واشنطن ـ رولا عيسى
لم يعد فصل الصيف حكرًا على تمارين اليوغا، التي تعرف فوائدها للجسم والنفس، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة تمارين اليوغا وسط الثلوج والصقيع.
وتروي مراسلة صحيفة الإندبدنت البريطانية، كريستي ميجور، تجربتها مع تمارين اليوغا وسط درجة حرارة 17 تحت الصفر، في مدينة لابلاند السويدية الخلابة، والتي تقع في أقصى الشمال السويدي بالقرب من القطب الشمالي.
فيما قالت كريستي، "شركة "أكتيف نورث" السويدية توفر رحلات يومية خاصة للسياح والسكان المحليين هناك، ضمن هذه الرحلات أنشطة عديدة أبرزها تمارين اليوغا، والتي كنت أتخيل أنها ستكون أفضل عندما أمارسها وسط هذا الصقيع الخلاب، عوضًا عن إحدى الصالات المغلقة الخانقة، أما الآن فلست متأكدة وأنا أقف وسط الجليد على سجادة اليوغا المصنوعة من جلد الرنة وعلى وشك ممارستها".
وأضافت كريستي: "كان التنفس شديد الصعوبة، فقد كنت أرى بخار الماء وهو يخرج من فمي أثناء التنفس، وتخبرني مدربتي أن اتخذ وضعية البلانك أو اللوح الخشبي، وبالفعل قمت بالوضعية لكن توازني قد اختل لأن حذائي الجليدي ذو الكعب العالي قد أعاق حركتي"، مستطردة "إن السجادة التي أمارس عليها التمرين مصنوعة من جلد الرنة، الذي يوفر تدفئة أكثر من جلود الحيوانات الأخرى، لذا لم أشعر بصقيع الكتلة الجليدية التي أقف عليها الآن، والتي تفصل بيني وبين نهر بيسكي المتجمد، بعد ذلك مارست تمرين كوبرا بأن استلقيت على بطني ورفعت رأسي للأعلى لكنني وجدت صعوبة في الرجوع بظهري، نظرًا للملابس الثقيلة التي كنت أرتديها، ثم قمت بتمرين وضعية الطفل والتي ساعدتني في وصول مرحلة التأمل".
وأشارت كريستي، إلى أنها انتهت من التمرين باتخاذ وضعية الجثة، وشرعت في الاسترخاء فورًا ثم شربت شاي التشاغا، قائلة: "ترددت في النهوض، لكن الاستلقاء دون حركة في درجة حرارة 17 تحت الصفر، لا يعد بمثابة تقنية نجاة مفيدة".
كما أوضحت كريستي، أن تلك التمارين التي مارستها مستوحاة من تقنيات ألين وفايرا المستعملة في اليوغا، ما سمح لها بالتركيز على الجليد حولها، لافتة إلى أن النهر المتجمد والأشجار المغطاة بالجليد حولها يبعثان على الراحة والهدوء، إلا أن التواجد دون حركة لفترة طويلة في هذه البرودة لم يكن متوقعًا على الإطلاق.
وتابعت كريستي، "ومع ذلك، تبدو على وجه مدربتنا أمارات الانتعاش والابتهاج، فإذا كنت سأصبح مثلها فأنا مستعدة لتجربة ما تقول، فبعد جلسة اليوغا، تمت دعوتنا لتجربة الساونا السويدية التقليدية ودخول مغطس الثلج، والذي يساعد على تحسين الدورة الدموية وتخفيف توتر العضلات، كما أخبرونا هناك، وكانت الأجواء متوترة في البداية، إذ أن خلع طبقات الملابس الكثيرة التي كنت أرتديها كان أمرًا كابوسيًا، فالمجهود يضاهي مجهود ممارسة اليوغا تقريبًا".
واستطردت قائلة، "بمجرد دخولي الساونا شعر جسدي بالراحة المفرطة، فقد كانت درجة الحرارة نحو 80 درجة مئوية، ولكن قبل أن أهنأ بهذا الشعور اللذيذ نصحوني بدخول مغطس الثلج، وبالفعل خرجت من الساونا، وشعرت في الركض مسرعة على الجليد الذي أحرق قدماي، فقد كنت بحاجة إلى تحقيق التوازن المطلوب كي أصل إلى المغطس سريعًا دون الوقوع في الجليد، وتحطم رأسي على السلم الخشبي الرابض أمام المغطس".
وأضافت كريستي، "ما أثار دهشتي أن مياه المغطس كانت دافئة بدرجة حرارة صفر درجة مئوية، وذلك مقارنة بالصقيع الخارجي، ثم شرعت بالانزلاق للأسفل في المغطس، للحصول على أقصى شعور بالدفء".
فيما تمثل لابلاند، بحق أرض عجائب الطبيعة والتوحد معها، فالبحيرات والغابات التي لا تعد ولا تحصى، والحيوانات البرية التي تصادفها تمرح وتسرح على الطريق الأسفلتي غير آبهة بعبور السيارات، والمنحدرات المائية والجبلية التي لا تنتهي، تجعل من لابلاند وصفة للراحة النفسية تستحق معها لقب "ألاسكا الأوروبية"، وآخر برية في أوروبا ستلاحظ معها أنك ستمشي في هذه الطرقات ساعات دون أن ترى ظل إنسان.