لندن - مصر اليوم
تشكل جورجيا ملاذًا للسياح الهاربين من ازدحام المدن وهموم الحياة اليومية وضغوط العمل، حيث يتقاطر إليها الباحثون عن الهدوء والطمأنينة للاسترخاء على أكتاف الجبال والقرى المتناثرة على الهضاب المرتفعة المكسوة باللون الأخضر، فمن النادر أن ترى أرضًا قاحلة لا يكسوها العشب أو الشجر، وخاصة في الأرياف التي تشبه الحدائق الغناء، وحتى في الوديان، حيث ترتمي الأشجار بدلال على أحضان الأنهار فيما تتفجر جداول المياه وتنساب برقة بين صخور الجبال.
و تتمتع جورجيا بتاريخ عريق يمكن للزائر أن يقرأه في آثارها المتنوعة من كنائس قديمة ومعالم تاريخية متنوعة، ويمكن العودة بتاريخ جورجيا إلى مملكتي كولخيس وأيبيريا، كما أنها من أولى الدول التي اعتنقت المسيحية، في القرن الرابع. وبلغت جورجيا ذروة مجدها السياسي والاقتصادي خلال حكم الملك ديفيد والملكة تامار في القرنين الحادي عشر والثاني عشر.
تبليسي
تعد العاصمة تبليسي إحدى أكبر المدن الجورجية، وتقع في الجزء الجنوب الشرقي لأوروبا. ويعود تاريخ وجود تبليسي إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وشهدت المدينة حقبات تاريخية لعبت دورًا مهمًا في صياغة المجتمع القائم في أحياء تبليسي التي تقف اليوم جنبًا إلى جنب مع العمارة الحديثة والمصممة بذوق رفيع لتحافظ على هوية المدينة التاريخية والثقافية.
وبالرغم من أهميتها كعاصمة للبلاد، إلا أن تبليسي تتمتع أيضًا بالهدوء والبساطة في أسلوب الحياة، فهي ليست مزدحمة بحركة السير والتلوث، وعبر زيارة الحارات والأماكن السكنية، يلمس الزائر ما تتمتع به هذه المدينة من انفتاح وتسامح في منطقة مليئة بالصراعات التاريخية.
وتحتضن تبليسي منذ مئات السنين جاليات متنوعة من مختلف دول القفقاس، وتحتضن أماكن عبادة لمختلف الأديان السماوية، ومنها الإسلام، حيث يعيش الجميع في مجتمع متناغم على الرغم من التناقضات العرقية والدينية، فعلى سبيل المثال، ترى الحي الأذري بجوار الحي الأرمني في تبليسي على الرغم من العلاقات المتوترة بين أرمينيا وأذربيجان، وهو دليل على أن جورجيا تنقل التسامح والانفتاح لجميع زوارها وساكنيها.
تأسست المدينة في القرن الخامس الميلادي على يد ملك جورجيا، وفتحها العرب عام 735 بقيادة مروان بن محمد زمن ولايته على أرمينية وأذربيجان، وكانت المدينة مسكونة منذ الألف الرابع ق.م. أما أول ذكر لها في المدونات الكتابية فيعود إلى القرن الرابع الميلادي.
ومن الضروري بمكان زيارة مدينة متسخيتا، التي تقع على بعد 20 كيلومترًا شمال العاصمة تبليسي، وتعد واحدة من أقدم المدن المسكونة في جورجيا والعالم. ويعود تاريخ بعض الآثار الموجودة في متسخيتا إلى أكثر من 1000 عام، ويذكر بعض المؤرخين أن متسخيتا كانت عاصمة المملكة الأيبرية في الحقبة بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الخامس بعد الميلاد.
يتميز الشعب الجورجي بمحافظته على العادات والتقاليد الشعبية على الرغم من الانفتاح الثقافي والسياحي الذي تتميز به البلاد، حيث توجد عادات محددة ما يزال الجورجيون يطبقونها في مختلف نواحي الحياة، بدءً بالاحتفالات والولائم وصولًا إلى الفنون الشعبية. كما يتميز الجورجيون بأنهم شعب متدين محافظ لكن بتسامح عصري، حيث يشكل الدين جزءً كبيرًا من تاريخهم وحياتهم، بالإضافة إلى قصص وأساطير الحروب وبطولات التصدي للغزاة قديمًا وحديثًا.
يمكن القول إنه من الممكن السفر إلى جورجيا في أي وقت من السنة طالما لا توجد تقلبات لذروة الموسم السياحي، وتعد أشهر الصيف الأفضل بالنسبة لأولئك الذين يحرصون على تجنب لحظات هطول الثلوج.
عندما تحتفل جورجيا بعيد استقلالها في 26 مايو/أيار تكون هناك احتفالات كبيرة وابتهاج عظيم في كل الأنحاء، كما أن الجدول السنوي مليء بالمهرجانات المحلية التي تحتفل بتأسيس وإنشاء مختلف البلدات والمدن. ويعقد مهرجان تبليسوبا في العصامة الجورجية تبليسي في يوم الأحد الأخير من شهر أكتوبر، وهو المهرجان الأكثر مرحًا وتشويقًا.
هناك الكثير من الوجبات الجورجية التي يمكن أن تعجب الزائر العربي، ومن أشهرها طبق الخنكالي، وهو من الأطباق الجورجية الشعبية المشهورة على مستوى جورجيا، ويتألف من لحم وعجين، وحبة الخنكالي التي تشبه السرة أو "البقجة" والحشوة تحتوي على اللحمة والبقدونس. وهناك أيضًا طبق خاشبوري (أجاريا) وهو خبز محشي بالجبن أو لحم أو بيض مسلوق أو فاصوليا حمراء.
يوجد في كل مدينةٍ من مدن جورجيا مطعم كبير وفاخر، بالإضافة إلى المقاهي الراقية التي يمكن للسائح الجلوس فيها، كما يوجد فيها مطاعم تقدم أكلات عربية وعالمية.
تضم جورجيا العديد من المعالم السياحية التي ينصح بزيارتها منها على سبيل المثال:
قلعة ناريكالا : تعتبر قلعة ناريكالا من أهم المواقع الأثرية في جورجيا وتعتبر ثاني أكثر معلم يقوم الناس بزيارته.
حديقة بوليفارد: توجد الحديقة في مدينة باتومي أجمل مدن جورجيا وتطل على البحر الأسود. وتعد من أجمل الحدائق بجورجيا نظرًا للمظهر الساحر بها من أشجار ونخيل وأماكن خاصة للسهر والتنزه.
دير فارديزيا: يعرف دير فارديزيا بمدينة الكهف وهو معلم مميز ومشهور جدًا في جورجيا. يتكون الدير من عدد كبير من الغرف يصل إلى 6 آلاف غرفة و13 طابقًا بالإضافة إلى عدد من القاعات.
شارع روستافلي: يتميز شارع روستافلي بضمه أكثر من مكان تاريخي كالمتحف الوطني، الأوبرا، مسرح الدولة لفن الباليه، البرلمان كما يتضمن المطاعم والمقاهي ومحلات بيع التذكارات.