داء السكري

كشفت تقارير الاتحاد الفيدرالي الدولي للسكري، أن هناك نحو 382 مليون شخص مُصاب بداء السكَّري في العالم، ويعيش 316 مليونًا آخرون مع اضطراب تحمُّل الغلوكوز وهم في عرضة لتطوُّره إلى داء السكري من النوع الثاني، وسوف يصل العدد إلى 592 مليوناً بحلول عام 2035. ويعيش 80 في المائة من العدد الكلي للمصابين في البلدان ذات الدخل المادي المنخفض والمتوسط. ومع وجود 175 مليون حالة غير مشخَّصة في الوقت الحاضر، فإن عدداً كبيراً من المصابين بداء السكَّري يتقدمون نحو مرحلة المضاعفات من غير أن يكونوا مدركين ذلك.

وتتوقع منظمة الصحة العالمية في تقاريرها أن يصبح مرض السكري سابع مسبب للوفاة الرئيسية في العالم بحلول عام 2030، كما تتوقع ارتفاع مجموع الوفيات الناجمة عن السكري بأكثر من 50 في المائة في السنوات العشر المقبلة، حيث يموت شخص حالياً كل 6 ثوانٍ بسبب داء السكري.
*إقليمياً ومحلياً

تعتبر المملكة والكويت وقطر من بين 10 دول ذات معدل الانتشار الأعلى لداء السكري. ويعزى ذلك إلى التغييرات الاجتماعية والاقتصادية في دول الخليج التي أدت إلى التغيرات السلبية في نمط الحياة مثل نقص النشاط البدني، مما أدى إلى زيادة انتشار السمنة، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالمرض التي تجاوزت 10 في المائة في كثير من دول المجلس، مما يعني أن المجتمع الخليجي أصبح مصاباً أو سيصاب بالسكري بنسبة تزيد على 20 في المائة، وهي نسبة مرتفعة جداً إذا ما قورنت بالدول الأخرى.
* ورشة عمل

وتعتبر السعودية من ضمن العشرة الأوائل في دول العالم التي ينتشر فيها هذا المرض، حيث تحتل المركز السابع بوجود ما يقرب من 4 ملايين شخص مصاب يمثلون نحو 24 في المائة من الفئة العمرية بين 20 و79 سنة، إضافة إلى أكثر من مليون ونصف المليون مصاب من غير تشخيص، ويموت بسبب السكري ومضاعفاته أكثر من 22 ألفاً سنوياً.
«السكري يحتاج وقفة أهل»، هو عنوان ورشة عمل متخصصة، انطلقت فعالياتها في مدينة جدة يوم 20 يونيو (حزيران) الحالي تجاوباً مع الحقائق والأرقام الواردة أعلاه. افتتح الورشة الدكتور محمد حسن باجبير، مساعد مدير الشؤون الصحية للخدمات الطبية المساعدة بصحة جدة نيابة عن وكيل وزارة الصحة للخدمات العلاجية، الدكتور طريف الأعمى. شارك في البرنامج العلمي نخبة من الأطباء المتخصصين والاستشاريين. تم تسليط الضوء في ورشة العمل على أهمية الدور النفسي والمعنوي الذي يمكن أن تلعبه الأسرة والمجتمع في التخفيف على مريض السكري ومساعدته في تجاوز مراحل العلاج والتعايش مع المرض بطريقة صحية وسليمة.
* طفل السكري في المدرسة

تحدث في الندوة الدكتور عبد العزيز عبد الله التويم، استشاري أمراض غدد وسكري الأطفال في مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بجدة نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأطفال، عن أهم المشكلات التي قد تواجه أطفال السكري في المدارس، حيث تصل الإصابة بالسكري من النوع الأول بين الأطفال السعوديين إلى نسبة 4 في المائة من مجموع نسبة مرضى السكري، إضافة إلى أن نحو 35.5 في المائة من أطفال المملكة يعانون من السمنة التي ترفع بدورها نسبة الإصابة بالسكري.
ومن أهم تلك المشكلات انخفاض مستوى السكر أثناء الدراسة، وارتفاع مستوى السكر في الدم، وعدم الرغبة في المشاركة في التمارين الرياضية، والشعور بالإحباط والمصاعب النفسية.

وأضاف أن انخفاض سكر الدم حالة طارئة، تحدث بسبب عدم تناول الوجبة أو تأخيرها، زيادة في التمارين الرياضية أو بسبب زيادة في جرعة الإنسولين (خطأ). وأهم الأعراض الشعور بالجوع، وتصبب العرق، والشحوب، والدوار (الدوخة) والإغماء. وإذا لوحظ على الطفل المصاب بالسكري أي تصرف غريب يجب إعطاؤه طعاماً حلواً على الفور كعصير الفاكهة أو الحلوى أو التمر. وإذا لم يتوفر تحليل السكر بالجهاز وكان هناك شك هل السكر مرتفع أم منخفض تجب المعالجة على أن لدى الطفل انخفاضاً، لأن انخفاض السكر أخطر من ارتفاعه، وقد يؤدي (إذا لم يعالج بسرعة) إلى تشنجات أو غيبوبة أو موت.
وحول التأثير النفسي للسكري على الأطفال والعائلة، أفاد د. التويم بأن بعض المدارس تحاول وضع العراقيل نحو عدم قبول طفل السكري في المدرسة خوفاً من تحمل المسؤولية وهذا خطأ. ومن جانب آخر، هناك كثير من الأهالي يقومون بإخراج الطفل من المدرسة عند اكتشاف إصابته بالسكري، ومنهم من يؤخر التحاقه بالمدرسة، وهذا أيضاً خطأ، بسبب القلق من انخفاض مستوى السكر أثناء الدراسة وصعوبة متابعة علاج وتحاليل السكري، وقد تتأثر العلاقة الاجتماعية والزوجية بين الأب والأم، بسبب إصابة الطفل بالسكري.
* غذاء صحي متوازن

