الأقصر ـ محمد العديسي
عُقدت في مركز الأقصر للتراث، مساء الأربعاء، ندوة مُوسَّعة، شارك فيها أثريون ومثقفون وسياحيون، ضمن الموسم الثقافي لجمعية الإعلاميين في مدينة الأقصر التاريخية، في صعيد مصر، احتفاءً بمسيرة المُصوِّر المصري، عطية قديس، الذي وثَّقت صوره تاريخ مدينة الأقصر وآثارها، قبل أكثر من مائة عام، والذي ترك بعد رحيله
نحو ألفي صورة تُوثِّق لمعالم وآثار المدينة وغيرها من الأماكن الأثرية في مصر.
وحرص الحضور على التعرف على ما وراء كل صورة من قصص وحكايات، يرويها فنان مبدع، ينتمي إلى الجيل الأول للمصورين الفوتوغرافيين في مصر، والجيل الثاني للمصورين في العالم.
وحاضر في الندوة، التي أدارها الكاتب الصحافي، محسن جود، والقنصل الفخري لبريطانيا في الأقصر، إيهاب قديس، ونجل المُصوِّر الراحل، والذي عرض عشرات الصور النادرة من صور قديس، الذي ولد في مدينة الأقصر، في صعيد مصر، وعاش على أرضها.
وبدأ خطواته الأولى في عالم التصوير في العام 1907، ووقتها لم يكن هناك مُصوَّرون مصريون، فكلهم كانوا من فرنسا وإيطاليا وإنكلترا، وكانت معظم صورهم توثيقية للآثار القديمة، وكانوا أول من أنشأ معامل تصوير في الأماكن الأثرية وأماكن الاكتشافات، ومن بين هؤلاء برز المصور أنطونيو بياتو، الذي جعل من عطية قديس مساعدًا له، وكان عمر قديس وقتها 16عامًا، وفى العام 1907، كان بياتو في طريقه لمغادرة مصر، فباع متعلقاته وآلاته للشاب عطية قديس، الذي بدأ عمله بمرافقة السياح، والتقاط الصور لهم، وتقديمها كهدايا.
وكشف إيهاب قديس، أن "المصور عطية قديس، قام بمغامرة لم يسبقه إليها أي مصور محلي في ذلك الوقت، حيث التقط صورًا لأغلب المدن والمزارات الأثرية والسياحية، بدءًا من منطقة أهرام الجيزة، وحتى النوبة، وفي العام 1916 كانت صور عطية قديس تزين الكثير من كتب الإرشاد والآثار والمراجع التاريخية، وعند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في العام 1922 أصبحت الأقصر مقصدًا سياحيًّا، يعج بالزوار الأجانب، ولاسيما الإنكليز، ولم يفت عطية قديس الفرصة، والتقط صورًا رائعة، كما لم يفت التقاط صور الزيارات الرسمية، ومنها زيارة ملكة بلجيكا، والملك فؤاد، والملك فاروق.
وأكَّد الإعلامي، والمنسق العام للموسم الثقافي لجمعية الإعلاميين في الأقصر، حسام العمدة، أن "الفنان عطية قديس اعتزل التصوير في أوائل الستينات، وآلت صوره واستوديوهاته إلى أبنائه الذين لم يحترف أحد منهم التصوير، وعندما توفي في العام 1972، ترك وراءه ثروة من الصور النادرة التي تُوثِّق حياة الناس من خلال ثلاثة آلاف "نيغاتيف" تحتوي على قرابة 2000 صورة، وهذه الأفلام وجدت أخيرًا طريقها للترميم وإعادة طبعها، وذلك بحسب قول المحاسب إيهاب عبدالله قديس، حفيد عطية قديس، والقنصل الفخري لإنكلترا في الأقصر".
وأضاف إيهاب، أن "ألف صورة من صور عطية قديس تُعد بمثابة سجل نادر من الصور البانورامية للأقصر قبل مائة عام، ستعرض في جناح دائم في مركز التراث الذي تجري إقامته في مدينة الأقصر بتكلفة 18 مليون جنيه، بجانب الإعداد لإقامة معارض عدة متنقلة لصور عطية قديس في عدد من المدن الفرنسية والإنكليزية تحت عنوان "الأقصر من مائة عام".
وعبَّر إيهاب قديس، عن "سعادته بالندوة"، مُؤكِّدًا أنه شعر أن جده أخذ حقه الآن فقط، حيث عاش طوال حياته يحمل كاميرا خشبية فوق ظهره، وتفانى في عمله من دون أن يقدره أحد، والآن يمكن لجدي أن يدخل التاريخ".