طرابلس ـ فاطمة السعداوي
قطعت واشنطن الطريق على مبادرة الإخوان في ليبيا الداعية إلى تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية بالبلاد، من خلال تأكيدها على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها المحدد في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وسط دعم متواصل من مختلف القوى الإقليمية، وبين المشير خليفة حفتر وظل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي المتمثل بنجله سيف الإسلام، يتواتر الجدل في ليبيا حول صاحب الحظ الأقوى بالفوز في الانتخابات المرتقبة، فمن سيصل؟
ودعت الولايات المتحدة، إلى ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا في موعدها المقرر في الرابع والعشرين من كانون الاول/ديسمبر المقبل، ما يعني رفض واشنطن لمبادرة رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري الداعية إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى عام إضافي على الأقل.
وأكد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، دعم واشنطن لاستمرار العملية السياسية في ليبيا وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر، فضلا عن خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
وجاء ذلك في بيان أصدره نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في وقت متأخر مساء الأربعاء.
وذكر البيان أن “وزير الخارجية أنتوني بلينكن يؤكد دعم الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وحثّ القادة الليبيين على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان انتخابات حرة ونزيهة على النحو الذي حددته خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، بما في ذلك الحاجة إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وقانوني”.
وشدد الوزير الأميركي على “دعم الولايات المتحدة للتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020، بما في ذلك خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة على النحو المطلوب في قرار مجلس الأمن رقم 2570”.
وحثّ القرار 2570 على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها بليبيا يوم الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، داعيا كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة (193 دولة) إلى “دعم وتنفيذ اتفاق الثالث والعشرين من تشرين الاول/ أكتوبر 2020 لوقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخير”.
وأكد بلينكن دعم الولايات المتحدة لأن تكون ليبيا “دولة ذات سيادة ومستقرة وموحدة وآمنة خالية من التدخل الأجنبي”.
وافتتح محمد المنفي اجتماع مبادرة “عملية السلام الليبية” في مقر البعثة الألمانية بنيويورك، بمشاركة وزراء خارجية ألمانيا وإيطاليا وفرنسا بالإضافة إلى عدد من وزراء خارجية الدول الشقيقة والصديقة، وحضور وزير الخارجية الأميركي.
وتجاهل الجانب الأميركي مسألة سحب الثقة من الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والذي اعتبره كثيرون أنه قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة.
"حظوظ حفتر لو دخل المعترك الانتخابي هي الأقوى"، كما يقول الباحث السياسي الليبي جمال علي شلوف.
بينما يرى الكاتب والمحلل الليبي إبراهيم بلقاسم إن حظوظ سيف الإسلام ليست قليلة، ويقول إن القذافي "من أكثر الأسماء التي تتردد في الشارع الليبي كمرشح محتمل للرئاسة" وأنه "يحظى بتأييد مطلق من أنصار النظام السابق، وهم شريحة واسعة".
حول العوامل التي تعزز فرص حفتر، يقول شلوف إن هناك جانبين: الأول هو حجم التأييد الشعبي لحفتر والقاعدة الشعبية التي يحظى بها من أنصار المؤسسة العسكرية، أما الجانب الثاني فهو أن قاعدة واسعة جدا من الناخبين ستصوت له "كي لا تستمر فوضى السلاح والميلشيات وخوفا من عودة التيارات الإرهابية مجددا إلى الساحة لو نجح ممثلو التيارات الدينية او الميلشياوية".
وأضاف أن "الخوف من عودة الفصائل الإرهابية وما يرافق ذلك من الحرب على أفراد المؤسسة العسكرية وتأسيس جيوش موازية من الميليشيات سيكون هو الدافع الأقوى لدى الناخبين في منح أصواتهم لحفتر".
