في سوق يعاني من فائض في المعروض بشكل مؤسف.
ويشعر كبار منتجي الغاز الطبيعي المسال مثل قطر أو مصر بالألم بالفعل، مع إبداء المشاركين في مؤتمر مصري للنفط والغاز قلقهم بشأن المستقبل الوشيك لمركز الغاز في الشرق الأوسط، حيث إن عقود تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة لم يتم توقعيها، كما أن الأسعار المطلوبة من غير المرجح تلبيتها.
ولا يمكن أن يمر قرار قطر هذا الأسبوع بشأن تأجيل اختيار شركاؤها من الغرب لأكبر مشروع في العالم للغاز الطبيعي المسال لعدة لأشهر، مرور الكرام.
ورغم أنه لم يتم إصدار بيانات مباشرة من قبل قطر للبترول، إلا أن المصادر ذكرت أن قرار التأجيل تم اتخاذه بناءً على أساسيات السوق الحالي وتأثير فيروس كورونا الذي لا يزال غير واضحاً، وكانت قطر تخوض معركة شاقة مع تخمة السوق جراء صادرات الغاز الصخري الأمريكي وهبوط الطلب الصيني.
والاهتمام الدولي بالتوسع القطري في الغاز الطبيعي المسال كان كبيراً، كما كان من بين هؤلاء المهتمين عملاقة الصناعة مثل "رويال داتش شل" و"إكسون موبيل".
ولم تصدر قطر البترول قائمة بالجهات المهتمة، لكن يعتقد أن هناك حوالي 6 شركات غربية قد أبدوا اهتمامهم بهذا التوسع.
وفي حقيقة الأمر، كان السوق يتوقع إعلان شركاء قطر خلال الربع الأول من عام 2020، لكن قد يتم إرجاء هذه المسألة إلى وقت لاحق من العام الحالي.
والأمر يتطلب على نحو عقلاني اتخاذ قراراً بالتأجيل في الواقع، حيث أن التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال من قبل قطر للبترول بنحو 60 بالمائة من أجل الوصول إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027 سيكون بمثابة مخاطرة حقيقية.
وفي الوقت نفسه، فإن فيروس الكورونا قد وضع السوق العالمي كافة على حافة الانهيار، حيث إن هناك مخاوف من تعرض الطلب على النفط والغاز إلى ضربة قاسية للغاية، حتى مع أرقام الطلب الحالية في الصين وغيرها والتي لاتزال أعلى بكثير مما توقعه المحللون في الأسابيع الماضية.
وتسببت الأسعار المنخفضة في إغراء الصينيين لملء أماكن التخزين الخاصة بالدولة، ومع ذلك، إذا فشلت السلطات الصينية في احتواء الفيروس، يمكن أن تصل الاقتصادات الآسيوية إلى ركود جزئي، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر بشدة على وقود النقل والغاز الطبيعي.
ولا يقتصر الضرر من التخمة الحالية على مصدري الغاز الطبيعي المسال التقليديين مثل قطر أو منتجي شرق البحر المتوسط مثل مصر أو الجزائر، لكن يواجه الآن مصدري الغاز الصخري الأمريكي أزمة كبرى كذلك.
وتم تدمير أحلام المنتجين الأمريكيين بدخول أسواق عالمية قوية مع تحديد أسعار مرتفعة، بفعل تخمة الغاز الحالية أصلاً إضافة إلى انخفاض الأسعار بالفعل، والآن، يساهم مصدرو الغاز الأمريكيون فقط في التخمة، مما يضغط على الأسعار أكثر.
وتعتبر طفرة الصادرات الأمريكية بالإضافة إلى انخفاض الطلب الآسيوي بمثابة وصفة رئيسية للكارثة، والتي تؤثر على معظم شركات الطاقة العالمية ولكن بشكل خاص شركات "شل" و"توتال" و"إيني"، حيث تركزت استراتيجيات الاستثمار والتوسع الخاصة بتلك الشركات في الغاز الطبيعي.
ويصارع بالفعل بعض المنتجين الأمريكيين مثل "تشيسابيك الطاقة" الإفلاس، كما أن شركات النفط العالمية الكبرى تضررت من انخفاض الأرباح، وبالنسبة للمنتجين العرب، وخاصةً قطر والجزائر ومصر، فإن المستقبل مجهولاً.
ومن شأن اكتشافات الغاز الجديدة أن تكون بحاجة إلى التحول لسيولة نقدية من أجل دعم النمو الاقتصادي وخطط التنويع.
وبالنسبة لقطر، فإن خطط التوسع الحالي مطلوبة ليس فقط من أجل الصادرات الجديدة ولكن كذلك من أجل إبقاء المستثمرين والمشغلين الدوليين في قصص نجاح الغاز الطبيعي المسال القطري.
وفي نفس السياق، فإن الجزائر تبحث عن مسارات أخرى من أجل الحصول على السيولة النقدية الإضافية لدعم اقتصادها الناشئ في السنوات القادمة.
وبالنسبة لمركز استراتيجية الطاقة مصر، بالتعاون مع قبرص وإسرائيل، فإن الأمر عبارة عن مسألة حياة أو موت، وهناك حاجة لاستراتيجيات التعاون الدولي والاستثمار من أجل الاقتصاد الإقليمي.
ومع ذلك، بدون الأسواق أو العملاء، فإن كل شيء سيتم تأجيله، حيث أنه لن يرغب أيّ مستثمر أو شركة عالمية في إنفاق 10 مليارات دولار أخرى على محطة جديدة محتملة من الغاز الطبيعي المسال سعتها 8 ملايين طن، وفيما يتعلق بحالة قطر، فإن التوسع المخطط من المقرر أن يتكلف حوالي 60 مليار دولار.
وتتجه كافة الأنظار حالياً على الصين، حيث أن العملاق الآسيوي يشكل حوالي 40 بالمائة من نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2015.
وكانت الاستراتيجيات قد تم تحديدها استناداً إلى توقعات أن يتجاوز الطلب من الصين 82 مليون طن سنوياً بحلول عام 2023.
ونفس الأمر كان متوقعاً، ولكن بأحجام أقل، بالنسبة للهند وربما لمناطق أخرى في آسيا وحتى أوروبا، ووضع التراجع الحالي بالإضافة إلى تأثير فيروس الكورونا الجميع في حالة من الشك.
ويكمن شأن الشاغل الرئيسي في أن تخمة الغاز الطبيعي المسال تخرج عن نطاق السيطرة، مما يدفع المشغلين الكبار إلى حافة الحاولة كذلك.
قد يهمك أيضا :