كما تحدث في الندوة الدكتور خالد بن علي المدني، استشاري التغذية العلاجية ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية حول التغيرات التي طرأت على نمط الحياة، ونصح بالآتي:

- تجنب الدهون غير المشبعة، وتشمل الأطعمة التي تحتوي على الدهون المتحولة، وبعض الخضراوات، ورقائق البسكويت والكعك، والأطعمة الخفيفة المعلبة.

- أن تكون الدهون المشبعة أقل من 7 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية.

- أن تصل الدهون غير المشبعة إلى 10 في المائة، والدهون الأحادية غير المشبعة إلى 20 في المائة من إجمالي السعرات الحرارية.

- أن يكون إجمالي الدهون من 25 إلى 35 في المائة، والكربوهيدرات من 50 إلى 60 في المائة، والبروتين 15 في المائة تقريباً من إجمالي السعرات الحرارية، والألياف من 20 إلى 30 غراماً يومياً.
- أن يظل الكولسترول أقل من 200 ملغم/ يوم.

كما تحدث في الندوة أيضاً الدكتور عبد الوهاب أحمد باوهاب استشاري الأمراض الباطنة وأمراض الغدد الصم والاستقلاب رئيس وحدة الغدد الصم والاستقلاب بمستشفى الملك فهد العام بجدة، مؤكداً أن داء السكري يرتبط ويتزامن، في الغالب، مع أمراض أخرى تضاعف من مخاطره مثل ارتفاع ضغط الدم، وفرط الكولسترول والدهون والسمنة والمضاعفات التي تشمل الفشل الكلوي، والسكتة القلبية والدماغية والقدم السكري واعتلال شبكية العين السكري، «فإنه بذلك يشكل أعباء اقتصادية واجتماعية ونفسية على جميع دول العالم».
ويقدر عبء داء السكَّري بـ548 مليار دولار نفقات صحية في عام 2013، وهي تمثل 11 في المائة من الإنفاق العالمي الكلي. ويتوقع أن ترتفع إلى 627 مليار دولار عام 2035.

وبالنسبة للإنفاق الصحي الناتج عن داء السكَّري بدول الخليج، فتشير تقديرات عام 2013 إلى أنها كانت على الترتيب التالي: السعودية 23.87 في المائة، الكويت 23.09 في المائة، قطر 22.87 في المائة، البحرين 21.84 في المائة ثم الإمارات 18.98 في المائة. وفقاً لأطلس السكري السادس (IDF Diabetes Atlas. 6th Edition 2013).
أما عن السعودية، فقد صرح وزير الصحة السعودي العام الماضي 1437هـ بأن أمراض السمنة والسكري تهدد اقتصادات الخليج والعالم (الشرق الأوسط، العدد رقم 13477، 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2015)، ويتوقع مدير عام المكتب التنفيذي السابق لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي أن تنفق 40 في المائة من ميزانية وزارة الصحة في المملكة على مرض السكري بحلول عام 2030.
** توصيات صحية

وأكد المتحدثون في ورشة العمل أنه ليس عيباً أن يصاب شخص بالسكري، ولكن من الواجب عليه وعلى أسرته ومجتمعه وصانعي القرار في بلده مراعاة الآتي:

- أن يشمل التأمين الطبي مرض السكري.

- استحداث برامج تدريبية تخصصية «للسكري» للممارسين الصحيين.

- دعم الأبحاث وخصوصاً المتعلقة بالتكلفة الاقتصادية للتخطيط الجيد لمحاربة المرض وعبئه الاقتصادي.

- إعادة النظر في أنظمة الخدمات الصحية المقدمة لمرضى السكري من حيث البنية التحتية وتوفير المستلزمات الطبية وكفاءة العاملين المختصين.

- دعم برامج الوقاية الثانوية وقياس الأداء.

- اعتماد الملف الإلكتروني وتطبيق أنظمة العلاج الحديثة الإلكترونية.

- استخدام تطبيقات الشبكة الإلكترونية لتقديم خدمة طبية فعالة وتقليل التكلفة.

- بالنسبة لأطفال السكري، يجب على الإدارة المدرسية توفير الخدمات الصحية المناسبة، ممرض أو مدرس ملم بالتعامل مع السكري على الأقل.

- توفير الوجبات الغذائية الصحية في مقصف المدرسة.

- توفير الإبرة التي ترفع السكر عند حدوث انخفاضه (إبرة الجلوكاجون) والإنسولين في ثلاجة المدرسة.

- توفير كتيب يحتوي على أعراض السكري وطرق التعامل معه ورقم تليفون وجوال الطبيب المعالج والأهل.