الرئيس اللبناني ميشال عون

لا يزال لبنان منذ أواخر الستينات من القرن الماضي حتى اليوم مربوطا بأحداث المنطقة وتطوراتها، منذ أيام منظمة التحرير الفلسطينية والقمم العربية التي كانت تُعقد بعد "أيلول الأسود" واشتباك العام 1973 بين الفلسطينيين والجيش اللبناني وصولاً إلى الحروب اللبنانية بكل أشكالها العبثية وما بعدها من اتفاقات وادي عربة إلى أوسلو. واليوم الساعة اللبنانية معلّقة على توقيت مفاوضات فيينا الأميركية ـ الإيرانية، وحتى الآن لم تظهر معالم "ليالي الأنس في فيينا" ليُبنى على الشيء مقتضاه على الساحة اللبنانية حيث نعيش العتمة والإنهيارات السياسية والحياتية والإجتماعية.

وأمام هذه الإنتظارات، فإن التعويل على جولات رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون ونجيب ميقاتي، وتحديداً لإصلاح ذات البين مع المملكة العربية السعودية والخليج من خلال تمنياتهما على المسؤولين الذين التقوهم من الفاتيكان إلى قطر وسواهم، فهذه الجولات لم تفضِ إلى أي إيجابيات أو خرق على خط تلك العلاقات، وهو ما تكشفه مصادر سياسية مواكبة، خصوصا على الخط الخليجي، إذ أسرَّ أحد المسؤولين الخليجيين لسياسي لبناني بأن "الأمور تراوح مكانها والكرة في الملعب اللبناني، وهم يعلمون ماذا نريد، أي وقف الحملات على المملكة والدول الخليجية وكفّ يد "حزب الله" عن تدخلاته في اليمن ودعم الحوثيين وإرساله الممنوعات، وعودة لبنان إلى الحضن العربي وخروجه من المحور الإيراني"، في حين أن زعيماً خليجياً لمّح لرئيس الجمهورية بأن بلاده تتفهم وضع المملكة، والكلام عينه سمعه ميقاتي من أكثر من مسؤول عربي أو غربي.

وتؤكد المصادر لـ النهار" ان اتصالات بالغة الأهمية جرت على خط موسكو - القاهرة في اليومين الماضيين للغاية عينها، إذ أجرى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف سلسلة اتصالات مع كبار المسؤولين الإيرانيين والسوريين لضرورة الضغط على "حزب الله" والإنصياع لرغبة الدولة اللبنانية ووقف تدخله في شؤون الدول الشقيقة والصديقة للبنان وفي طليعتها الرياض وسائر العواصم الخليجية، لأن ما يحصل اليوم يشكل تهديداً للبنان، ولا سيما ارتفاع منسوب إنهياره الإقتصادي وحيث يشكل الخليج الرقم الصعب في دعم هذا البلد. هذا ما نُقل حرفياً عن بوغدانوف.

أما على خط القاهرة، فالجامعة العربية مستمرة في اتصالاتها ومشاوراتها مع الجهات المعنية في لبنان والخليج، ولكن الأجواء التي تُنقل عن مساعد الأمين العام للجامعة السفير حسام زكي، تؤكد صعوبة المهمة، إذ فوجىء زكي بحجم الانحدار الذي لمسه خلال زيارته الاخيرة إلى بيروت، وكذلك بالتعقيدات الهائلة المحيطة بهذا البلد، وخصوصاً سيطرة "حزب الله" على كل مفاصله ومؤسساته، وطالما بقيت الأمور على ما هي، فكيف له أن يفكك الألغام على خط العلاقة بين لبنان والخليج. ولدى مغادرته بيروت قال للذين التقاهم: اعطوني حلاً لأعمل عليه وأزور السعودية فوراً، أي استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي التي قد تكون مدخلاً لولوج الحل مع الخليج، لكن زكي غادر ولا تزال اتصالاته قائمة، والأمر عينه للأمين العام أحمد أبو الغيط ولكبار المسؤولين المصريين من دون تسجيل أي خرق في ظل تفاقم الأوضاع في لبنان واستمرار "حزب الله" بحملاته على السعودية، ناهيك بأن الخلية الإرهابية التي كُشفت في الكويت فاقمت حجم المشكلات الخليجية - اللبنانية.

من هنا تخلص المصادر إلى أن رئيس الجمهورية لن يتمكن من تسجيل أي خطوة في ما تبقّى له من ولايته على صعيد العلاقة مع الخليج، باعتبار ان أكثر من مسؤول سعودي وخليجي يرون أن العهد الحالي هو حليف أساسي لـ"حزب الله"، وثمة "تفاهم" وقّعه عون مع الحزب، أي "تفاهم مار مخايل" لا يزال ساري المفعول، وأنه بات يدعم صهره النائب جبران باسيل لمعركة رئاسة الجمهورية ويعوّل على دور "الحزب" وفائض القوة لديه كما كانت الحال يوم انتُخب رئيساً، وهذا ما أشار إليه مرجع سياسي في مجالسه. 

لذلك فالمسألة في غاية الصعوبة والتعقيدات كثيرة ومتنوعة، ولا حلّ إلا عبر تسوية شاملة، وهذا مرتبط بما ستؤول إليه مفاوضات فيينا النووية، إلى قضايا أخرى، وتحديداً المشاورات والمحادثات التي تحصل في دمشق والتي تتركز بمشاركة روسية فاعلة على عناوين عدة منها موضوع النازحين السوريين في لبنان والأردن، وعودة دمشق إلى الجامعة العربية والإتصالات التي تجري لهذه الغاية وبعضها بعيد عن الأضواء، ولكن يبقى الوضع بين لبنان والسعودية والخليج، مختلف تماماً في هذه المرحلة نظراً الى استعمال إيران عبر "حزب الله" الساحة اللبنانية منصة لرفع سقف شروطها تجاه المجتمع الدولي ومهاجمة السعودية ودول مجلس التعاون، وهذا الامر بات واضحاً ولا يحتاج الى أي اجتهادات.

وسط استمرار الأزمة اللبنانية مع دول الخليج، غرّد وزير الإعلام جورج قرداحي في العيد الخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدّة، قائلاً: "أطيب تحية من القلب، إلى الإمارات الحبيبة، قيادةً وشعباً، بمناسبة عيدها الوطني الخمسين... خمسون عاماً، كأنها خمسون قرناً من الانجاز والتطور والرقي والطموح".وأضاف: "مسيرةٌ، أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد، ورسّخ بنيانها أركان الدولة الذين جاؤوا بعده، ليجعلوا من بلادهم بلاد خير، وسلام وازدهار وتسامح، تشعّ انوارها على العالم".وتوجّه إلى "الأحبة في الإمارات"، قائلاً: "كل عام وانتم بخير، ووطنكم بألف خير".كما عايد الرئيس سعد الحريري دولة الإمارات العربية المتحدة بعيدها الـ50، وغرّد عبر "تويتر"، قائلاً: "مبروك للإمارات شعباً وقيادة ومقيمين، 50 سنة اتحاد وتطوّر وعمران وتنمية".وأشاف:"إنّها إمارات زايد، دولة السهل الممتنع ونموذج الحداثة العربية الذي يجمع الكل على نجاحه في تكريس مفهوم الدولة العصرية المزدهرة، مع المحافظة على روح إماراتية خليجية عربية أصيلة".

  قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

ميشال عون يؤكد أنه سيغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايته وقرداحي سيتصرف على أساس الأفضل للبنان

ميشال عون يدعو قطر إلى الاستثمار في لبنان