العلماء يكتشفون طريقة جديدة لفهم الورم السرطاني الكامن

استطاع العلماء أن يكتشفوا بالضبط كيف يستطيع السرطان أن يختبئ لفترات طويلة في الجسم تصل إلى بعض السنوات، ثم تبدأ فجأة بالمهاجمة ليعطوا الأمل لعلاجات جديدة في غضون العشر سنوات المقبلة.

وتتبع العلماء الخلايا السرطانية التي تختبئ في الجسم وأطلقوا عليها اسم خلايا السرطان الحرة قبل أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، وتسلط الدراسة الضوء على عملية تعرف باسم "الانبثاث الكامن" التي يعمل فيها السرطان بدون أن يكشفه جهاز المناعة في الجسم.

وسيساعد الاكتشاف الذي توصل له الباحثون في معهد كيترينغ سلون في نيويورك إلى تمهيد الطريق لاكتشاف علاجات جديدة لوقف السرطان عن العودة مرة أخرى، وأوضح رئيس مركز ميموريال سلون كتيرنغ للأبحاث الدكتور جوان ماساغي " من الوقت الذي يبدأ فيه الورم بالتشكل وحتى إزالته بالجراحة استطعنا تسليط الضوء على الخلايا السرطانية في الجسم، وفي الغالب فإن معظم الخلايا تموت ولكن عدد قليل ينجو، ويمكن لهذه الخلايا أن تكون المزيد من الأورام مرة أخرى فيما يعرف بالخلايا الكامنة."

وخلق الدكتور جوان وزملاؤه نموذجا جديدا لفهم الورم الخبيث الكامن، واستخدموا آلية للكشف عن الآليات التي تكمن وراء وضع الشبح في السرطان، وتابع " يعد فهم الورم الخبيث الكامن فرصة مهمة للتأثير على السرطان، فحتى اليوم لم يكن أحد قادر على مواجهته."

ويعاني نحو 25% من النساء من شكل عدواني لسرطان الثدي في تجربة تتكرر بعد الجراحة أو العلاج الكيميائي، ويعد مرضى سرطان الرئة من أكثر المعرضين لعودة المرض مرة أخرى، ويصعب اكتشاف الخلايا الكامنة في الجسم وتحديد موقعها.

وأخذ زميل للدكتور جون سمه سرينيفاني ملادي الذي قضى 6 سنوات في تطوير النموذج خلايا من المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي والرئة في مرحلة مبكرة ووضع عليه علامة فوري ثم حقن هذه الخلايا في الفئران وانتظر أشهر عدة.

وماتت كل الخلايا التي زرعها إلا عدد قليل منها واختبأت في الرئتين والكليتين وأطلق عليها اسم الخلايا السرطانية إل سي سي، واستطاع تتبعها ودراستها، وحصل على أول دليل من البروتينات التي تنتجها هذه الخلايا فهي تتصرف وكأنها خلايا جذعية تنقسم بشكل دوري لإصلاح الأنسجة، وهذا ما يساعد على تفسير تقبل الجسم لها، وأكثر ما يحير أن هذه الخلايا تنتج بورتين يدعي دبليو أن تي وهو الذي يسيطر على انقسام الخلايا.

ويبدأ هذا النمو في البداية بشكل بطيئ حتى تستطيع أن تبقى في الجسم بدون أن يكشفها جهاز المناعة، وعندما لا تنقسم هذه الخلايا فإن الخلايا المناعية المعروفة باسم القاتل الطبيعي التي تقوم بدوريات روتينية في الجسم، والتي تبحث عن علامات الخطر لا تعود تنتبه لوجودها.

ولا تستطيع الخلايا المناعية القاتلة الطبيعية أن تلاحظ الخلايا السرطانية التي لا تنقسم لأنها لا تنقسم؛ وبالتالي فهي تتجاهلها، فالمواد الكيمائية التي تنتجها تقتل الخلايا السرطانية التي تنقسم بصورة عشوائية.

وتوضح هذه النتائج استبعاد معظم خلايا إل سي سي من الجسم في ما عدد قليل منها بقي على قيد الحياة، ومع مرور الوقت تحصل طفرات جينية إضافية تسمح لها بالفرار من جهاز المناعة وتسبب في السرطان.

ولا تعد فكرة حمل النظام المناعي لخلايا سرطانية جديدة ففي بعض حالات الزرع يحدث أن يتلقى المريض عضوا من متبرع مصاب بالسرطان في وقت سابق، ويعتقد أن علاجه قد قضى على المرض، ولكن حتى اليوم ظلت آلية عمل السرطان الكامن وتضليل جهاز المناعة غامضة.

ويشرح الدكتور جون أن هذه الدراسة ستخلق استراتيجية فعالة لاستهداف الخلايا الكامنة لتنبيه الخلايا القاتلة على وجودها والقضاء عليها، ويعمل فريقه على تطوير علاجات محتملة من خلال دراسات على الخلايا المناعية التي يمكن أن تكون متاحة في غضون عقد من الزمان.