بيروت ـ سليم ياغي
أمهل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري شركاءه في الحكومة 72 ساعة لدعم "الإصلاحات" في لبنان، متهما بعضهم بتعطيل عمله.
وقال الحريري في كلمة متلفزة أعلن عنها مسبقا بعد إلغاء اجتماع كان مقررا لمجلس الوزراء الجمعة، "أنا شخصيًا منحت نفسي وقتًا قصيرًا جدًا، إما أن يعطينا شركاؤنا في التسوية والحكومة جوابًا واضحًا وحاسمًا ونهائيًا يقنعني ويقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي، بأن هناك رغبة لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد أو أن يكون لدي كلام آخر".
وتأتي كلمة الحريري تزامنًا مع اندلاع موجة تظاهرات ضخمة تشهدها البلاد ضد الطبقة السياسية والتدهور الاقتصادي، ويتظاهر آلاف اللبنانيين، منذ مساء الخميس، احتجاجا على قرارات الحكومة فرض ضرائب جديدة عليهم في بلد يشهد أساسًا أزمة اقتصادية خانقة.
وتظاهر اللبنانيون الجمعة اعتراضا على فرض الحكومة ضرائب جديدة، ودعا ناشطون إلى العصيان المدني في الثامن والعشرين من الشهر الجاري.
وتشير تقارير إلى مقتل شخص وسقوط جرحى في حادث إطلاق نار في طرابلس، في محيط التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.
وكانت الحكومة أقرت ضريبة، سحبتها لاحقًا، على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت "واتساب كول" و"فيسبوك كول" و"فيستايم" و"تطبيقات "سكايب" و"فايبر"، ضمن سلسلة ضرائب جديدة. وعلت مطالب الشارع باستقالة الحكومة، في حراك جمع الأطياف اللبنانية قاطبة.
ولم ينجح قرار حكومي بالتراجع عن القرار في تهدئة المحتجين، إذ قال لبنانيون إنهم مستمرون في التظاهر احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والارتفاع الحاد في أسعار المحروقات، والمواد الغذائية والدواء.
واتهم الحريري في كلمته أطرافًا في الحكومة لم يسمها بتعطيل مساعيه للمضي بإصلاحات اقتصادية جدية، سبق وتمت الموافقة عليها، تتيح للبنان الحصول على قروض وهبات بقيمة 11,6 مليار دولار أقرها المجتمع الدولي خلال مؤتمر "سيدر" في باريس.
وقال الحريري "الوجع انفجر في الشارع البارحة، وأنا أحاول منذ ثلاث سنوات أن أعالجه وأقدم حلولًا حقيقية"، مضيفًا "منذ أشهر، ننتظر شركاءنا في الوطن والحكومة أن يسيروا في الحل الذي اتفقنا عليه، لكنهم ماطلوا بحيث لم يبق مماطلة لم يقوموا بها" منذ بدء تشكيل الحكومة الذي تطلب أشهرًا.
وحذر الحريري في كلمته من أن خصومه السياسيين يريدون أن يجعلوا منه "كبش فداء" لعدم تمكن الحكومة حتى الآن من القيام بأي إصلاحات ممكنة.
واستبق وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل كلمة الحريري بإعلان رفضه استقالة الحكومة، معتبرا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى وضع "أسوأ بكثير من الحالي". ورأى أن الحل يبدأ بخارطة إصلاحات سبق أن اقترحها.
بينما دعا رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الحريري لتقديم استقالته، قائلا في تغريدة على موقع تويتر "أفضل ما يمكن أن يقدّمه الرئيس سعد الحريري في هذه اللحظات الحرجة والعصيبة هو تقديم استقالة هذه الحكومة تمهيدًا لتشكيل حكومة أخرى مختلفة تمامًا وجديدة تمامًا تستطيع قيادة عملية النهوض الاقتصادي المطلوبة في البلد".
اندلعت التظاهرات في لبنان بعد أن أقرت الحكومة ضريبة، سحبتها لاحقًا، على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت
ومن جانبه، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، إنه اقترح على الحريري أن يتخليا سويا عن السلطة، عقب خروج التظاهرات. وأضاف "اتصلت بالحريري وقلت له إننّا بمأزق كبير وأفضل أن نذهب ونستقيل سويًا".
وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام السياسي وتباين وجهات النظر بين مكونات الحكومة حول آلية المحاصصة والتعيينات الإدارية وكيفية خفض العجز والإصلاح من جهة، وملف العلاقة مع سوريا المجاورة من جهة أخرى.
وتشكل العلاقة مع سوريا بندًا خلافيًا داخل الحكومة، مع إصرار التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل وحليفه حزب الله على الانفتاح على دمشق، ومعارضة الحريري وفرقاء آخرين لذلك.
وتسلم الحريري رئاسة الحكومة في مايو/ أيار 2016، بعد تسوية أتت بميشال عون رئيسًا للبلاد وانتخابات نيابية احتاج الحريري بعدها ثمانية أشهر من المشاورات لتشكيل حكومة الجديدة.
وقد يهمك أيضًا
تصاعُد التظاهرات على الأوضاع الاقتصادية المتأزِّمة لليوم الثاني في لبنان