صنعاء ـ علي ربيع
أعلن تنظيم"القاعدة" في اليمن، أنه استنفد كل وسائله مع الحكومة اليمنية لإقناعها بتطبيق ما أسماه"الشريعة الإسلامية"،وأكد أنه لم يتبق أمامه سوى "الجهاد"، متهماً السلطات بالإعراض عن شروط التنظيم التي كان طرحها في وقت سابق عبر وسطاء قبليين وعلماء دين، منتقداً عدم قبولها التفاوض معه وإقصاء من وصفهم بـ"العلماء" من مؤتمر الحوار الوطني، في الوقت الذي وافقت فيه الحكومة، كما يقول، على مشاركة "جماعة الحوثي"(الشيعية) في الحوار رغم سيطرتها بقوة السلاح على مساحات شاسعة من البلاد. جاء ذلك الإعلان في "فيديو" جديد بثته مواقع على الإنترنت، تابعة لتنظيم"القاعدة"، مساء السبت، يتحدث خلاله القيادي في التنظيم السعودي الجنسية إبراهيم الربيش ومدته 12 دقيقة، فيما ظهر مدوناً عليه أنه مؤرخ في نيسان/إبريل، دون تحديد اليوم. ويعتقد أن إبراهيم الربيش بات يتولى منصب الرجل الثالث في تنظيم "القاعدة" في اليمن وهو منصب"المسؤول الشرعي" الذي كان يشغله القيادي اليمني في التنظيم عادل العباب والذي يرجح أنه لقي حتفه في غارة أميركية بطائرة من دون طيار استهدفته العام الماضي في منطقة الصعيد في محافظة شبوة(جنوب شرق اليمن). وأكد الربيش في"الفيديو" أن (تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب) لن يتخلى عن سلاحه مالم يتحقق ما أسماه"حكم الشريعة" وقال" "لن نضع أسلحتنا حتى نحكم بشريعة ربنا أو نهلك دون ذلك". وكشف الربيش تفاصيل اتفاق سابق حاول تنظيم "القاعدة" أن يبرمه مع الحكومة اليمنية، العام الماضي ووافق عليه رئيس جهاز الأمن السياسي(المخابرات) غير أن الحكومة ماطلت في التوقيع عليه قبل أن ترفض ذلك بشكل نهائي. وقال"في شهر ذي القعدة من العام الماضي عام 1433 جاءنا مجموعةٌ من المشايخ وهم المشايخ: عبد الله البنا، وأمين جعفر، ومحمد الوادعي، وصالح الوادعي. وعرضوا علينا هدنةً تكون بيننا وبين الحكومة اليمنية، نكف فيها عن قتالها وتكف عن مطاردتنا، وتفك أسرانا ونتحرك بحريتنا. وذكروا أنهم قد قابلوا مدير الأمن السياسي(اللواء غالب القمش) وعرضوا الأمر عليه وأنه قد أبدى الموافقة على ذلك، ورد عليهم المجاهدون بأنّ الشروط المطروحة شروطٌ شخصية نعرف طريق تحقيقها لو أردنا ذلك، وإنما مشروعنا مشروع أمّة، فإن تحققت مصلحة الأمّة فنحن لها تبع، عندها قال قائلهم: اكتبوا شروطكم ومطالبكم ونحن نوصلها إلى الحكومة". وأوضح الربيش في خطابه المسجل بالصوت والصورة" أن التنظيم طرح 12 شرطاً في الاتفاق الذي جوبه برفض مطلق من الرئيس عبدربه منصور هادي، من بينها"تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع نواحي الحياة"،إلى جانب تجميد المواد الدستورية التي قال إنها "مخالفة للشريعة" و"الحفاظ على سيادة البلد بطرد جميع مظاهر الاحتلال الأميركي برًا وبحرًا وجوا ومنع السفير الأميركي من التدخل في شؤون البلد". حسب قوله. ومن تلك الشروط التي عددها القيادي في "القاعدة"إزالة جميع المنكرات الظاهرة كالبنوك الربوية وكذلك جميع مظاهر الفساد العقدي والأخلاقي في الإعلام والسياحة"، بالإضافة إلى فرض رقابة على من وصفها بـ"المنظمات الكافرة العاملة في البلد وطرد من يثبت قيامها بالتجسس أو التنصير أو الفساد الأخلاقي". واشترط التنظيم، بحسب الربيش، استقلالية القضاء والإفتاء، وإلغاء الضرائب والصفقات المجحفة في ثروات البلد وان تكون الثروات بيد المشهود لهم بالأمانة، بالإضافة إلى الإفراج عن مساجين "القاعدة" الذين وصفهم بـ"أن عليهم قضايا أو عليهم قضايا مرتبطة بالجهاد في اليمن أو في الخارج". وذكر الربيش أن التنظيم اشترط حينها،"هدنة مدتها ستة أو ثمانية أشهر، بضمانة مشائخ ووجهاء،" إلا أنه لم يتم التوقيع عليها من قبل الحكومة رغم توقيع زعيم التنظيم ناصر الوحيشي عليها، وقال" كنا ننتظر، وكانت الحكومة تماطل بحجة انشغال الرئيس، ثم تم الاتفاق