لندن ـ كاتيا حداد
توصل الباحثون إلى انفراجة في فهم كيفية تأثير فيروس "زيكا" على الأطفال الذين ولدوا مع تشوهات خلقية ومشاكل في النمو. ووجدت دراسة أن الفيروس ينشط في النظام المناعي الذي يعطل نشاط الجينات الضرورية لنمو مخ الجنين، مما يؤدي إلى صغر الرأس، حسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وأظهرت النتائج الاستجابة المناعية للفيروس، الذي يسببّ موت الخلايا الجذعية في المخ، ومن المحتمل أن يتم تقليلها للحد من تأثيرات الفيروس وما يتعلق به من تشوهات في الولادة. وظهرت أدلة على وجود صلة بين الفيروس وصغر حجم رأس الجنين، منذ تفشي مرض "زيكا" في أميركا الجنوبية والوسطى من العام الماضي، إذ أكد مسؤولو الصحة في الولايات المتحدة وجود هذا الرابط، بسبب زيادة حالات ضمور الأطفال حديثي الولادة لأمهات مصابات بالمرض في البرازيل وغيرها من بلدان أميركا اللاتينية.
وأكدّ العديد من الدراسات أن الفيروس يهاجم تطوير مخ الجنين، ويصيب الخلايا الأصلية العصبية، والخلايا الجذعية التي تتطور في المخ والرأس، ولكن فريق البحث في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ركزّ على جزيء من مستقبلات يسمى TLR3، والتي تلعب دورا أساسيا في الاستجابة المناعية الفطرية للجسم.
وحسب الدراسات، فعندما تهاجم الفيروسات الخلايا، يتم تنشيط TLR3 ويؤدي إلى إنتاج بروتينات للمساعدة في محاربة الفيروس، ولكن الاستجابة يمكن أن تختلف تبعا لطبيعة التهديد الفيروسي.
وفي الخلايا الجذعية العصبية، يتم تنشيط مسار المناعة، الذي يؤدي بنهاية المطاف إلى موت الخلايا العصبية في وقت مبكر، ويعتقد أن الفيروس يؤدي إلى انكماش كلي من نمو الدماغ.
وفي المختبر، استخدم الفريق أمخاخ عضوانية، وهي نماذج مصغرة ثلاثية الأبعاد تشبه المخ مصنوعة من مجموعات من مختلف أنواع خلايا الدماغ المشتقة من الخلايا الجذعية الجنينية، لدراسة الاستجابة المناعية في مزيد من التفاصيل.
وأكد البروفيسور طارق رنا، باحث في كلية الطب في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو، وكبير المشاركين في الورقة البحثية كنا نسأل عن قوة الدليل، وكنا متحمسين عندما منعنا TLR3 في الأمخاخ العضوانية المصابة بزيكا، وانحفاض حجمها بشكل أقل دراماتيكيىة". وأضاف:"مازلت غير مقتنع، لذا استخدمنا مادة كيميائية لتعزيز تفعيل TLR3، وأشار إلى أن أنسجة الدماغ بدأت تتقلص على نحو أسرع بكثير".
وفي الوقت الذي تنكمش الأمخاخ العضوانية ردا على زيادة مستويات TLR3، حيث ماتت الخلايا الجذعية من الاستجابة المناعية، وجد الفريق أن تقوية الجزيء يُقلل تأثير الانكماش، ويشير ذلك إلى وجود علاج محتمل لأولئك الذين يعانون من الفيروس.
ويرى الباحثون أن تثبيط TLR3 يمكن أن يوفر بعض الحماية للخلايا العصبية المصابة بالفيروس، ويمكنها من مواصلة النمو والتواصل مع الخلايا غير المصابة، مما يمكن أن يقلل من مسألة صغر الرأس وغيرها من القضايا المتعلقة بنمو الأجنة الذين لم يولدوا بعد.
وأضاف البروفسيور:"جزء من مختبري يعمل على الفيروسات الأخرى، ونحن نتطلع دائما إلي الفيروسات البكتيرية، وغيرها من الخلايا المناعية الخارجية، فنحن أبدا لم نفكر في النظر إلي هذا النظام". وتابع:"هناك العديد من الفيروسات الأخرى التي تسبب تلف الجهاز العصبي المركزي، والآن أريد أن نعود وننظر في تلك أيضا". وقد تم نشر البحث في مجلة "الخلايا الجذعية الخلية".
ومع ذلك، تم تسليط الضوء على فريق استخدم سلالة الأفارقة من الفيروس، ووجدوا أن السلالة المسؤولة عن تفشي المرض في الأميركتين يختلف قليلا، والتي تنشأ في آسيا. وعلى الرغم من ذلك، فإن الفريق يسلط الضوء على أنهم استخدموا السلالة الأفريقية للفيروس، والسلالة الأخرى المسؤولة عن تفشي الفيروس في الأميركتين المختلفة نسبيا، والأصلية في آسيا.
وأوضح رنا :"استخدمنا نموذجا" ثلاثي الأبعاد لتطور مخ إنساني بدائي، للمساعدة على إيجاد آلية واحدة لكيفية ضمور الأجنة النامية المصابة بـفيروس زيكا". وتابع:"لكننا نتوقع أن باحثين آخرين سيستخدمون الآن أيضا نفس هذا التدرج، وتستنسخ نظما"ّ لدراسة جوانب أخرى من العدوى واختبار العلاجات المحتملة".