دمشق ـ غيث حمّور
أصبح نجاح المُمثل في إحدى الشخصيات والاستفادة من هذا النجاح موضة السينما المصريّة في الآونة الأخيرة، وخصوصًا على صعيد الكوميديا، فبعد أن كرّس الممثل المصري محمد سعد شخصية "اللمبي" في سلسلة أفلام كوميديّة قام ببطولتها كـ(بوحة، عوكل، كركر، كتكوت)، يسلك الممثل المصري الشاب أحمد مكي الطريقة ذاتها
عبر شخصية "دبور" التي استخدمها في فيلميه (اتش دبووور، طير أنت)، كما استخدمها في مشاركته في فيلم "مرجان أحمد مرجان)" لعادل إمام، وحتى في بعض الإعلانات التي قام ببطولتها.
سعد وشخصية اللمبي
ولاشك أنّ شخصية "اللمبي" التي أداها محمد سعد، جذبت الانتباه في أولى الأفلام التي قدمها، وأحبها الجمهور لتفردها، ولكن تكرار الشخصية في أكثر من فيلم، حولها إلى نمط و"كاركتر" ثابت غير قابل للتطور، وأدخلت مؤديها سعد في خانة المُمثل النمطي، من الصعب عليه الخروج منها، وربما النماذج التاريخية في الدراما والسينما العربية كثيرة على الممثل المنّمط الذي لم يستطع رغم مرور الزمن الخروج من شخصيته، وأصبح من الصعب على الجمهور تقبّله في دور مغاير لم يعتده عليه، حتى أصبح الجمهور يناديه باسم الشخصية التي يكررها.
مكي واستنساخ الشخصية والقصة
وأغرت نجاح شخصية "دبور" التي أداها المُمثل المصري أحمد مكي في فيلم "أتش دبووور"، مؤديها في استغلال النجاح، ليعود بفيلمه الثاني في مسيرته الفنية "طير أنت" بأداء مُكرر وباهت، ولم يكتف مكي بتكرار الشخصية، بل استنسخ فيلماً "هوليووديًا" معروفاً ولاقى نجاحاً على شباك التذاكر ليكرره وهو بعنوان "bedazzeled"، محاولاً الاستفادة من نجاح الفيلم الأميركي ليحصده في فيلمه، ورغم محاولة مكي تقديم شخصيات عدة في فيلمه "طير أنت"، والذي تدور أحداثه بشأن دكتور يلتقي بمارد يحقق له 7 أمنيات عبر تحويله لشخص آخر، ولكنه رغم محاولة تغيير شكله ليشابه البطل الأميركي في الفيلم الأصلي لم يستطع الخروج من شخصية "دبور" التي التصقت به في الشخصيات التي تحول إليها في الفيلم، استنساخ قصة الفيلم مع بعض التغيرات الطفيفة في حبكته ربما يعكس واقع السينما المصريّة في الوقت الجاري، ويؤكد إفلاسها وعدم قدرتها على تقديم الجديد ليس على صعيد الشخصيات فحسب، بل أيضاً على تقديم الحبكة الجديدة والقصة المتجددة.
هنيدي والفخ
وبرغم أن الممثل محمد هنيدي لم يقع في فخ التنميط بشكل كامل ولكنه مع ذلك يشابه إلى حدّ كبير مكي وسعد، فقدم هنيدي في معظم أفلامه بداية من "صعيدي في الجامعة الأمريكية"، وانتهاءً بـ"أمير البحار" شخصيات متشابهة إلى حد كبير، من حيث طريقة الأداء الذي اتسم بالتهريج والإضحاك، ومن حيث القصة المقدمة والتي غالباً ما تعتمد على الممثل قبل أن تعتمد على الفكرة والمقولة، وهذا ما أدى بأفلام هنيدي الأخيرة للخروج من سباق شباك التذاكر، وانتهت بخسارة مال كبيرة للشركة المنتجة، ما يؤكد ملل الجمهور من الشخصيات التي يقدمها ومن طريقة تقديمه لها.
حلمي والنضوج
فبدت معاناة الكوميديا المصريّة بالاعتماد على الممثل والإضحاك على الشخصية، بدلاً من كوميديا الموقف واضحة في معظم الأفلام المصرية في الأعوام الأخيرة، فحتى نجم الكوميديا الأول في مصر والعالم العربي عادل إمام دخل أيضاً في خانة التنميط، ولم يعد يقدم كوميديا الموقف، ليتجه إلى الإضحاك والتهريج.
وربما الممثل الكوميدي المصري الوحيد الذي استطاع الخروج من هذه المعادلة هو أحمد حلمي، الذي لم يقع في فخ التنميط، واستطاع تقديم عدد من الشخصيات المميزة في معظم أفلامه، وبدا ذلك جلياً في آخر فيلمين "كده رضا" و"1000 مبروك" و"على جثتي"، وعلى ما يبدو أن تجربة حلمي السينمائية وصلت إلى مرحلة النضوج في الفيلمين الأخيرين، واللذين قدم فيهما كوميديا الموقف المترافقة مع الفكرة المميزة والطرح الموجه والهادف.
بين الإفلاس والاستسهال
ويعد تنميط الشخصيات واقتباس الأفكار وتكرار الأحداث والمواقف، أحد السمات البارزة في السينما المصرية في الآونة الأخيرة، وخصوصًا على صعيد الكوميديا ولا يقتصر الأمر على مكي، وسعد، وهنيدي، بل امتد إلى أكثر من ممثل، كما لم يبق هذا في الكوميديا فقط بل أيضاً انتقل إلى الدراما، ويبدو أن ذلك يعود للإفلاس الذي تعاني منه، وإلى موجة الاستسهال التي تنتهجها في معظم انتاجاتها.