القاهرة ـ علي رجب
انتقدت جبهة "الإنقاذ" المعارضة في مصر، و"الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية"، بشدة مشروع قانون الجميعات الأهلية الجديد، واعتبرته الأكثر تقييدًا من نظيره في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وأنه يسعى إلى إعادة إنتاج الدولة البوليسية.وقالت الجبهة التي تضم أحزابًا يسارية وليبرالية، في بيان لها، السبت، "إن القانون يهدف إلى تقييد الجميعات الأهلية، وأن إنشاء إنشاء فروع للجمعيات بالخراج يهدد الأمن القومي، وأن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي تدعمه جماعة (الإخوان المسلمين) هو محاولة لتقييد نشاطها، وإن مشروع القانون الذي قدم إلى مجلس الشورى، الذي يتولى السلطة التشريعية حاليًا إلى حين انتخاب مجلس نواب جديد، أكثر تقييدًا من القوانين التي كانت سارية في عهد مبارك، حيث يسعى إلى إعادة إنتاج الدولة البوليسية عن طريق تقنين دور الأمن في الرقابة على عمل الجمعيات الأهلية"، مشيرة إلى أنها ستدعم مشروع قانون آخر صاغه ائتلاف يضم 50 من منظمات المجتمع المدني. ووجهت جماعات حقوق الإنسان أيضًا انتقادات واسعة لمشروع القانون، الذي ينص على وجوب خضوع المنظمات غير الحكومية لإشراف لجنة تضم بين أعضائها ممثلين لأجهزة أمنية، كما سيتعين عليها أن تحصل على إذن رسمي لتلقي تمويلات من الخارج، مشيرة إلى أن القانون قد يسمح لتلك الجهات برفض تمويلات المنظمات الحقوقية التي تراقب الانتخابات أو تعمل على مكافحة التعذيب، موضحة أن "هناك موقف متعنت من النظام الحاكم مبعثه هو غياب الإرادة السياسية لأخذ أي مبادرة إصلاحية نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان". وحذر الأمين العام للاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية في المنيا، خيري فؤاد، من المواقفة على إنشاء فروع للجمعيات الأهلية في الخارج، لأنها ستشكل خرقًا للأمن الوطني، وتهدد الوحدة الوطنية، مطالبًا بإنشاء لجنة عليا يمثل فيها الاتحاد العام للجمعيات والاتحادات الإقليمية لمتابعة التمويل الخارجي، وتوجيهه إلى المجتمعات الريفية، وبخاصة في الصعيد، لتحقيق تكافؤ الفرص. وأكد نائب رئيس الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية في المنيا، مجدي يوسف، خطورة القانون المقترح من قصر رئاسة الجمهورية للجمعيات، وقال "إنه سيفتح باب الصراع الطائفي والديني على مصراعيه، لا سيما وأنه يتضمن فكرة الهيئة الجامعة التي تسمح بانضمام أعضاء أجانب من حقهم جمع أموال وتبرعات من الخارج، بما يخدم ويكرس لفكرة التنظيم العالمي لجماعة (الإخوان المسلمين)، وأن القانون المقترح به الكثير من العوار، مثل اعتبار جميع الجمعيات ذات نفع عام، رغم أن معظمها لا يحصل على أموال من الدولة، وتعمل بالجهود الذاتية، كما أن منح صفة الضبطية القضائية للموظفين الإداريين غير المؤهلين سينشر الفساد والرشوة، ويجبر غالبية الجمعيات على ترك العمل المدني، وأن القانون المقترح به خرق واضح في ما يتعلق بالمنح الأجنبية والداخلية، فإطلاق مصطلح الهيئة الجامعة الذي يسمح بانضمام أعضاء أجانب مفصل على مقاس جماعة (الإخوان) من دون غيرها، ويهدد الأمن القومي لمصر، لأنه يعطي الحق للأعضاء الأجانب في جمع أموال وتبرعات من الخارج الهدف منها دعم توجهات وأيدلوجيات معينة، وأن هناك قيودًا غير منطقية تم وضعها على المنح بشكل يغلّ يد العمل الأهلي، ويهدف إلى غلق الجمعيات الأهلية لأبعاد سياسية، أبرزها أهمية الدور الذي تلعبه في تنمية عقول الشعب والشباب، بعد أن اتضح للجميع أن المجتمع المدني ينافس الحكومة في تقديم المشاريع القومية". وقال يوسف، "نحن لا نعترض مطلقًا على أي نوع من الرقابة لأننا نعمل في النور، وطالبنا خلال مفاوضات تمت مع قيادات في وزارة الشؤون الاجتماعية واللجنة التشريعية في مجلس الشورى بتعديل بعض بنود القانون المقترح، وحذرنا من دخول مصر في صراع ديني وطائفي في حال إقراره، وأن الهيئة الجامعة تخدم مؤسسة (الإخوان المسلمين) فقط، فهم تنظيم دولي ولديهم أعضاء في جميع أنحاء العالم، وسيدفع ذلك آخرين إلى تطبيق الفكرة بما تحمله من مخاطر، لنرى مستقبلًا هيئة جامعة كاثوليكية، وأخرى أرثوذكسية، ويليها شيعية، وأقول للمرشد وللرئيس رفقًا في مصر، لأنها ستبقى دولة مدنية تحتضن كل الأديان. ورأى رئيس اللجنة القانونية في حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، مختار العشري، إن "مشروع القانون من شأنه أن يكفل الحرية للمنظمات غير الحكومية، وأن أجهزة الأمن لن تساهم إلا بعضو واحد من الأعضاء التسعة في اللجنة المعنية بالإشراف على أنشطة هذه المنظمات وتمويلاتها". وأفادت مفوض الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، في وقت سابق من الشهر الجاري، وأن مشروع القانون يهدد بخيانة مبادئ الثورة المصرية التي اندلعت في 2011،وأن الحكومات التي تقيد عمل المجتمع المدني تؤدي إلى "مخاطر الانزلاق السريع نحو النظام المتسلط". وواجهت المنظمات غير الحكومية في عهد مبارك صعوبة في تلقي تمويلات من الدول الغربية، واستمر العمل بهذه القيود بعد سقوطه، وفي العام الماضي أثناء قيام المجلس العسكري بإدارة شؤون مصر بشكل موقت، أجري تحقيق في عمل بعض المنظمات غير الحكومية، ومن بينها منظمات تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها، مما أدى إلى وجود أزمة مع واشنطن.