التطعيم ضد شلل الأطفال

في مركز طبي في مخيم الزوايدة في وسط قطاع غزة، لا تخفي الفلسطينية بسمة البطش فرحتها بوصول اللقاحات ضد شلل الأطفال التي ستمكّن أطفالها وآلاف الأطفال الآخرين من اكتساب مناعة ضد المرض الذي عاد الى القطاع المحاصر والمدمّر.

وتجمّع عشرات الأهالي مع أطفالهم أمام المركز ينتظرون حصول الأطفال على اللقاح على أيدي أفراد طواقم طبية موزعين في المكان. وكانوا تلقوا صباحاً رسائل نصية على هواتفهم تطلب منهم إحضار أطفالهم.

ويفتح أحد الأطفال فمه قبل أن يقوم العامل الطبي بتنقيط قطرتين من الطعم في فمه.

وتقول البطش: "أشعر بالفرح والارتياح.. كنت خائفة على أطفالي من الشلل والأمراض". وتضيف: "لكن الحمدلله أنا الآن سعيدة، لأن أولادي سوف يحصلون على التطعيم".

وبدأت الأحد رسمياً حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، وفق ما أعلن مسؤول صحي لوكالة "فرانس برس".

وكانت الأمم المتحدة أعلنت أن الحملة ستجري على مراحل في كل مناطق القطاع الفلسطيني الذي يشهد حرباً مدمّرة منذ قرابة أحد عشر شهراً، وستترافق مع "هدن إنسانية" لم تتضح شروطها تماماً.

وأعلنت الأمم المتحدة عن حملة التطعيم بعد أن سُجلت الشهر الماضي أول حالة شلل أطفال منذ ربع قرن في قطاع غزة. وقد أصيب بها طفل يبلغ عشرة أشهر في وسط قطاع غزة. وقالت عائلته التي اضطرت للنزوح مراراً بسبب الحرب، إنهم لم يتمكنوا قط من تطعيمه حاله حال العديد من الأطفال في القطاع.

وأكّدت متحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) لويز ووتردج تطعيم نحو ألفي طفل في عيادة في دير البلح الأحد.

وأوضحت أن هناك فرقاً متنقلة بين الخيام، وتوضع علامة بالحبر على إبهام الطفل الذي حصل على التطعيم.

من جهتها أعلنت وزارة الصحة في غزة أنها سجلت تطعيم 72611 طفلاً في اليوم الأول من الحملة.

ينتشر فيروس شلل الأطفال في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة، وهو شديد العدوى. ويمكن أن يسبب تشوّهات وشللاً دائماً، وقد يصبح مميتاً. وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.

وأرسلت الأمم المتحدة 1.26 مليون جرعة من اللقاحات التي تُعطى بالفم.

وتقول غدير حجي إنها شعرت بالخوف عندما سمعت عن تسجيل حالة إصابة بشلل الأطفال.

وتضيف: "شعرنا بالخوف على أطفالنا وطالبنا بضرورة توفير تطعيم لهم". وبحسب حجي "تلقينا رسائل من وزارة الصحة وأتينا الى هنا فوراً". وتقول الأم لخمسة اطفال "حصلوا جميعهم على التطعيم".

في المركز الطبي في الزوايدة، كتب على صناديق التطعيم المكدسة في إحدى الغرف، اسم منظمة "يونيسف".

وفي الخارج، كان أحدهم يوزّع كتيبات بعنوان "أسئلة وأجوبة حول شلل الأطفال"، فيما علّقت على جدران المركز ملصقات حول الحملة.

وتلقّى عدد من الأطفال السبت، قبل بدء الحملة رسمياً، لقاحات في خان يونس في جنوب القطاع.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن إسرائيل وافقت على سلسلة "هدن إنسانية" يستمر كلّ منها ثلاثة أيام في وسط القطاع وجنوبه وشماله لتنفيذ حملة تلقيح تشمل 640 ألف طفل في أنحاء غزة. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو شدّد على أن هذه الهدن الموقتة "ليست وقفاً لإطلاق النار".

ولم تشر التقارير الميدانية الأحد إلى قصف أو عمليات عسكرية حتى الساعة الثانية من بعد الظهر، وهو الوقت المحدّد مبدئياً لانتهاء الهدنة.

إلا أن شعبان تحدّث عن "تحليق مكثّف لطائرات مسيّرة إسرائيلية في أجواء المحافظة الوسطى"، متمنياً أن "تتمّ عملية تطعيم أبنائنا الأطفال وسط جو من الطمأنينة والهدوء".

وقالت ووتردج إنها سمعت بعض أصوات إطلاق النار في وسط غزة بعد السادسة صباحاً، لكن بعد ذلك عمّ الهدوء المنطقة.

وأضافت لـ"فرانس برس" "صعب للغاية أن تنتقل من العيش في خوف مطلق في كل ثانية من يومك من الاستيقاظ حتى النوم، الى أن تطمئن فجأة إلى أن الأمر على ما يرام الآن".

وحدّدت وزارة الصحة في قطاع غزة ووكالات الأمم المتحدة 67 مركزاً للتطعيم، في مستشفيات ومستوصفات ومدارس في وسط القطاع الفلسطيني الصغير، و59 مركزاً في الجنوب، و33 مركزاً في الشمال الذي بات غير مأهول إلى حدّ كبير، على أن تنتقل الحملة الى الجنوب والشمال في مرحلتين ثانية وثالثة.

ومن بين 36 مستشفى، لا يزال 17 فقط يعمل بشكل جزئي في القطاع الفلسطيني، العديد منها مخصص لجرحى الحرب الذين يقدر عددهم بأكثر من 94 ألفاً وفق وزارة الصحة. وقد أعلنت الوزارة مقتل ما لا يقل عن 40738 شخصاً جراء الحرب، غالبيتهم من النساء والقصّر وفق الأمم المتحدة.

 

قد يُهمك ايضـــــًا :

إسرائيل تعلن مقتل منفذ عملية إطلاق النار في الخليل

بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في وسط قطاع غزة اليوم