دمشق - أحمد شالاتي
عندما قرّرت أسرة صباح فخري بمن فيهم زوجته فاطمة وابنه أنس الانتقال من بيروت إلى دمشق قبل عدة أشهر بعد أن تدهورت الاوضاع في لبنان ، كان كل شيءٍ على ما يرام الى ان انتكست صحته وأدخل غرفة العناية الفائقة قبل أن يسلم الروح صباح أمس في المشفى الذي الدمشقي.رحيل ملك القدود الحلبية والصوت المميّز كان بمثابة صدمة لعشاقه في طول العالم العربي وعرضه. زوجته فاطمة قالت إن الفنان الكبير بدأت صحته تتدهور بشكل كبير منذ فترة، مضيفة"كنا نمضي الوقت غالباً، متنقلين بين المستشفى والمنزل. وبعد ظهر الاثنين وإثر نقله إلى غرفة العناية المركزة، تفاقمت أعراض النزلة الصدرية التي أصابته، فتوقف قلبه وأسلم الروح في صباح اليوم التالي".
وتضيف الزوجة المفجوعة أن العائلة الفنان استقرت في بيروت منذ عام 2014، وحتى شهر مارس (آذار) الماضي بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتدهور الأحوال المعيشية في لبنان
في هذه الاثناء كانت أوضاع صباح الصحية تتراجع مع الوقت، ولكن شاء القدر أن يلقى وجه ربه في بلده سوريا الذي يعشق وهو بين أهله ومحبيه وتضيف "بقي واعياً ومدركاً لكل ما يحصل حوله حتى لحظاته الأخيرة. وفي الخامسة من بعد ظهر الاثنين 1 نوفمبر (تشرين الثاني) تحدثنا معه وكان متعباً، لكن لا يزال بكامل وعيه. بيد أنّ الموت كان له بالمرصاد فرحل عن هذه الدنيا في التاسعة من صباح الثلاثاء 2 نوفمبر».زخر مشوار الفنان الراحل صباح فخري بإنجازات هامة في عالم الغناء، فتبوأ مناصب فنية مختلفة من بينها نقيب الفنانين في سوريا لأكثر من مرّة، قدّم خلالها خدمات جليلة للنقابة وأعضائها. كما شغل منصب نائب رئيس اتحاد الفنانين العرب، وكان له دور بارز فيه. انتخبَ عضواً في مجلس الشعب السوري في دورته التشريعية السابعة لعام 1998 استكمالاً لدوره الريادي الفني والقومي.
تميز مشواره الفني بعلامات فارقة كثيرة، فضرب الرقم القياسي ودخل موسوعة غينيس العالمية، من خلال غنائه على المسرح مدّة تتجاوز عشر ساعات متواصلة من دون استراحة في مدينة كاراكاس الفنزويلية عام 1968. وتقديراً لفنه الراقي وأصالته أُنشئت له في مصر عام 1997، جمعية فنية تضم محبيه. وهي أول جمعية رسمية من نوعها تقام لفنان غير مصريأُجريت على صوته الدراسات والأبحاث العلمية، وفي تونس قُدمت أول رسالة ماجيستير في العلوم الموسيقية الوحيدة عنه في العالم.اسمه الحقيقي هو صبحي أبو قوس، ونال لقب «فخري» نسبة لـ«فخري البارودي» الذي رعى مسيرته الفنية وتبنى موهبته منذ أن سمعه يؤذن في جامع الروضة بحلب.
لحّن صباح فخري وغنى العديد من القصائد العربية. فغنى لأبي الطيب المتنبي وأبي فراس الحمَداني ومسكين الدارمي. كما غنى لابن الفارض والروّاس ابن زيدون وابن زهر الأندلسي ولسان الدين الخطيب. ومن بين الشعراء المعاصرين الذين غنى لهم، فؤاد اليازجي، وأنطوان شعراوي، والدكتور جلال الدهان، والدكتور عبد العزيز محيي الدين الخوجة، وعبد الباسط الصوفي، وعبد الكريم الحيدري، وغيرهم.أحيا مهرجانات كثيرة في سوريا والأردن والعراق وتونس والمغرب ومصر وفرنسا والكويت وغيرها. وفي لبنان غنى في «مهرجانات بيت الدين» وفي منطقة عنجر وفي بيسين عاليه. أمّا آخر حفلاته فكانت في عام 2013، ضمن «أعياد بيروت». اشتهر بأدائه للقدود الحلبية ومن بينها «قل للمليحة»، و«يا بهجة الروح»، و«فوق النا خِل»، و«مالك يا حلوة» وغيرها.
وسبق للفنان الراحل أن أبدى إعجابه بالمغني الشاب محمد عساف. ووصف زوجته فاطمة (أم أنس) بأنّها رفيقة دربه وبأنّه يحب كتابة الأشعار والقصائد لها. وعن المصاعب التي واجهها في حياته عامة قال يومها: «أنا من أصحاب القول إنّه لا شيء مستحيل في الحياة، وكل ما علينا القيام به هو الاجتهاد للوصول إلى مبتغانا. ولذلك تجاوزت كل المصاعب في حياتي من دون تذمّر وكنت دائماً أتمسك بالأمل».وتقول فاطمة عن علاقتها برفيق عمرها" ربطتنا علاقة وطيدة مبنية على الحب، فنحن منذ 50 عاماً على هذا المنوال ولم يتغير شيء. كان يحب أن أطعمه بيدي وأنا أستمتع بذلك منذ بداية زواجنا. ولطالما كان يعتبر المرأة عنصراً مهماً في الحياة. شعاره المحبة وكان يردد دائما أن هناك كثراً بحاجة إليها في أيامنا هذه ، مضيفة "في السنوات العشر الأخيرة تعب كثيراً، ولكني كنت لا أفقد الأمل، وأشعر بالحياة تنبض في من جديد في كل مرة يتجاوز محنة صحية. ووصفت الفراق بأنه صعب وتمنّت ان يكون مثواه الجنة".وقد وروي جثمان صباح فخري الثرى اليوم في مدينة حلب الشهباء بعد صلاة الظهر. وسيقام له مجلس عزاء في بيروت بعد الانتهاء من مراسم الدفن .
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
الوسط الفنّي العربي ينعى صباح فخري ويعتبر رحيله خسارة لا تُعوّض للطرب الشرقيّ الأصيل