مدينة سوسة الساحلية التوسية

وضعت الاعتداءات المتطرفة التي ضربت فنادق سياحية في مدينة سوسة التونسية وأوقعت 39 قتيلًا وعشرات الجرحى الأسبوع الماضي، أعباء إضافية على واقع السياحة في شمال أفريقيا التي لم تتعافَ بعد من تداعيات حادثة متحف "باردو" التونسي والوضع في ليبيا.

وكانت السياحة في منطقة المغرب العربي التي يزورها سنويًا نحو 20 مليون سائح، ثلاثة أرباعهم من دول أوروبا القريبة، قد تراجعت إلى ٢٥٪  خلال الربع الأول من السنة، بعدما ألغى نصف الفرنسيين حجوزاتهم نحو جنوب المتوسط نتيجة مجزرة مجلة "شارلي إيبدو" الباريسية نهاية العام الماضي.

وتراجعت العائدات السياحية 17 ٪ في تونس و6.5 ٪في المغرب حتى نهاية أيار/مايو الأخير بسبب تراجع أعداد السياح الفرنسيين الذين كانت الخارجية الفرنسية نصحتهم بتجنب السفر إلى المنطقة تحسباً لما وصفته بوجود "تهديدات متطرفة" وهو الموقف الذي أثار حفيظة الرباط وكان من بين أسباب الخلاف بين فرنسا والمغرب.

وساعد تزايد أعداد السياح البريطانيين والألمان والاسكندنافيين والبلجيكيين والهولنديين مطلع السنة، في تعويض الخسائر المسجلة في عدد السياح الفرنسيين، الذين ظلوا يشكلون نحو ثلث السياح الأوروبيين نحو جنوب البحر الأبيض المتوسط. وتدر السياحة الدولية نحو المنطقة عائدات تقدر بنحو 15 بليون دولار سنويًا نصفها لمصلحة المغرب.

وتتوقع حكومات المنطقة أن تدفع السياحة المغاربية فاتورة الأعمال المتطرفة التي ضربت تونس في بداية موسم الاصطياف، وهي الفترة التي تمتد ثلاثة أشهر وتشهد أكبر ضغط على الفنادق والمطاعم ودور الترفيه والسفر، بخاصة في المدن الساحلية مثل الحمامات وسوسة في تونس ووهران في الجزائر وطنجة والصويرة وأغادير في المغرب.

وصادف حادث الاعتداء المتطرف بداية حملة دعائية في الأسواق الأوروبية يقوم بها "المكتب المغربي للسياحة" في عدد من المدن الألمانية والبريطانية والايطالية والإسبانية والفرنسية والخليجية، للتعريف بجمال المغرب وثقافته وسياحته وكرم ضيافته لرفع عدد السياح إلى أكثر من 10 ملايين هذه السنة.

وتتوقع جمعيات المهنيين أن تتراجع السياحة الدولية عما كانت عليه في السنوات الأخيرة، بسبب "حالة الذعر" التي ولدتها اعتداءات تونس، وكشفت مصادر مهنية عن تراجع الحجوزات 10 في المائة في المتوسط في غالبية المدن السياحية المغربية، وإلغاء رحلات جوية كانت مبرمجة من عواصم أوروبية وأشارت إلى أن "هذا الصيف سيشهد أقل عدد من السياح الأجانب منذ فترة طويلة (...) إيذانًا بأزمة في القطاع".

وينتظر أن يعلن وزير السياحة المغربي لحسن حداد قريبًا عن خطة عمل وزارته لتجنيب السياحة مزيدًا من الخسائر في قطاع يمثل 8 ٪من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل فيه نصف مليون شخص، وتقدر استثماراته بـ25 بليون دولار، بهدف مضاعفة أعداد السياح في إطار خطة "رؤية ٢٠٢٠" السياحية التي تخطط لرفع العائدات إلى 18 بليون دولار مطلع العقد المقبل.

واتخذت السلطات المغربية إجراءات أمنية إضافية حول الفنادق المصنفة وفي المطارات ومحطات القطار والمتاحف ودور العبادة غير الإسلامية لإشعار الأجانب والسياح بمزيد من الاطمئنان.

واعتبر مشاركون في ندوة حول الحوكمة الأمنية نظمها فريق الأصالة والمعاصرة في مجلس المستشارين المغربي أنه "بناء على قرارات الأمم المتحدة، يقوم مفهوم الأمن البشري على فكرة مساعدة الدول على استجلاء التحديات الشاملة الواسعة النطاق التي تهدد بقاء شعوبها، وإنشاء ترابط بين الأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية".