بغداد - مصر اليوم
ارتفعت الأربعاء، حدّة الاحتجاجات في العراق بعد أن أطلقت القوات الأمنية مجددا، الأربعاء، الرصاص الحي في الهواء، لترتفع حصيلة القتلى إلى 5، إضافة إلى أكثر من 306 مصابين خلال 24 ساعة، وتتسع معها رقعة المظاهرات لتشمل أكثر من 10 محافظات عراقية.
وانطلقت منذ صباح الأربعاء، أعداد كبيرة من الشباب المحتجين في مظاهرات حاشدة من الأحياء الفقيرة في بغداد، مثل الزعفرانية والبلديات والشعب وساحة التحرير والبتاوين والحسينية والكمالية وحي الأمين، مطالبين الحكومة العراقية بمحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، وهو ما يُعتبر أول امتحان شعبي لها منذ تشكيلها، قبل عام تقريباً، وبينما كانت عائلة المتظاهر الأول الذي قُتِل في بغداد تواريه الثرى في منطقة مدينة الصدر الشعبية، ندد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن بـ«المندسين» الذين يسعون إلى «نشر العنف»، الذي زاد من حنق المتظاهرين، ليلجأ بعض إلى قطع الطرق الرئيسية، وإضرام النار في الإطارات التالفة. كذلك خرجت مظاهرات مماثلة في محافظات بابل والنجف وذي قار وميسان والبصرة والديوانية.
وعمدت السلطات العراقية بعد ظهيرة يوم الأربعاء، إلى حجب بعض موقع التواصل الاجتماعي، ومنها «فيسبوك» و«واتساب»، بهدف تطويق الاحتجاجات، إذ تزعم السلطات أن تلك المواقع تسهم في إذكاء الاحتجاجات والتحريض عليها، فيما أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أن القوات الأمنية العراقية قامت باستخدام القوة المفرطة والرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع والمياه الحارة والضرب بالهراوات، وأضافت أن المفوضية شكلت خلية أزمة لمراقبة حرية الرأي والتعبير وحماية المتظاهرين، كما كشف عضو المفوضية علي البياتي لـ«الشرق الأوسط» عن حصيلة جديدة للإصابات في صفوف المتظاهرين وأجهزة الأمن بلغت 306 حالات، متهماً القوات الأمنية بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة الوثبة ببغداد، واستخدام الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه الحارة لتفريق المتظاهرين في ساحة ثورة العشرين بمحافظة النجف.
وفي وقت دعا فيه الرئيس العراقي برهم صالح إلى ضبط النفس، مؤكداً أن «التظاهر السلمي حقّ دستوري»، ومشدداً عبر تغريدة عبر «تويتر»، قائلاً: «أبناؤنا شباب العراق يتطلعون إلى الإصلاح وفرص العمل، واجبنا تلبية هذه الاستحقاقات المشروعة»، عقد مجلس الأمن الوطني الذي يرأسه رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، ظهر أمس، جلسة طارئة لم يعلن عن تفاصيلها، وكان عبد المهدي أصدر (مساء أول من أمس) بياناً، تعهّد فيه بـ«وضع حلول حقيقية جذرية لكثير من المشاكل المتراكمة منذ عقود»، وتحدث عن تفريقه بين من سَمّاهم «المعتدين غير السلميين الذين رفعوا شعارات يعاقب عليها القانون تهدد النظام العام والسلم الأهلي»، والمتظاهرين السلميين، لكن مفوضية حقوق الإنسان المستقلة، كشفت، في مؤتمر صحافي عقدته، أمس، عن أن المظاهرات «كانت سلمية وذات طابع مدني»، وأشارت إلى أن فرقها «سجّلت انتهاكات كبيرة وحالات اعتقال دون مذكرات قبض، كذلك سجلت حالات اعتداء من جهات مجهولة على المتظاهرين وقوات الأمن».
وأعربت السفارة الأميركية في بغداد، عن أسفها لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، وحثت على «تخفيف حدة التوتر»، وقالت السفارة في بيان إنها تأسف «لاستخدام العنف، وتحث على تخفيف حدة التوتر، وأنها تواصل مراقبتها عن كثب للاحتجاجات الأخيرة»، مشيرة إلى أن «التظاهر السلمي هو حقّ أساسي في جميع الأنظمة الديمقراطية، ولكن لا مجال للعنف في المظاهرات من قبل أي من الأطراف».
وفي حين دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى التحقيق في الموضوع، أدان ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بقوة «استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين السلميين»، ودعا الحكومة لـ«فتح تحقيق شامل وتحقيق العدالة»، بينما طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الرئاسات الثلاث بالتحقيق في حوادث الاعتداءات على المتظاهرين، كما أدان زعيم تيار «الحكمة الوطني» المعارض عمار الحكيم «استخدام العنف المفرط في تفريق المتظاهرين»، كما أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق جينين هينيس - بلاسخارت عن «قلق بالغ»، داعية السلطات إلى «ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات».
لكن يبدو أن المتظاهرين عازمون على الاستمرار في تحركهم، إذ خرج آلاف المتظاهرين في محافظات الوسط والجنوب، مثل البصرة وكربلاء والنجف والديوانية وذي قار وميسان والمثنى، وترددت أنباء عن خروج مظاهرات في محافظتي كركوك وديالى، مع إحجام محافظات العراق غرب، وشمال العراق مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار عن الخروج بمظاهرات مماثلة.
وحاول متظاهرون في بعض المحافظات اقتحام مباني الحكومات المحلية. وأضرم المتظاهرون النار في مبنى مجلس محافظة الديوانية.
وفي الزعفرانية، قال عبد الله وليد (27 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه خرج للتظاهر، أمس (الأربعاء) «لدعم إخواننا في ساحة التحرير» التي ضربت القوات الأمنية طوقاً أمنياً حولها، وأضاف في شارع تتمركز فيه مدرعات قوات مكافحة الشغب: «نطالب بفرص عمل وتعيين الخريجين وتحسين الخدمات، مضت علينا سنوات نطالب، ولا جواب من الحكومة».
أما في حي الشعب، ووسط سحب الدخان الناتج عن حرق الإطارات، فقال محمد الجبوري الذي يحمل شهادة في الهندسة: «نطالب بكل شيء، نطالب بوطن، نشعر بأننا غرباء في بلدنا، لا دولة تتعدى على شعبها، كما فعلت هذه الحكومة. نحن نتعامل بسلمية، ولكنهم أطلقوا النار».
ووفقا إلى "الوكالة الفرنسية" فإن هذه المظاهرة غير مسبوقة، إذ إنها لم تنطلق بدعوة من حزب أو زعيم ديني، كما تجري العادة في بغداد، بل جمعت الغاضبين المحتجين على غياب الخدمات العامة والبطالة.
ويعاني العراق من انقطاع مزمن للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية. وحسب تقارير رسمية فمنذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
قد يهمك أيضا :
مجلس النواب يكشف قرار الحكومة المصرية بشأن أسعار البنزين والمنتجات البترولية