بغداد - مصر اليوم
يعقد البرلمان العراقي، السبت، جلسة حاسمة لمناقشة مطالب المتظاهرين الذين دخلت احتجاجاتهم يومها الرابع، دون أن يلوح أفق لحل هذه الأزمة غير المسبوقة، وفي ما حمَّل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، البرلمان والقضاء، المسؤولية الأساسية في عدم إيجاد حلول للأزمات المتراكمة منذ أكثر من عقد من السنين، طالب رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، في خطاب له فجر الجمعة، البرلمان، بمنحه صلاحيات إجراء تعديلات وزارية.
وقال في خطبة الجمعة في كربلاء، أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، إن «هناك اعتداءات مرفوضة ومدانة على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الأمنية»، مؤكداً أنه «على الحكومة أن تغير نهجها في التعامل مع مشكلات البلد»، و«تدارك الأمور قبل فوات الأوان». وأضاف الصافي أن «على الحكومة النهوض بواجباتها، وأن تقوم بما في وسعها لتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص العمل للعاطلين عن العمل، والابتعاد عن المحسوبيات في الوظائف العامة، واستكمال ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة، وسوقهم إلى العدالة»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
كان الكثيرون ينتظرون خطبة الجمعة لمعرفة موقف السيستاني من الأحداث الأخيرة، والتي من شأنها التأثير على الاحتجاجات في المناطق ذات الغالبية الشيعية.
وحثّ رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، البرلمان، على دعمه لإجراء تغييرات وزارية، ودعا إلى الهدوء. وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي فجر السبت: «نطالب مجلس النواب والقوى السياسة بالالتزام الكامل بمنح رئيس مجلس الوزراء صلاحية استكمال تشكيلته الوزارية، وإجراء تعديلات وزارية، بعيداً عن المحاصصة السياسية». ونقلت وكالة «رويترز» عن عبد المهدي أنه لا يوجد «حل سحري» لمشكلات الحكم واستغلال السلطة المزمنة في العراق، لكنه تعهد بمحاولة إقرار قانون يمنح الأسر الفقيرة راتباً أساسياً. وقال في هذا الإطار: «لدينا مشروع سنقدمه إلى مجلس النواب خلال الفترة القصيرة لمنح راتب لكل عائلة لا تمتلك دخلاً كافياً، بحيث يوفر حداً أدنى للدخل يضمن لكل عائلة عراقية العيش بكرامة».
وخاطب عبدالمهدي، المتظاهرين، قائلاً: «صوتكم مسموع قبل أن تتظاهروا، ومطالبكم بمحاربة الفساد والإصلاح الشامل هي مطالب محقة»، لكنه طالب بإعادة «الحياة إلى طبيعتها في مختلف المحافظات واحترام سلطة القانون». كان عبد المهدي أعلن الأربعاء حظر تجول في بغداد حتى إشعار آخر. وأفادت مصادر الشرطة بأن الحكومة فرضت في وقت سابق حظر التجول في ثلاث مدن بجنوب العراق، في حين فتحت قوات مكافحة الإرهاب النار على محتجين حاولوا اقتحام مطار بغداد، وانتشرت في مدينة الناصرية في الجنوب، بعدما «فقدت» الشرطة «السيطرة» بعد تبادل لإطلاق النار بين محتجين وقوات الأمن.
وإذا ما جرت الإطاحة بالحكومة الحالية، فقد يمثل فراغ السلطة في العراق تحدياً للمنطقة بأسرها، مع الوضع في الاعتبار وضع بغداد كحليف للولايات المتحدة وإيران اللتين تخوضان مواجهة سياسية.
وفي ما بدا خطاب عبدالمهدي دون مستوى الأزمة، لا سيما مع تصاعد أعداد القتلى والجرحى، فإن البرلمان نفسه بدا منقسماً على نفسه مع تعليق أعضاء كتلة «سائرون» التي يتزعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عضويتهم داخل البرلمان، الأمر الذي سيعقد الأزمة أكثر، لا سيما أن البرلمان قرر تخصيص جلسة اليوم لمناقشة مطالب المتظاهرين.
ويقول عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية عبد الله الخربيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن جلسة اليوم «ستكون حاسمة، لا سيما أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي دعا ممثلي المظاهرات إلى حضورها»، مبيناً أن «هذه الدعوة إجراء في محله، طالما أن المتظاهرين يريدون ومثلما يعلنون في الفضائيات أنهم يريدون إيصال صوتهم إلى المسؤولين». وأوضح الخربيط أنه «بعد هذه الدعوة سيتخذ البرلمان خطوات مهمة على صعيد بحث كل جوانب الأزمة التي أدت إلى وصول الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم». وشدد عضو البرلمان العراقي على أنه «في الوقت الذي لا يملك فيه البرلمان عصا سحرية لمعالجة كل الأوضاع، لكنه سيضع خريطة طريق واقعية للحل على كل المستويات».
إلى ذلك، وفي ضوء إعلان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، الاتجاه إلى منح راتب لكل أسرة ليس لديها راتب في إطار الوعود التي أطلقها في كلمته الجمعة، عد السياسي والنائب السابق في البرلمان العراقي حسن العلوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الوعد لن يتحقق على أرض الواقع لأسباب عملية وواقعية». وأضاف العلوي أن «السؤال الذي يطرح نفسه هو من أين يأتي عبدالمهدي بالأموال اللازمة لتنفيذ هذا الوعد الجديد الذي قطعه على نفسه في ظل سلسلة وعود سابقة».