تونس ـ مصر اليوم
حل الرئيس التونسي قيس سعيد المجلس الأعلى للقضاء.وقال سعيد في بيان، صدر في وقت متأخر مساء السبت، إن على المجلس أن يعتبر نفسه شيئا من الماضي، وذلك دون أن يدلي بالمزيد من التفاصيل.ورفض المجلس قرار الرئيس و "المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية".ووصف المجلس، في بيان رسمي الأحد، قرارات الرئيس بأنها "إهدار مفاجئ لكافة ضمانات استقلالية القضاء وتقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها".
كما رفض المجلس اتهامات الرئيس له بالتقصير موضحا إنه ليس وحده المكلف بالفصل في القضايا والمسؤول عن مآلها.ودعا المجلس القضاة إلى التمسك بمجلسهم باعتباره الضمانة الوحيدة التي تقيهم من خطر المساس باستقلاليتهم في أداء واجبهم وخطر تعريضهم للضغط، بحسب وصف البيان.وحذر رئيس المجلس، يوسف بوزاخر، في وقت سابق الأحد، من أن القضاة "لن يلتزموا الصمت".
وقال بوزاخر في مقابلة عبر الهاتف مع وكالة رويترز للأنباء إن القرار يمثل محاولة لإخضاع القضاة للتعليمات الرئاسية.وأضاف بوزاخر أن "قرار الرئيس غير شرعي وتطويع مباشر من الرئاسة".والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة من أبرز مسؤولياتها ضمان استقلالية القضاء، ومحاسبة القضاة، ومنحهم الترقيات المهنية. وهو الهيئة الوحيدة التي ما زال بإمكانها فرض نفوذها بشكل مستقل عن سعيد، الذي يتهم القضاء منذ شهور بتأخير إصدار الأحكام في قضايا الفساد والإرهاب.
وقال سعيد أثناء زيارة إلى مقر وزارة الداخلية "ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي"، مضيفا "سنعمل على وضع مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء".وقد سبق لسعيد، وهو أستاذ في القانون الدستوري قبل أن يترشح للرئاسة في 2019، ومتزوج من قاضية، أن قال مراراً إن السلطة القضائية عليها أن تتذكر أنها تمثل وظيفة من وظائف الدولة وليست الدولة نفسها.
وكان سعيد قد أبطل في يناير/ كانون الثاني الامتيازات المالية التي يتمتع بها أعضاء المجلس متهماً الهيئة المستقلة التي تأسست في 2016 بأنها تعين القضاة في مناصبهم بناء على ولائهم لقيادتها.واتهم عددا من القضاة، دون ذكر أسماء، بالحصول على أموال وممتلكات بالمليارات، قائلا إن "هؤلاء مكانهم المكان الذي يقف فيه المتهمون".
وتجمع الأحد المئات من الأشخاص خارج مبنى المجلس الأعلى للقضاء للتعبير عن احتجاجهم على المجلس في مظاهرة.واكتفت الشرطة بنصب الحواجز دون أن تحتك بالمتظاهرين وذلك بخلاف تعاملها مع المظاهرة التي خرجت في يناير/ كانون الثاني ضد الرئيس والتي فضتها بالقوة.ورفع المتظاهرون المؤيدون لقرار سعيد لافتة تقول إن "اللعبة قد انتهت.. الشعب يريد تطهير القضاء".كما انطلقت الأحد مظاهرة أخرى كبيرة في تونس كان قد دعا إليها الاتحاد العام للشغل، الذي يتمتع بنفوذ قوي في تونس، وجماعات أخرى لإحياء الذكرى التاسعة لاغتيال السياسي العلماني البارز شكري بلعيد في 2013.
وقد تجمع المتظاهرون في ميدان حقوق الإنسان في تونس العاصمة ورددوا شعارات ورفعوا لافتات تندد بقرارات الرئيس سعيد وطالبوا بكشف الحقيقة فيما يتعلق باغتيال بلعيد.ويتهم الكثير من العلمانيين التونسيين السياسيين والقضاة بعدم التحقيق حسب الأصول في عملية الاغتيال، مع اتهام البعض لحزب النهضة الإسلامي، وهو جزء رئيسي من الحكومات المتعاقبة، بإعاقة إجراء تحقيق مناسب.
وينفي حزب النهضة، الذي هو أكبر حزب في البرلمان التونسي المعلق والذي ظهر كأبرز معارض لسعيد على الرغم من دعمه له في منصب الرئاسة في البداية، الاتهام الموجه له بخصوص إعاقة التحقيق.وقال عبد المجيد بلعيد، وهو شقيق شكري بلعيد، لإذاعة تونس إن "جزءاً كبيراً من القضاة في المجلس عملوا دائماً على إعاقة كشف الحقيقة. الآن بعد حل المجلس، سيتم التخلص من القضاة المرتبطين بحزب النهضة".
ويسيطر سعيد على السلطة التنفيذية والتشريعية في البلاد بموجب مرسوم منذ يوليو/ تموز الماضي، حين أعلن تعليق أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة.ويصف معارضوه هذه القرارات بأنها "انقلاب". غير أن مؤيديه يرون أن الرئيس اتخذ إجراءات فرضها ما وصفوه بالجمود السياسي والفساد وحالة من الشلل تعيشها البلاد.وفي وقت سابق، قرر الرئيس التونسي إجراء استشارة شعبية عبر الإنترنت، بشأن مقترحات لإصلاحات سياسية، حتى نهاية شهر مارس/ آذار.
ومن المقرر إجراء استفتاء على هذه الإصلاحات المقترحة في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز المقبل.وسوف تجرى انتخابات برلمانية جديدة يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول، حسبما أعلن سعيد.
قد يهمك أيضأ :
قيس سعيد يدعو لمحاسبة كل من أجرم في حق تونس
تظاهرة "إخوانية" في تونس رفضاً لاجراءات قيس سعيد وقوات الأمن تفرق المتظاهرين