دمشق ـ نور خوام
سيطرت القوات الحكومية السورية بدعم جوي روسي على بلدتين، إحداهما استراتيجية، شمال حماة وجنوب إدلب، في وقت نفت فيه موسكو أمس الإثنين، صحة أنباء عن استهداف منشآت مدنية، بينها مستشفيات في إدلب ومحيطها خلال الأسابيع الأخيرة، واتهمت منظمة “الخوذ البيضاء” للدفاع المدني بـ”محاولة تشويه صورة روسيا بمعلومات تضليلية”، في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية تقليص حجم طلعات الطيران في الأجواء السورية “إلى أدنى حد”.
وأفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” الاثنين، بأن قوات الحكومة السورية استعادت السيطرة على قريتين في شمال غربي البلاد من مقاتلي المعارضة الذين انسحبوا، في أعقاب قصف جوي ومدفعي كثيف.
كان مقاتلو المعارضة قد سيطروا على قريتي الجبين وتل ملح بشمال محافظة حماة في مطلع يونيو (حزيران)، خلال هجوم مضاد على القوات الحكومية التي تشن هجومًا في المنطقة منذ أواخر أبريل (نيسان) بدعم من روسيا، وأكد قائد لمقاتلي المعارضة بالمنطقة انسحاب المسلحين من الجبين بعد قصف عنيف.
اقرأ أيضًا:
طائرات الحكومة السورية تُنفِّذ 36 غارة جوية على إدلب بعد هدوء نسبي
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الأسبوع الماضي، إنه تأكد مقتل ما يربو على 400 مدني خلال تصاعد العنف في شمال غربي سورية على مدى الشهور الثلاثة الماضية، ونزوح أكثر من 440 ألفًا. وأضاف أن القصف والضربات الجوية اشتملت على استخدام “أسلحة غير دقيقة التوجيه، كالبراميل المتفجرة”.
وخلال الصراع المستمر منذ ثماني سنوات، جرى توثيق استخدام الجيش السوري على نطاق واسع لمثل هذه الأسلحة التي ترميها طائرات هليكوبتر.
والمنطقة المستهدفة جزء من آخر موطئ قدم كبير لمعارضي الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تعهد باستعادة “كل شبر” من أراضي سورية. لكن القوات الحكومية أخفقت في تحقيق مكاسب كبيرة خلال هجومها الأخير.
وقدم رئيس إدارة العمليات في الأركان الروسية سيرغي رودسكوي أمس، عرضًا شاملًا للأوضاع الميدانية في سورية، ركز خلاله على الرد على اتهامات منظمات حقوقية وأممية للطيران الروسي باستهداف منشآت مدنية ومراكز صحية.
وتجنب رودسكوي الإشارة إلى العمليات العسكرية النشطة خلال الشهور الثلاثة الماضية، في منطقة إدلب ومحيطها، واكتفى بالتركيز على أن “هجمات المسلحين من منطقة إدلب أدت إلى مقتل 110 جنود سوريين، و65 مدنيًا خلال 4 شهور”.
وزاد أن “الإرهابيين مستمرون في محاولة تنشيط الهجمات على قاعدة حميميم الجوية في سورية، ويستخدمون أنظمة راجمات الصواريخ وطائرات من دون طيار، في عمليات القصف”.
وأضاف أن روسيا وتركيا تتخذان تدابير لتحديد دقيق لمواقع إطلاق النار، والعمل بشكل مشترك لتدميرها، بما في ذلك المعدات ومستودعات الذخيرة، مؤكدًا أنه “بالتعاون مع زملائنا الأتراك، نتخذ تدابير لتحديد وتدمير نقاط النار للإرهابيين ومعداتهم وأسلحتهم ومستودعات الذخيرة”. وقال إن “المقاتلات الروسية تحدد أهدافها فقط بعد استطلاع مسبق. وتتم دراسة الموقع مرارًا من خلال ثلاث قنوات مستقلة على الأقل. وجميع الضربات التي نوجهها دقيقة”.
وحذر من تصعيد جديد محتمل؛ مشيرًا إلى أنه “في الوقت الحالي، تسجل وسائل الاستطلاع حركة سرية، وتركز المسلحين في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة خفض التصعيد في إدلب. وتتم إعادة نشر ما لا يقل عن 500 إرهابي من (أحرار الشام) من المناطق الشمالية من محافظة إدلب. ويجري الاستعداد لعمليات هجومية”.
