نيويورك – مصر اليوم
نيويورك – مصر اليوم
بدأت مادة جديدة شديدة التنبيه تغزو الأسواق، وباتت تباع بكميات كبيرة، وهذه المادة هي النيكوتين بحالته السائلة النشطة القوية المفعول، والمستخلصة من التبغ المُطعَّم بمزيج من الإضافات، والنكهات، والألوان، والمواد الكيميائية المُنوَّعة بغية تلبية طلبات صناعة السجائر
الإليكترونية التي بدأت تنمو وتتوسع بسرعة.
وتلك السوائل الإليكترونية، تسمى؛ "e-liquids"، وتعتبر المُكوِّن الأساسي في تلك السجائر، وهي سموم عصبية شديدة المفعول، فأي كمية ضئيلة منها سواء جرى ابتلاعها، أو امتصاصها عبر الجلد، تُسبِّب التقيؤ والغثيان، والأزمات الصحية، وتكون مميتة في بعض الأحيان، وملعقة شاي واحدة منها، حتى ولو أُذيبت في الماء، من شأنها القضاء على طفل صغير.
ولكن السوائل الإليكترونية، شأنها شأن السجائر الإليكترونية، لا تخضع لقوانين السلطات الاتحادية الأميركية، إذ يجري مزجها على أرضيات المعامل والمصانع، وفي الغرف الخلفية للمحلات التجارية، لتباع قانونيًّا في تلك المحال، وكذلك عبر شبكة الإنترنت، على شكل قنان، وزجاجات صغيرة، التي تحفظ في المنازل لأغراض التعبئة المستمرة للسجائر الإليكترونية.
وشرعت في الظهور الدلائل على الأخطار الكامنة، فأخصائيو السموم يحذرون من أن تلك السوائل الإليكترونية تُشكِّل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة، ولاسيما الأطفال، الذين ينجذبون إلى ألوانها الجذابة، وأريجها العطر، مثل: الكرز، والشوكولاته، واللبان ذي الفقاعات.
وقال مدير قسم "سان دييغو لنظام التحكم في السموم"، في ولاية كاليفورنيا، لي كانتريل، وأستاذ الصيدلة في جامعة كاليفورنيا، في سان فرانسيسكو، "ليس المهم متى يصاب الطفل بالتسمم أو يهلك، بل المهم متى؟، حيث قفز عدد الحوادث المرتبطة بتلك السوائل على صعيد البلاد كلها إلى 1351 في العام الماضي، بارتفاع نسبته 300% مقارنةً بعام 2012، ومن المتوقع، أن يتضاعف هذا الرقم في العام الجاري، استنادًا إلى المعلومات الصادرة عن النظام القومي للبيانات والمعلومات السمية، وعلى صعيد الحوادث التي حصلت في العام 2013 الماضي، أدخلت 356 حالة منها إلى المستشفيات، أي 3 أضعاف رقم الحالات السابقة"، مشيرًا إلى أن "تعتبر السوائل الإليكترونية أكثر خطورة من التبغ، نظرًا إلى أن السوائل يجري امتصاصها بسرعة أكبر حتى ولو كانت بتركيزات مُخفَّفة".
وأضاف كانتريل، "هذا النوع من النيكوتين هو الأكثر فعالية على الصعيد السموم الطبيعية، لكن السوائل الإليكترونية باتت تتوفر اليوم في كل الأمكنة، فهي تباع في كل مكان، جاهزة ومُتوفِّرة لجميع أفراد المجتمع".
وتلك الفورة التصاعدية في استخدام المواد السامة، لا تعكس النمو في استخدام السجائر الإليكترونية فحسب، بل تُمثِّل أيضًا تغييرًا في التقنيات، ففي البداية كانت الكثير من السجائر عبارة عن أشياء يجري التخلص منها بعد الاستخدام، والتي تبدو أشبه بالسجائر العادية، لكن شيئًا فشيئًا باتت أكبر حجمًا، ويمكن إعادة استخدامها بعد إعادة تعبئتها بالسائل، الذي هو عادة خليط من النيكوتين، والمطعمات، والمذيبات الأخرى، ففي ولاية كنتاكي في أميركا، حيث 40% من الحالات، تشمل أشخاصًا بالغين، أدخلت إحدى النسوة إلى المستشفى تعاني من أزمة قلبية، بعدما انكسرت إحدى سجائرها الإليكترونية وهي في سريرها، وتسرب السائل منها.
