سلطة النقد الفلسطينية

فشل الاقتصاد الفلسطيني في تحقيق معدلات نمو مستدامة جراء عراقيل الاحتلال الإسرائيلية والعدوان على قطاع غزة وانسداد الأفق السياسي في المنطقة.

وأكدت سلطة النقد الفلسطينية في تقرير أصدرته ،الأربعاء، أنّه "رغم النمو الملحوظ في الاقتصاد الوطني أثناء الربع الأول من العام الجاري مقارنة مع الربع المماثل له من العام الماضي إلا أنّ الوضع الاقتصادي في كل من الضفة والقطاع ما زال حرجًا، وبالتالي لا يعكس النمو المتحقق في الربع الأول، الاتجاه العام للنمو المتوقع لعام 2014 ككل .

وجاء ذلك في التقرير السنوي لعام 2013 الذي أصدرته دائرة الأبحاث والسياسات النقدية في سلطة النقد الفلسطينية، الاربعاء، ويشتمل على أربعة فصول رئيسة، تستعرض العديد من التطورات في مجال الاقتصاد المحلي والعالمي، وفي مالية الحكومة، والقطاع الخارجي بما في ذلك التجارة الخارجية السلعية وميزان المدفوعات الفلسطيني.

وأشار محافظ سلطة النقد الفلسطينية جهاد الوزير إلى أنّ "إصدار هذا التقرير يأتي في فترة شهدت العديد من التطورات الاقتصادية والسياسية، التي أسهمت في استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي، كما تزايدت المخاوف من تفاقم بعض الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها العديد من دول العالم، والتي تحد من فعالية بعض السياسات الاقتصادية المستخدمة لتحفيز الاقتصاد، وتهدد بعودة أداء الاقتصاد العالمي الهش مجدداً لحالة الركود الاقتصادي".

فيما يتعلق بالشأن المحلي، أكد أنّه "مع بقاء الاقتصاد الفلسطيني بمنأى نوعًا ما عن الآثار المباشرة للتطورات التي شهدتها الساحتان العالمية والإقليمية في العام 2013، إلا أنّ مشاكله وتحدياته الخاصة لعبت في المقابل دور المثبط للأداء الاقتصادي، فالقيود والمعيقات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي، وجمود الأفق السياسي من جهة، فضلًأ عن ضعف القطاع العام وعدم قدرة القطاع الخاص على النهوض بالاقتصاد من جهة ثانية، كانت المحرك الرئيس وراء استمرار تباطؤ الأداء الاقتصادي، وزادت من الشكوك حول قدرة الاقتصاد الفلسطيني على تحقيق معدلات نمو مستدامة.

فقد تباطأ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام 2013 بصورة ملموسة إلى نحو 2.1%، مقارنةً مع 5.9% في العام 2012 و12.2% في العام 2011.

وحافظت الأسعار في فلسطين على مستويات تضخم متدنية نسبيًا، إذ بلغت نسبة التضخم 1.7% خلال العام 2013 مقارنة مع 2.8% في العام 2012، و استمرت معدلات البطالة في فلسطين في الارتفاع أثناء العام، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 23.4% من إجمالي القوى العاملة مقارنة مع 23.0% في العام 2012، وظلت معدلات النمو المتحققة غير كافية لتوليد فرص عمل بالقدر الذي يخفض من معدلات البطالة أو حتى يحافظ على ثبات مستوياتها. 

ورغم أنّ توقعات سلطة النقد الأولية وفق سيناريو الأساس (والسابقة للعدوان على قطاع غزة) تشير إلى حدوث تحسن طفيف في أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2014 إلى 2.6% مقارنة مع 2.1% في العام 2013، إلا أنّه من المتوقع أنّ تسفر نتائج العدوان الإسرائيلي على القطاع وما رافقه من تدمير للبنية التحتية والمنشآت الصناعية والزراعية والخدمية، بالإضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية في صيف 2014، عن تخفيض واضح في هذه التوقعات. 

