بيروت - مصر اليوم
تلتقي أحزاب ما كان يعرف بـ«فريق 14 آذار»، تحت شعارات وعناوين شبه واحدة على رأسها معارضة العهد والحكومة اللبنانية إضافة إلى المطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وفي الممارسة تختلف الأولويات بين هذا الفريق وذاك لاختلاف الحسابات فيما بينها، وهو ما قد يعقد مسار تنفيذ الأهداف، إذا استمر الأداء السياسي على ما هو عليه، وذلك باعتراف مسؤولين في هذه الأحزاب.
ومع اقتناع «الحزب التقدمي الاشتراكي» بمطلب إسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون لكنه يتعامل بواقعية مع هذا الأمر الذي ينطلق منه أيضا تيار «المستقبل» في مقاربته هذه القضية، وهو عدم وجود جبهة موحدة وغياب الظروف المواتية لتحقيق هذا المطلب وعلى رأسها غياب الموقف المسيحي الداعم له. إذ بالنسبة إلى الفريق المسيحي الأكبر المعارض للعهد، أي «حزب القوات» فهو يعتبر أن الأولوية اليوم ليست لهذا المطلب الذي كان حاسما تجاهه أيضا البطريرك الماروني بشارة الراعي، حين دعا أولا إلى الالتفاف حول رئيس الجمهورية وأعلن بعدها صراحة «نحن ضد استقالة رئيس الجمهورية في المبدأ وفي المطلق».
مع العلم أن الدستور اللبناني ينص على آليتين فقط تؤديان لاستقالة رئيس الجمهورية وهما إما عبر إقدامه على الخطوة بنفسه أو نتيجة اتهامه بالخيانة العظمى ومحاكمته في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وهذا الواقع يجعل النائب في «تيار المستقبل» محمد الحجار ومصدراً قياديا في «الحزب الاشتراكي» يذكّران بفشل محاولة إسقاط إميل لحود عام 2005 التي اصطدمت حينها بمعارضة البطريرك الماروني نصرالله صفير الذي قال حينها «اليوم الذي نسمح به إسقاط لحود، نكون قد جعلنا إسقاط أي رئيس آخر قاعدة».
ويقول النائب في «الاشتراكي» بلال عبد الله لـ«الشرق الأوسط» «عندما أخذ الناس مواقف واضحة ضد السلطة السياسية منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) بات المطلوب أن يكون التغيير شاملا ولا يقتصر على الحكومة ورئيسها الذي استقال إنما يشمل البرلمان عبر انتخابات نيابية مبكرة». وعن رفض الأحزاب المسيحية كما البطريركية المارونية للدعوة لاستقالة رئيس الجمهورية، يقول عبد الله «نحترم رأيهم لكن لا نوافق على القول بأن هناك محرّمات، لكننا سنعمل على الضغط باتجاه انتخابات نيابية مبكرة بعد إجراء، على الأقل تعديلات على القانون الحالي، وهو الأمر الذي نتفق بشأنه مع رئيس البرلمان نبيه بري».
من هنا يؤكد مصدر «الاشتراكي» أن إسقاط رئيس الجمهورية مسألة تحتاج إلى توافق وطني ليس متوافرا اليوم وخاصة في البيئة المسيحية على غرار ما حصل عند إسقاط بشارة الخوري عام 1952. قائلا لـ«الشرق الأوسط» المشكلة تكمن في عدم وجود معارضة منظمة وفق خطة ورؤية موحدة بل إن كلا منهم يغني على ليلاه. ويضيف «هذه المعارضة تحتاج إلى برنامج سياسي وتنسيق شامل لو كان موجودا كانوا نجحوا في إسقاط الحكومة يوم جلسة الثقة في البرلمان بدل أن ينتهي الأمر في تبادل الاتهامات فيما بينهم».
أما بالنسبة إلى «تيار المستقبل» فإن الضغط لاستقالة رئيس الجمهورية ليس مطروحا في المرحلة الحالية لكن الموقف في هذا الشأن في المرحلة المقبلة يتوقف على مدى تبدل الأوضاع، وهو ما يعبر عنه النائب محمد الحجار، قائلا لـ«الشرق الأوسط» «لنكن واقعيين هذا الأمر يحتاج إلى ظروف معينة غير متوفرة الآن ومنها غياب الموقف المسيحي الداعم له، لكن استمرار الوضع على ما هو عليه في المرحلة المقبلة لن يكون مقبولا وبالتالي عندها سيبنى على الشيء مقتضاه». ويذكّر الحجار بما قاله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الذكرى الخامسة عشرة لاغتيال والده، حيث حيّد رئيس الجمهورية وعبّر عن احترامه له مركزا على وزير الخارجية السابق جبران باسيل ومتّهما إياه برئيس الظلّ.
ويؤكد الحجار أن الأولوية اليوم بالنسبة إلى تيار المستقبل هي إخراج لبنان من أزمته في موازاة العمل على إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد للانتخابات، وهو سيدفع باتجاه هذا الخيار عبر تقديم اقتراح قانون جديد.
وفيما يلتقي «الاشتراكي» و«المستقبل» على مطلب الانتخابات المبكرة شرط أن يسبقه إقرار قانون جديد، يختلفان في هذا التوجّه مع «حزب القوات» الذي يشدد على ضرورة تقصير ولاية البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مبكرة من دون أن يربط هذا الأمر بقانون انتخابي جديد.
وإذا كان «المستقبل» يرى أن استقالة رئيس الجمهورية ليست أولوية في الوقت الحالي، فإن هذا المطلب ليس واردا بالنسبة إلى «القوات» التي تشدد مصادرها لـ«الشرق الأوسط» أن الأولوية اليوم ليست لاستقالة رئيس الجمهورية، رافضة في الوقت نفسه القول لأن موقفها مرتبط بالاعتبارات الطائفية لهذا الموقع أو ذاك. وتؤكد «القوات» أن «المشكلة ليست في رئاسة الجمهورية التي تبدلت صلاحياتها بعد اتفاق الطائف كما أنها لم تكن عند رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، إنما بالسلطة التنفيذية مجتمعة وهي التي عليها تحمّل مسؤوليتها اليوم لإخراج لبنان من أزمته وبالتالي عدم فتح المجال أمام قضايا قد تعقد الأمور أكثر».
وتوضح «أما وقد شكلت حكومة هي نسخة عن سابقاتها تحت عنوان اختصاصيين يجب أن يتم التركيز اليوم على إجراء انتخابات نيابية مبكرة بحيث إنه ليس هناك وقت للبحث في قانون انتخابات جديد، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة تلبي صوت الناس الذين خرجوا إلى الشارع في 17 أكتوبر». ويتوافق موقف حزب «الكتائب اللبنانية» مع «القوات» لجهة إجراء انتخابات نيابية مبكرة حيث سبق له أن قدم اقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس وفق القانون الحالي
قد يهمك أيضا :
النائب وليد جنبلاط يعلن أنه سيعطي فرصة لحكومة حسان دياب الجديدة