والاستخدام المفرط للنيكوتين السائل أوجد نوعًا جديدًا من العقاقير الترفيهية، ومثار جدل أيضًا، فبالنسبة إلى محبذي تلك السجائر الإليكترونية، يُمثِّل النيكوتين السائل وقودًا من التقنيات الجديدة التي من شأنها أن تدفع الأشخاص إلى التخلي عن التدخين، وتلك تعتبر من الحكايات الطريفة، لكن لا توجد دراسات مُطوَّلة بشأن ما إذا كانت السجائر الإليكترونية أفضل من لبان النيكوتين، أو اللصقات التي تُوضع على الجلد لمساعدة الأشخاص على التخلي عن التدخين، كما لا توجد دراسات بشأن الآثار الطويلة الأمد الناجمة عن استنشاق بخار النيكوتين.
وخلافًا إلى لبان "علكة" النيكوتين ولصقاته، لا تخضع السجائر الإليكترونية ومكوناتها الأساسية إلى أي أنظمة أو قوانين، وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية "إف دي إيه" ذكرت أنها تنوي تنظيم السجائر الإليكترونية، وإخضاعها للقواعد المعمول بها، لكنها لم تعلن عن كيفية قيامها بذلك، في حين أن الكثير من شركات السجائر الإليكترونية تلك تأمل أن تكون تلك التنظيمات محدودة المفعول.
وقال كبير مديري "بالم بيتش فايبرز"، شب بول، وهي شركة مقرها طلسا في ولاية أوكلاهوما، التي تقوم بتشغيل 13 شركة بترخيص امتياز في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي تنوي فتح 50 شركة أخرى في ذلك السنة، إن "الجميع يخشون تنظيمات "إف دي إيه"، لكن في الحقيقة نحن نُرحِّب بنوع من تلك الأحكام والقوانين التي تُنظِّم التعامل مع هذا السائل".
ويُقدِّر بول، إنه "في العام الجاري ستبلغ مبيعات هذا السائل في الولايات المتحدة بين مليون ومليوني لتر، لملء وتعبئة السجائر الإليكترونية، كما أنها ستتوفر بكثرة على الإنترنت، وتقوم شركة "ليكويد نيكوتين هول سايلرز"، التي مقرها بيوريا، في ولاية أريزونا، بفرض مبلغ 110 دولارات كسعر للتر الواحد من هذا السائل بتركيز نيكوتيني يبلغ 10%".
وقالت الشركة، على موقعها على شبكة الإنترنت، أنها "تُقدِّم عبوات بحجم 55 غالونًا، أما شركة "فابورورلد.بز"، فتبيع الغالون بتركيز 10% مقابل 195 دولارًا".
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لشركة "سموك فري أولترنايتفس ترايد أسوسيشن"، سينثيا كابيرارا، إنها "تُفضِّل التنظيمات والأحكام، بما فيها القناني المنيعة على الأطفال مع العناوين والإشارات التي تحمل التحذيرات والإنذارات، فضلًا عن تحديد مستويات وقواعد للإنتاج".
وأضافت، أن "الكثير من الشركات شرعت في ذلك طوعًا من تلقاء ذاتها، كما يتوجب على الآباء والأمهات أيضًا تحمل بعض المسؤولية".
وتتراوح مستويات النيكوتين في السوائل بين 1.8 و2.4%، ومن شأنها أن تسبب تقيؤًا وغثيانًا، لكن من النادر حدوث وفاة لدى الأطفال، لكن ثمة تركيزات أعلى تبلغ 10%، و7.2% مُتوفِّرة بكثرة على الشبكة، ومثل تلك الجرعة القاتلة لا تتطلب أكثر من ملعقة شاي، استنادًا إلى الدكتور كانتريل، الذي يقول؛ إنها "لا تقتل الطفل فحسب، بل الشاب اليافع كذلك".