على الخامس والعشرين من شهر صفر من عام 1434 أن يكون ذلك اليوم آخر مهلةٍ للتوقيع، وفيما كنا ننتظر مصير الهدنة رأينا الجواب من الحكومة على أرض الواقع، فحملةٌ عسكريةٌ في مأرب، وبوادر حملةٍ عسكرية في رداع، وقصفٌ أميركي في مأرب وفي شبوة وفي حضرموت، وكأنّ الحكومة تريد أن تقول لنا: هذا هو السبيل إلى تحكيم الشريعة إذا كنتم تريدون". وأضاف القيادي في "القاعدة" بالقول" ولمّا جاء ذلك اليوم فوجئ العلماء بعدم توقيع الحكومة على الهدنة. وفي الحقيقة لم نستغرب عدم توقيع الحكومة فلقد استغربنا موافقتها المبدئية مع علمنا أنها لا تستطيع أن تخرج عن الإرادة الأمريكية، وإنما وقعنا لتعلم الأمّة أننا مستعدون لإيقاف القتال إذا حُكِّم شرع الله، وليظهر لعامة المسلمين أنّ هذه الحكومة قد ربطت قرارها بقرار أميركا". وانتقد الربيش قبول السلطات اليمنية الحوار مع جماعة الحوثي(الشيعية) ورفضها التعاطي مع التنظيم وقال" إن الحكومة تتحاور مع الجميع إلا مع من يريد شرع الله" وأضاف "إن زعمها بحمل تنظيم "القاعدة للسلاح" يتنافى مع إشراكها لجماعة الحوثيين المسلحة في مؤتمر الحوار الوطني رغم انها لا تزال تحمل سلاحها وتسيطر على أراضٍ واسعة". وووصف الربيش القتال بين تنظيم "القاعدة" والحكومة اليمنية بأنه" قتال بين طائفتين، الأولى مسلمة تقاتل في سبيل تحكيم شريعة الله، وأخرى تقاتل في سبيل فرض القوانين الوضعية والحفاظ على المصالح الأمريكية". على حد قوله. وانتقد القيادي السعودي في "القاعدة" عدم موافقة الرئيس هادي على الهدنة المقترحة وطريق تعامله مع من وصفهم بـ"العلماء"، بالإضافة إلى"تهميشهم في مؤتمر الحوار الوطني" وقال" بيّنتْ هذه الأحداث طريقة تعامل الحكومة مع العلماء حيث انشغل الرئيس عنهم بتوافه الأمور ولم يكلف نفسه إظهار حسن النية بمقابلتهم والاعتذار إليهم وإنما أعرض عنهم إعراضًا" في إشارة إلى لجنة الوساطة التي رفض هادي مقابلتها للتوقيع على الهدنة مع التنظيم. وأضاف الربيش" وفي مؤتمر الحوار بدلاً من أن يكون للعلماء الدور الفاعل في الحوار إذا بهم يكونون على الهامش، ثم وبكل وقاحة يتكلم السفير الأميركي ليبيِّن لنا من الذي يُرحّب به في هذا الحوار ومن الذي لا يُرحّب به، ليدلنا ذلك دلالةً واضحة أنّ البلد تدار من داخل السفارة الأميركية" في، إشارة منه إلى تصريحات للسفير الأميركي في صنعاء جيرالد فايرستاين كان رفض خلالها مشاركة رجل الدين المثير للجدل الشيخ عبدالمجيد الزنداني والمتهم بعلاقاته غير المباشرة مع "القاعدة"في مؤتمر الحوار الوطني الدائر في اليمن. وخلص المسؤول البارز في "القاعدة" إلى التأكيد على أنه لم يبق أمام التنظيم سوى مواصلة الجهاد ضد الحكومة اليمنية، وقال"تبيّن بعد كل هذا أنّ الحجة في تحكيم الشريعة قد قامت على هذه الحكومة وأنها قد أعرضت عنها وأنّ الوسائل السلمية قد استنفدت فلم يبق إلا إعلان الجهاد في سبيل الله". وكان تنظيم"القاعدة" في اليمن، قد بث قبل أيام تسجيلاً صوتيًا للرجل الثاني في التنظيم السعودي سعيد الشهري، ليدحض الأنباء التي كانت أوردتها مصادر سعودية نقلاً عن مقربين من محيط عائلة الشهري،وأكدتها السلطات اليمنية، في كانون الثاني/يناير الماضي عن مقتله متأثراً بجراحه جراء إصابته في غارة جوية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. في حين أكدت مصادر مقربة من تنظيم "القاعدة" في اليمن بأن التنظيم نفسه كان وراء إشاعة خبر مقتل الشهري في إطار خطة محكمة لتفكيك شبكة جواسيس تعمل مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية سي آي إيه". وحسب تلك المصادر "أدت تلك الإشاعة إلى إلقاء القبض على جاسوس يعمل مباشره مع مخابرات الأمريكان، في حضرموت(شرق اليمن)، مشيرةً إلى أنها نجحت في تمكين عناصر التنظيم من " تفكيك شبكة جواسيس معقدة جداً" كانت تعمل، على حد قولها، لصالح المخابرات الأميركية.