كيمياء المخ

كشفت دراسة علمية عن طرق جديدة لتسكين آلام الأمراض المزمنة، عن طريق تغيير كيمياء المخ، في سابقة علمية هي الأولى من نوعها.

ولفت البحث الذي أجراه علماء من جامعة مانشستر إلى أنه أصبح من الممكن زيادة مقاومة الألم، عن طريق تطوير علاجات أكثر قوة للأشخاص الذين يعانون من الآلام المزمنة، مثل تشجيعهم على ممارسة المزيد من التدريبات الرياضية.

ووجد العلماء أن الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل، يمكن أن تتطور لديهم المزيد من المستقبلات في الدماغ التي تستجيب إلى مسكنات الألم الأفيونية.

ويساعد وجود مستقبلات إضافية على تعزيز قدرة الجسم على مقاومة الألم، إما باستخدام المسكنات الطبيعية في أجسامنا مثل "الأندورفين"، أو عن طريق المواد المسكنة التي يصفها الأطباء مثل "المورفين".

ويعتقد الباحثون أن القدرة على معرفة وسائل الجسم لزيادة عدد مستقبلات المواد الأفيونية، ستساهم في تحسين العلاجات المختلفة لتخفيف الآلام. خصوصًا وأن ما يقرب من نصف سكان بريطانيا يعانون من الآلام المزمنة التي تستمر على المدى الطويل، أي لمدة 6 أشهر أو أكثر، فضلاً عن أن واحدة من بين كل خمس استشارات طبية لدى الأطباء، ناجمة عن هذه الشكوى.

وأوضح العلماء أن هؤلاء المرضى يتأقلمون بشكل أفضل مع الآلام الحادة على المدى الطويل، مما دفعهم إلى دراسة آليات التكيف مع المرض أثناء بحثهم، ووجدوا أنه كلما زادت المستقبلات الطبيعية من المواد الأفيونية، زادت القدرة على مقاومة الألم.

وفي سبيل اختبار هذه الفرضية، رفع العلماء درجة حرارة الجلد للمرضى بـ"الليزر" لقياس مقدار الألم الذي يمكن أن يتحملوه، إلى جانب إجراء الفحص لأدمغتهم باستخدام الماسح الضوئي لحساب عدد المستقبلات الأفيونية.

وخلص الباحثون الى أن مرضى التهاب المفاصل الذين يعانون من الآلام الشديدة في الآونة الأخيرة، لديهم الكثير من المستقبلات الأفيونية، وأشار مدير مركز اتحاد الأطباء لعلاج الآلام المزمنة في مانشستر، أنطوني جونز، "تعتبر من النتائج الجديرة بالاهتمام، لأنها تغير الطريقة التي يفكر بها العلماء بشأن الألم المزمن".

وأضاف: "عمومًا هناك نظرة سلبية واستسلامية للألم المزمن، حيث تظهر هذه الدراسة أنه على الرغم من أن مجموعة المرضى قيد الدراسة هم أكثر عرضة من الناحية الفسيولوجية للشعور بالألم، إلا أن نظام الألم الطبيعي يعتبر مرنًا للغاية، أي أن هناك إمكانية لزيادة قدرتهم على التكيف مع الألم".

وأضاف "من الممكن أن تزيد بعض التدخلات البسيطة من تعزيز هذه العملية الطبيعية، فضلاً عن خلق تقنيات علاجية أو غير علاجية لتسكين الألم، الأمر الذي يثير اهتمام العلماء بالفعل".

واعتبر جونز أنه "فضلا عن العلاج بالعقاقير، يمكن تسكين الألم عن طريق أشياء بسيطة أخرى مثل ممارسة التمارين الرياضية التي تساعد على زيادة المستقبلات الأفيونية".

وبيّن في تصريحات صحافية "نعلم جيدًا أن ممارسة الرياضة يمكن أن تعزز نظام المواد الأفيونية الطبيعية في الدماغ، وما لا نعرفه هو طرق تنظيم المخ للمستقبلات الأفيونية وعددها".

وأوضح الباحث في جامعة مانشستر، الدكتور كريستوفر براون، "يعتبر هذا البحث الأول من نوعه الذي يربط بين حدوث في كيمياء الدماغ، وزيادة القدرة على التكيف مع الألم، وعلى الرغم من أن الآليات التكيفية غير معروفة، إلا أن فهم علمية تحسين مقاومة الألم، سيؤدي إلى اكتشاف السبل لزيادة القدرة الطبيعية على التكيف مع الألم، من دون الآثار الجانبية للعديد من الأدوية المخدرة".