وقال إن التيارات المؤدلجة المتحالفة مع الميلشيات والراغبة في استمرار الفوضى تدرك أن حظوظ حفتر هي الأقوى وهو ما دفعها للاعتراض على قانون انتخاب الرئيس الذي يمكّن المشير من الترشح" وكذلك اقتراح معوقات ترشح ترشح حفتر سواء في مناكفات ممثليهم في لجنة الـ 75 أو مقترح قانون مجلس الدولة".
وحول سيف الإسلام يرى شلوف أنه وفي حال ظهوره فعلا، وليس مجرد "طيف" تستعمله بعض الدوائر، سيثير "خوف مناطق ومدن كبيرة ساهمت في قتل والده وإخوته في 2011، وسيكون أهالي تلك المناطق في حالة قلق وخوف من عمليات انتقامية سواء من النجل الأكبر للقذافي أو من أنصاره الذين ما يزالون يستخدمون سقفا عاليا من خطاب الكراهية ضدهم عند حديثهم عن الوضع الحالي واتهام من ساهم في أحداث فبراير بالخيانة وإهانة جهات ومدن ومناطق محددة".
ولذلك يرى شلوف أن حظوظ القذافي سواء في الترشح أو المعركة الانتخابية، إن ترشح، ستكون ضعيفة.
أما عن المرشحين الآخرين فيقول شلوف إن "المرشحين المحتملين للرئاسة من غرب ليبيا سيكونون في معظمهم من متصدري المشهد الحالي السياسي أو الميليشياوي أو الاقتصادي وهم أنفسهم من يراهم الليبيون جزءا أصيلا من المشكلة والأزمة".
ولذلك، كما يقول شلوف، فإن الليبيين "يريدونهم أن يخرجوا من الحياة السياسية وسيقومون بإزاحتهم في صناديق الانتخاب".
أما بلقاسم، فيقول إن أكثر الأسماء التي تتردد في الشارع الليبي هو سيف الإسلام، إلا أن الأخير أمامه عقبة كبيرة وهي وضعه على لائحة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما "قد يكون حجر عثره أمام وصوله إلى الرئاسة" حسب بلقاسم.
وحول حفتر يقول بلقاسم إنه ورغم وجود قواته في 6 دوائر انتخابية من أصل 13 إلا أن أمامه عقبتين أساسيتين في الترشح.
تتمثل الأولى في الجنسية الأميركية التي يحملها، والثانية هي بقاؤه على رأس المؤسسة العسكرية.
ويرى بلقاسم أن من أبرز وأهم الأسماء التي "قد تكون فارقة إذا ترشحت هو رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة والذي بات يتمتع بشعبية واسعة جدا في ليبيا رغم العراقيل التي وضعها البرلمان أمامه". ويقول بلقاسم إن الدبيبة "يحظى بشعبية واسعة حسب استطلاعات الرأي الأولية".
ويقول بلقاسم إن فرص كل مرشح في سباق الرئاسة الليبية "تعتمد على شكل قانون الانتخابات، وقواعدها الدستورية والشروط التي يجب توافرها، والتي من الممكن أن ترجح أحد الأسماء فى هذا السباق, والأهم من هذا أن شروط الترشح ستنزع عن كل مسؤول عن رئاسته لمؤسسته , فيدخل السباق الرئاسي منفردا ويضمن تكافؤ الفرص وليس باسم مؤسسته وهذه مسألة مهمة".
ويضيف بلقاسم أن هناك وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا الذي يستعد لدخول السباق الرئاسي، وبدأ بالتواصل مع الأطراف الفاعلة على الأرض في ليبيا وحشد مؤيدين باعتباره يملك "الوصفة السحرية" للمعالجة الأمنية الليبية، وأنه كان قادرا على مواجهة مراكز القوى في الدولة بحكومة الوفاق الوطني ما أعطاه فرصة ليحصل على شعبية وتأييد كشخصية يتفق عليها المختلفون.
ويرجح أن يتقدم رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري للترشح بوصفه ممثلا لتيار 17 فبراير وقادرا على جمع أنصار هذا التيار تحت رايته في الانتخابات الرئاسية.