وعلى صعيد مالية الحكومة، أشار التقرير إلى أنّ العام 2013 قد شهد ارتفاعاً في عجز الرصيد الكلي (قبل المنح والمساعدات) بنحو 2.2% مقارنة مع العام السابق، متأثراً بدرجة أساسية بالارتفاع الملحوظ في حجم الإرجاعات الضريبية ونفقات الأجور والرواتب. فضلًا عن تراكم مزيد من المتأخرات، والتي ارتفعت بحوالي 30.2% بين عامي 2012 و2013.

 في سياق متصل، تراجع الدين العام الحكومي بحوالي 4.3% خلال العام 2013، ليبلغ حجمه 2,376.2 مليون دولار، متأثراً بدرجة أساسية بتراجع الدين الحكومي المحلي، الذي بلغت نسبته 53.3% من إجمالي الدين الحكومي. وعليه، فقد تراجعت نسبة الدين العام الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي من 24.2% عام 2012 إلى 19.9% عام 2013.

أما على صعيد القطاع الخارجي الفلسطيني، فقد سجل الحساب الجاري في ميزان المدفوعات للعام 2013 عجزًا قدره 1,317.4 مليون دولار، مشكلاً ما نسبته 11.0% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع عجزٍ نسبته 27.5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2012.

 

وفي سياق آخر، أشار الوزير إلى أنّ "سلطة النقد واصلت مسيرة نجاحاتها وإنجازاتها في شتى المجالات أثناء العام 2013، والتي انعكست على أداء المصارف العاملة في فلسطين واستقرارها، في ضوء الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية والإقليمية، وفي بيئة محلية عالية المخاطر.

وفي السياق ذاته عملت سلطة النقد على مزيد من التدعيم للبنية التحتية للنظام المصرفي، والمحافظة على ثقة العملاء بالجهاز المصرفي وذلك عبر إصدار قانون المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، والشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الآيبان (رقم الحساب المصرفي الدولي IBAN)، وإطلاق مشروع تسوية نتائج عمليات التداول في السوق المالي عبر نظام براق، وإنشاء وحدة للإشراف على نظم الدفع الهامة في فلسطين، وتطوير نظام المقاصة، وفتح حساب للحكومة الفلسطينية لدى سلطة النقد تمهيدًا لإدارة إصدار السندات الحكومية، وغيرها من الإنجازات النوعية.

وأوضح التقرير أنّ، محصلة هذه الإجراءات انعكست إيجابًا على المؤشرات المالية ومؤشرات الأداء للجهاز المصرفي الفلسطيني، فارتفع إجمالي موجودات المصارف في نهاية العام 2013 إلى 11,190.7 مليون دولار، وبنسبة 11.4% مقارنة مع نهاية العام 2012.

وشهدت محفظة التسهيلات الائتمانية المباشرة ارتفاعاً بحوالي 281.1 مليون دولار وبنسبة بلغت 6.7% عما كانت عليه في نهاية العام 2012، لتبلغ حوالي 4,480.1 مليون دولار.

 وتجدر الإشارة إلى مزيد من التفعيل لدور الوساطة المالية بين وحدات الفائض والعجز في الاقتصاد وتوفير مزيد من فرص التمويل والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية.

ووصلت ودائع العملاء إلى 8,303.7 مليون دولار، متزايدة بنسبة 10.9% مقارنة بالعام 2012، فضلًأ عن إلى ارتفاع صافي حقوق ملكية الجهاز المصرفي بنسبة 8.3%، لتصل إلى 1,359.9 مليون دولار، ما يشير إلى زيادة قدرة المصارف على التعامل مع المخاطر المحتملة.

وإلى ذلك، دعمت سلطة النقد رأسمالها بهدف زيادة قدرتها في التغلب على المخاطر التي تواجهها أثناء ممارستها مهامها وصلاحياتها ومسؤولياتها، فقد نمت حقوق ملكية سلطة النقد مع نهاية العام 2013 بنسبة 2.2%، لتصل إلى 94.1 مليون دولار، جراء ارتفاع رأس المال المدفوع بحوالي 3.2%، على خلفية تحويل الأرباح التي أسفرت عنها نتائج الأعمال التي قامت بها سلطة النقد إلى حساب رأس المال.