الجليد

يُخيّم الضباب والجليد على المكان، والحطّاب يعمل في منطقة مرتفعة ويتسلّق شجرة التنوب الضخمة باسم العلاقات البريطانية النرويجية، وأنا الآن متواجد في منطقة "أوسلوماركا" وهي عبارة عن شبكة من الغابات الصنوبرية التي تقع على حافة مدينة "أوسلو" ويتم قطع هذا النوع من الشجر كل عام منذ عام 1947 ليتم شحنها إلى لندن ويتم تقديمها كشجرة الكريسماس في ميدان "ترافالغار" حيث سيتم تنصيبها هناك تعليق الزينة عليها حسب النمط النرويجي التقليدي حتى السادس من يناير/كانون الثاني، ويتم منح الشجرة لقب "ملكة الغابة" كما يطلق عليها السكان المحليون كنوع من الامتنان على مساعدة بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

 ويبلغ طول شجرة هذا العام 27 مترًا ويصل وزنها إلى 4 أطنان أما عمر الشجرة فهو 94 عامًا، وتحاط مدينة "أوسلو" بالجمال الطبيعي ويوجد على أطراف المدينة غابة ومضيق بحري وغالبًا ما يتم وصف هذه المنطقة بـ "الأزرق والأخضر وما بينهما مدينة" وهو شعور حقيقي بالبرية التي توجد فيها أنواعًا مختلفة من الحيوانات حتى الذئاب وتقول عمدة مدينة "أوسلو" ماريان بورغن "لا يزال يوجد ذئاب هنا حتى الآن ولا نصطادهم ولكنهم مرحّب بهم في المدينة".

ويحب السكان المحليون القرب من المناطق الريفية حيث تقول بورغن "يمكنك أخذ زلاجاتك في فصل الشتاء واستقلال الترام والذهاب إلى المنحدرات في غضون 20 دقيقة والعودة بسهولة إلى حياة المدينة في المساء مرة أخرى" حيث ندفئ أنفسنا بتناول أكواب من القهوة النرويجية وتضيف "يمكنك التجول لساعات دون أن تلتقي أي شخص".

كما يمكنك تجربة مجموعة من الأنشطة خلال فصل الشتاء مثل السير لمسافات طويلة في عدة مسارات وركوب الدراجات على الجبال والتزلج على الجليد والصيد والتنزه وغيرها من الأنشطة، وإذا لم تكن تود العودة مرة أخرى إلى "أوسلو" يمكنك إذن البقاء في أحد الكبائن الرياضية التابعة للبلدية وبأسعار معقولة جدًا وهي منتشرة في جميع أنحاء الغابة.

ويقول رئيس الغابة جون كريستيانسين إن أكثر من 80% من سكان مدينة "أوسلو" يزورون الغابة ويعلق "كان أبي يستخدم الغابة وكذلك جدي وجدي الأكبر" وينظف فريق كريستيانسين المنطقة ويبحثون عن الشجرة المثالية لإرسالها إلى لندن وبعدها يتم تصفية الأشجار التي وجدوها مناسبة ليصلوا إلى الشجرة المثالية من بينهم ويشرح جون هذه العملية قائلًا "نقوم بوضع علامة على الشجرة ونتابعها على مدار السنين" ويضيف "الشيء الأكثر أهمية هو تنظيف المكان المحيط حتى تحصل الشجرة على الضوء من جميع الاتجاهات". ونحن الآن محاطون بالأشجار والثلوج في مكاننا هذا كما توجد نصف بحيرة مجمدة توجد بها شقوق وتصدر صريرًا وتبرز من الأرض أشكال من الصخور التكعيبية وتنتشر أشجار الصنوبر في كل الاتجاهات وتختفي بين الضباب الأبيض.

وبالابتعاد عن الغابات والثلوج قطعت رحلة إلى المدينة مدتها 20 دقيقة لأحتمي من المطر في المعرض الوطني حيث أجد هناك أشكال وتراكيب مألوفة من الصخور التي تغطيها الطحالب وأرى أيضًا بعض اللوحات المائية التي تعود إلى القرن الـ19 للفنانين الرومانسيين يوهان كريستيان دال وأوغست كابيلين، وكانت الغابة هي الملهمة للفنان إيفارد مونش في لوحاته والذي رسم نقوش ولوحات لمصاصي الدماء.

وبعدها ركبت القطار متوجهًا إلى الشمال وكان الأمر مثل الانتقال من "ستراند" إلى "كيرنغورمس" خلال 10 أنفاق ووصلت إلى فندق "هولمينكولين بارك" والذي يقع شمال غرب مدينة "أوسلو" والبوابات غير الرسمية إلى الغابة، وقد بني الفندق في عام 1894 باعتباره مصحة ويتخذ المبنى الطراز الأسطوري للتنانين وهو الطراز الذي يمزج بين عمارة العصور الوسطى للكنيسة والنحت على الخشب.

وفي صباح اليوم التالي كانت السماء زرقاء والهواء شديد وطلبت وجبة الإفطار المكونة من الخبز المحمص والجبن البني الحلو، وتوجد خلف الفندق منصة إطلاق يصل ارتفاعها إلى 200 قدم فوق الأرض وبدا المنظر رائعًا يطل على الغابات الخضراء المنتشرة في المكان، كما يوجد متحف التزلج والذي يوفر مقدمة جيدة حول الرياضة الوطنية النرويجية كما توجد مزلاجات تعود إلى 600 وأحذية الثلج وآلة الرياح التي يمكنها أن تحاكي تأثير سباق التعرج كما يضم المتحف أيائل وهي عبارة عن تحف محنطة.

وتركت "هولمينكولين" وذهبت لأتنزه على بعد ميلين نحو "فروجينرسيتيرن" والتي كانت ذات يوم مزرعة لألبان الجبل وهي الآن عبارة عن مطعم شعبي وهذا المكان هو المعنى الحقيقي للغابة والأمر يستوجب أحذية مناسبة للمشي وجوارب سميكة ولم أقابل سوى عدد قليل من المتنزهين يلعبون رياضات خطيرة، وبالوصول إلى "فروجينرسيتيرن" عدت بذاكرتي إلى قمم الأشجار في مدينة "أوسلو" والمنازل النائية، وهناك ضغط مستمر من المطورين العقاريين للتأثير على هذه الغابة ولكن عمدة المدينة بورغن لم تحدد بعد ما الذي سوف يتم حيث قالت "لا أريد أن أقيم أية مبان" والأمر ببساطة هو "أننا نريد تأمين الشعب".
الأساسيات

تتكلّف رحلة الطيران من لندن إلى  أوسلو 59 جنيه إسترليني للعودة  (norwegian.com) وتبدأ أسعار الغرف في فندق "هولمينكولين بارك" من 89 جنيه إسترليني لليلة ويمكنكم الاطلاع على المزيد من التفاصيل من خلال زيارة الموقع التالي (holmenkollenparkhotel.no)، كما يفتح المعرض الوطني أبوابه من الثلاثاء إلى الأحد وثمن تذكرة الدخول هو 9 جنيه إسترليني، ويفتح متحف التزلج أبوابه يوميًا وثمن تذكرة الدخول هو 12 جنيه إسترليني، ولمعرفة المزيد من التفاصيل يمكنكم زيارة (visitoslo.com).