القدس المحتلة - مصر اليوم
حذر مجموعة من كبار خبراء القانون الدولي في تل أبيب، كلا من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزرائه وكبار الجنرالات في الجيش، من احتمال قيام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بإصدار أوامر اعتقال دولية «سرية» ضدهم، والسعي لاعتقالهم بشكل فعلي بشبهة ارتكاب جرائم حرب، في حال قررت المحكمة فتح تحقيق ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وقالت مصادر سياسية مطلعة إن هذا التحذير ورد بشكل رسمي خلال الجلسة التي عقدها نتنياهو للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية في حكومته (الكابنيت)، التي التأمت في يوم الأربعاء الماضي، لكن الكشف عنها تم فقط أمس الأحد. وأضافت أن الكابنيت بحث في تبعات إعلان المدعية في محكمة لاهاي، فاتو بنسودا، عزمها فتح تحقيق بشبهة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب ضد الفلسطينيين، إلى جانب التحقيق في عمليات نفذتها «حماس»، وبينها إطلاق صواريخ باتجاه مناطق مأهولة.
وقد تأكد هذا النبأ، أمس، في تقرير نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم»، التي تعتبر ناطقة بلسان نتنياهو. فقالت إن الخبراء القانونيين استعرضوا أمام وزراء الكابنيت تاريخ المحكمة الجنائية الدولية، وقدروا أنه يوجد «احتمال كبير» أن يتبنى قضاة المحكمة الثلاثة موقف بنسودا، ويقررون إجراء تحقيق ضد مسؤولين إسرائيليين. وأنهم شددوا على أن «المخاطر فورية»، لأن مجرد فتح التحقيق المتوقع خلال 90 يوما، ستكون له تبعات خطيرة على إسرائيل، ويضمن ذلك إصدار أوامر اعتقال سرية ضد مشتبهين إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
أقرأ أيضًا:
نتنياهو يهنئ بومبيو على "العملية الهامة ضد إيران ووكلائها في المنطقة"
وأكد الخبراء المذكورون أن «أوامر الاعتقال هذه، لن تصدر فقط ضد المسؤولين الذين شاركوا بشكل فعلي في عمليات عسكرية أو أصدروا أوامر بشنها، وإنما الخطر محدق أيضا وبشكل كبير ضد جميع الذين شاركوا في دفع أعمال بناء استيطاني في القدس الشرقية والضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلة». ونقلت الصحيفة عن الخبراء قولهم، إن قرارات اعتقال كهذه، تعني أن المسؤولين الإسرائيليين الذين يزورون دولا أعضاء في المحكمة الجنائية، يمكن أن يتعرضوا للاعتقال من أجل تسليمهم للمحكمة، وذلك من دون علمهم بصدور أوامر اعتقال ضدهم. ويشمل ذلك قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين الذين شاركوا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة العام 2014، ومن شاركوا في قمع مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بالقطاع، والتي تم خلالها قتل مئات الفلسطينيين. وأوضحت أن هناك 123 دولة في العالم وقعت على تأسيس هذه المحكمة وانتسبت لعضويتها، وباستثناء الولايات المتحدة وروسيا، فإن الأغلبية الساحقة من هذه الدول يمكن أن تصدر أوامر اعتقال بمبادرات مواطنين محليين، وبينها دول أوروبا الغربية وكندا وأستراليا وجميع دول أميركا اللاتينية وأفريقيا.
ووفقا للمصادر السياسية، فإن خبراء في مجالات أخرى حذروا في اجتماع الكابنيت المذكور، من «المساس بصورة إسرائيل وعلاقاتها الدولية ونشاطها الاقتصادي» في حال قررت المحكمة فتح تحقيق. وتوقعت المداولات في الكابنيت أن يطالب الفلسطينيون شركات ومؤسسات اقتصادية وتجارية في العالم بالامتناع عن القيام بأي أنشطة في إسرائيل، كونها «دولة مشتبهة بارتكاب جرائم حرب»، إضافة إلى مطالبة فنانين ومثقفين في العالم بالامتناع عن زيارة إسرائيل.
ووصفت صحيفة نتنياهو هذا الوضع بأنه صعب جدا، خصوصا أن «إسرائيل حاولت القيام بحملة، في السنوات الأخيرة، من أجل إقناع المدعية في محكمة لاهاي بعدم فتح تحقيق، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل». وقالت الصحيفة، الممولة من أحد كبار رجال الأعمال الأميركيين المقرب من الرئيس دونالد ترمب، شلدون أليسون، إن المداولات تطرقت أيضا إلى الصراع بين المحكمة الجنائية الدولية وإدارة الرئيس ترمب، بعد أن قررت المدعية في المحكمة الجنائية التحقيق ضد جنود أميركيين مشتبهين بارتكاب جرائم في أفغانستان، وردت إدارة ترمب بسحب تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة من العاملين في محكمة لاهاي، وهددت بعقوبات أخرى ضد المحكمة. وقالت إن إسرائيل تسعى حاليا إلى تجنيد دول في العالم من أجل ممارسة ضغوط على المحكمة الجنائية الدولية كي تمتنع عن فتح تحقيق. وقالت الصحيفة إن هنغاريا استجابت للدعوة الإسرائيلية، وإن وزير الخارجية الهنغاري، بيتر سيجرتو، بعث برسالة إلى نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قال فيها إن «المحكمة لا تملك صلاحية للنظر في الملف ضد إسرائيل. وهنغاريا تشارك إسرائيل في مخاوفها بشأن تسييس المحكمة».
ونقلت الصحيفة عن مصادر من داخل الكابنيت، قولها إنه تم التوضيح للوزراء أن «التهديد ليس في الأمد البعيد وإنما هو خطير جدا وداهم، والمطلوب التجند بقوة بالغة وخاصة». وأضاف أحد المصادر، أن «مجرد فتح تحقيق سيضعنا إلى جانب الدول الأكثر استبدادا في أفريقيا، التي جرى فيها تنفيذ جرائم حرب مروعة فعلا وقتل خلالها آلاف الأشخاص. وهذا أمر لا يحتمل. وهذه المحكمة لا تنظر فيما يحدث في سوريا وإيران أو الصين، لكنها تستهدفنا. وهذا خطر يستوجب ردا سريعا وساحقا».
قد يهمك ايضا :
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مقر "وكالة وفا" الرسمية
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى وسط حراسة الإحتلال الإسرائيلي