ومن الأسماء الأخرى المرشحة أيضا نائب رئيس المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق وسفير ليبيا السابق لدى الإمارات العارف النايض, والاقتصادي الليبي محمد خالد الغويل، ولكل منهم حظوظ وفرص حسب بلقاسم الذي يقول إن "الاحداث في ليبيا حبلى بالمفاجآت".
وسبق أن أعرب رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري عن أمله في تأجيل الانتخابات الرئاسية بسبب ما سماها مخاوف حقيقية من دخول البلاد في حالة من عدم الاستقرار، وذلك بعد إقرار المجلس مشروعي قانون للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها أواخر العام الجاري، ومشروعا للقاعدة الدستورية.
واقترح المشري، في مؤتمر صحافي الاثنين إجراء الانتخابات الرئاسية بعد الاستفتاء على الدستور، قائلا إنه “ليس ضد انتخاب الرئيس من الشعب، لكن هناك مخاوف من حدوث تغوّل ما وإيجاد دكتاتور جديد”.
ولفت المشري إلى أن مستوى التوافق في المجلس الأعلى للدولة بشأن القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية وصل إلى شبه إجماع، رافضا الاتهامات الموجهة للمجلس بالعرقلة.
وكان المجلس قد اعتمد – خلال جلسة عقدها، الأحد في مقره بالعاصمة طرابلس – مشروعي قانون انتخاب الرئيس وانتخاب مجلس الأمة المكون من غرفتين للنواب والشيوخ.
والثلاثاء، أعلن مجلس النواب، سحب الثقة من حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بموافقة تسعة وثمانين صوتا من بين 113 حضروا الجلسة، في خطوة اعتبرها المجلس الأعلى للدولة بـ”الباطلة” لمخالفة إجراءاتها الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، فيما قالت البعثة الأممية بليبيا، إن حكومة الدبيبة تظل معها الشرعية، حتى استبدالها عبر عملية منتظمة تعقب الانتخابات.
وتعهد الدبيبة بإسقاط مجلس النواب الليبي بعد ساعات من إعلان المجلس سحب ثقته من الحكومة، واعتبارها حكومة تصريف أعمال، معلنا أنه “سيواصل مساعيه لإنقاذ البلاد”، في إشارة إلى رفضه الاعتراف بسحب الثقة.
وقال مخاطبا متظاهرين تمت دعوتهم للاحتجاج، إن البرلمان “سيسقط ولن يكون ممثلا لليبيين بهذه الصورة، وسنصل إلى الانتخابات ونعدكم بأن تكون حرّة ونزيهة” واصفا أعضاء مجلس النواب الذين صوتوا على سحب الثقة بـ”المعطلين الذين لا يريدون إلا الحرب والدمار”.
ودعا الدبيبة المواطنين من كافة المدن إلى التظاهر الجمعة القادم للتعبير عن رأيهم، وذلك في خطوة تشير إلى أن “الحرب الباردة”، أو حرب البيانات السياسية والتظاهرات بين الطرفين سوف تزداد تفاقما.
وعلى غرار واشنطن، قال وزراء خارجية ألمانيا وإيطاليا وفرنسا الأربعاء إن إحلال الاستقرار في ليبيا يتطلب إجراء الانتخابات في موعدها، وانسحاب المرتزقة من البلاد.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن “وزراء الخارجية أكدوا خلال الاجتماع على ثلاث قضايا رئيسية لإحلال الاستقرار والسلام في ليبيا”.
وأوضح أن القضايا تتمثل في “ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بموعدها المقرر سلفا في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، والأمر الثاني يتمثل في ضرورة انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، والأمر الثالث هو التمديد السريع لولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا”.
وعادت التوترات مؤخرا، بين مؤسسات الحكم في ليبيا، جراء خلافات بين مجلس النواب من جانب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر، خاصة على الصلاحيات ومشاريع القوانين الانتخابية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
جوزيبي كونتي يحذر من خطورة إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا
في ليبيا الحلول المؤقتة تدوم أحياناً