ورأى رودسكوي أن الاتهامات الموجهة إلى روسيا باستهداف مواقع مدنية مصدرها منظمة “الخوذ البيضاء” التي قال إنها “تحاول من خلال عمليات التضليل الإعلامية اتهام روسيا باستهداف المدنيين في منطقة خفض التصعيد في إدلب”، مشيرًا إلى أن روسيا تتعرض لـ”حملة تضليل وتشويه إعلامية، و(الخوذ البيضاء) تقوم بتصوير لقطات فيديو مفبركة، لنشر الأضاليل وتشويه سمعة روسيا أمام الرأي العام الدولي”.
وقال رودسكوي إن صور وسائل الرصد الفضائية الروسية والطائرات المسيرة، أكدت عدم صحة معطيات حول استهداف سوق معرة النعمان، التي أعلنت منظمة “الخوذ البيضاء” تعرضها للتدمير خلال قصف جوي روسي.
وأوضح رودسكوي أن “الطائرات المسيرة الروسية قامت يومي 24 و26 يوليو (تموز) بالتحقق مرتين من التقارير التي أفادت بتدمير سوق في معرة النعمان، وصورت السوق والأماكن المحيطة بها، بعد مزاعم توجيه ضربة جوية”.
من جانب آخر، أعلن رودسكوي أن تحليق سلاح الجو الروسي في سورية تم تقليصه إلى الحد الأدنى، وأن الطلعات التي يتم تنفيذها حاليًا تدخل في إطار التدريب القتالي والاستكشاف الإضافي للوضع. وقال إن “مجموعة القوات الجوية الروسية في سورية تقوم بأنشطة تدريبية وقتالية، وهي على استعداد لمواصلة مهام مكافحة الإرهاب”.
وتطرق رودسكوي إلى الوضع في شرق الفرات، وقال إن الأراضي التي تسيطر عليها واشنطن والتحالف الدولي في منطقة الفرات بسورية “شهدت 300 عملية إرهابية، قتل فيها 225 شخصًا، خلال شهري يونيو ويوليو”.
وجدد اتهام واشنطن بأنها “تواصل تدريب مسلحين لاستخدامهم في تنفيذ أجنداتها الخاصة” وزاد: “بالإضافة إلى تدريب المسلحين، تنشغل الوحدات الأميركية في سورية بنهب المنشآت النفطية والحقول في منطقة الفرات”. وأوضح أنه “يتم استخراج وبيع النفط السوري من حقول (كوناكو) و(العمر) و(تاناك) الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات. وهناك مخطط إجرامي لنقل النفط السوري عبر الحدود. ما يحدث ببساطة هو عملية نهب للثروة الوطنية السورية”. وأشار إلى أن الشركات العسكرية الأميركية الخاصة وسَّعت حضورها في المنطقة بشكل قوي، وبلغ عدد موظفيها في المواقع النفطية السورية في منطقة الفرات أكثر من 3.5 ألف شخص.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، قد أعلن في وقت سابق، أن بلاده قلقة من تحركات الولايات المتحدة شرق الفرات، ورأى فيها محاولة لعرقلة استعادة وحدة الأراضي السورية.
في الوقت ذاته، أشار رودسكوي إلى أن المدربين الأميركيين يقومون بإعداد تشكيل مسلح يحمل اسم “مغاوير الثورة” في منطقة الـ55 كيلومترًا في التنف السورية.
وقال: “يقوم المدربون الأميركيون بإعداد التشكيل المسلح (مغاوير الثورة) وعدد من المجموعات المسلحة الصغيرة، التابعة لما يسمى (جيش الكتائب العربية) في منطقة الـ55 كيلومترًا في التنف”.
وأكد أنه “يتم نقل جزء من المسلحين الذين تم تدريبهم في منطقة التنف التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، بواسطة طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الجوية الأميركية إلى منطقة شرق الفرات، ويجري إرسال أفضل المخربين المدربين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة لزعزعة استقرار الوضع”.
وأضاف: “مهامهم هي القيام بعمليات تخريب وتدمير البنية التحتية للنفط والغاز، وارتكاب أعمال إرهابية ضد القوات الحكومية. ولوحظ وجود مثل هذه المجموعات في بلدات السويداء وتدمر وأبو كمال”.
كما اتهم واشنطن بالتسبب في “كارثة إنسانية” في مخيم الركبان جنوب البلاد. وقال إن “المئات - إن لم يكن الآلاف - من الناس الذين ماتوا بسبب الأمراض ونقص الغذاء والرعاية تم حفر قبور لهم على عجل خلف سور المخيم. والصور التي التقطت من أقمارنا تؤكد ذلك”. وشدد على أن “المسؤولية الرئيسية عن وفاة المدنيين تقع على الولايات المتحدة، التي رفضت منذ فترة طويلة فعل أي شيء لحل أخطر أزمة إنسانية في الركبان”.
قد يهمك أيضًا:
القوات الحكومية تُجري تعزيزات عسكرية للهجوم على الغوطة الشرقية