اجتماعات مُوسّعة بين مصر والسودان وإثيوبيا

دخل الثلاثي مصر والسودان وإثيوبيا، اجتماعات مُوسّعة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تُجرى على مدار يومين، للتباحث بشأن آخر المستجدات المتعلقة ب " سد النهضة " الإثيوبي، وذلك وسط حالة من الترقب والتفاؤل بتفاهمات مُنتظرة.

وتتخوف القاهرة من أن يؤثر السد الذي تم تدشينه في 2 إبريل/ نيسان 2011، على حصتها المائية المُقدّرة بـ 55 مليار متر مكعب، بينما يعود على السودان 18 مليار متر مكعب من المياه، في حين تقول أديس أبابا إن استخدامها للسد سيكون لتغطية متطلبات الطاقة، وتوليد 6 آلاف وات للداخل، و2000 وات للدول المجاورة.

ونقلت الصحف المصرية الحكومية وفي مقدمتها "الأهرام"، أن ممثلو الدول الثلاثة سيجتمعون لمناقشة إجراء الدراسات الفنية لتقييم آثار السد، وتحديدًا على دولتي المصب في القاهرة والخرطوم، ويشاركهم ممثلو المكتب الاستشاري الفرنسي المٌكلف بإعداد تلك الدراسات، والتي رفضت الخرطوم وأديس أبابا التصديق عليها في وقت سابق من العام الجاري.

ووفقا لأجندة الاجتماع، فإنه من المقرر أن يكون هناك محادثات بشأن المواضيع ذات الصلة بالاستشاري الفرنسي، من حيث النواحي الإجرائية والتعاقدية، وكيفية تجنب توقيع غرامات تأخير على الدول الثلاث المتعاقدة مع الاستشاري لتجاوزها البرنامج الزمني المقرر والمتفق عليه، علمًا أن الثلاثي يبذل المساعي الحثيثة للوصول إلى "رؤية مشتركة" حول عملية بناء السد، إلا أن المحادثات الأخيرة التي أجريت سبتمبر/أيلول الماضي بين وزراء المياه والري للدول الثلاث حول السد، حتى لا يتكرر الإخفاق الذي أدى لانسداد في الرؤى وحجب الانفراجة في الأزمة المتواصلة منذ أعوام.

من جانبه، أكّد سيد فليفل رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري، أن هناك مساعٍ مصرية صادقة لرأب أي صدع مع الدول الأفريقية، وأن نتائج تلك المجهودات قد ظهرت في أكثر من مناسبة للتقارب سواء مع السودان أو إثيوبيا وغيرهما.

وأضاف فليفل لـ"مصر اليوم" :علينا أن نتحلى بالتمهل والتريث، وأن الوصول إلى تفاهمات مهمة كالتي نرجوها حول سد النهضة لن تأتي إلا بإعمال الدبلوماسية حتى اللحظة الأخيرة، وأذكر بأن الكثيرين كانوا يطالبون بمواقف أكثر صرامة ولكن التطورات على الأرض أثبتت أن المفاوض المصري كان الأبعد نظرا وأعمق رؤية، وبتغير النظام الإثيوبي تمكننا من حصد نجاحات هامة.

أما هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، فقال إن مصر تحرز تقدما فيما يخص سد النهضة، ولكن ليس علينا استعجال النتائج الملموسة، فهي قضية طويلة الأمد، ومن الملفات التي تأخذ أشواطا من التفاهم والتباحث ولا يمكن أن يتم "الاستعجال فيها".

وتابع: رغم التفاهمات المصرية السودانية الملحوظة، وتسوية الكثير من الاختلافات في وجهات النظر وتبادل الزيارات والاتفاق على مشراريع الربط والتبادل التجاري المشترك، إلا أن إحراز تقدم نهائي في سد النهضة أو غيره من الملفات العالقة، مسألة لن تحسم وإنما تراكمية وطويلة الأجل.

وأختتم بإبداء تفاؤل بما يمكن أن تحققه مصر، مؤكدا أن المفاوض المصري والدبلوماسية التي ينتهجها الرئيس عبد الفتاح السيسي، قادرة على طمأنة مخاوف عديدة حول الأمن المائي، والحفاظ على مقدرات مصر المائية ومكانتها وريادتها بين الدول الأفريقية.

يُشار إلى أن الحكومة الإثيوبية قد أقامت مشروع سد النهضة على النيل الأزرق، بمدينة "قوبا" بإقليم "بني شنقول - جمز"، على الحدود الإثيوبية - السودانية، على بعد أكثر من 980 كيلومترا، من العاصمة أديس أبابا، وفي مارس/آذار 2015، وقّعت مصر والسودان وإثيوبيا وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، تعني ضمنيًا الموافقة على استكمال إجراءات بناء السد، مع إجراء دراسات فنية لحماية الحصص المائية من نهر النيل للدول الثلاث التي يمر بها.

وتتخوّف مصر من تأثيرات سلبية محتملة للسد الإثيوبي، على حصتها المائية التي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب. فيما تحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب، بينما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار في مصر، وإن الطاقة الكهربائية التي سيولدها السد (منها 6000 ميغاوات داخليا و2000 بيع للدول المجاورة) ستساعد في القضاء على الفقر، وتعزيز النهضة التنموية في إثيوبيا.